ولا أعني به،المشي السريع الذي دخل ضمن ألعاب القوى العالمية عام1961 م للرجال ، وعام1979 م للنساء،
أنما المشي الحركي المعروف المشاهد في ممرات مخصصة،الذي يومه العالمي 30 / نوفمبر من كل عام ، وللأسف أنه لم يعط حقه من الاهتمام لا من وزارة الصحة ، ولا من الهيئة العامة للرياضة ، ولعل الاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية يوسع قاعدة ممارسي رياضة المشي بشكل منتظم. ومن فوائد المشي العديدة،تقليل الشعور بالقلق والتوتر؛ فالجسم أثناء المشي يفرز مادة الإندروفين، والتي تساعد على تخفيف الضغط الجسدي والنفسي…
فيخلص الجسم من الطاقة والأفكار السلبية، ويجعله أكثر إيجابية وتفاؤلاً،
وترتبط ثقافة المشي عند المثقفين بأنها المركز الرئيسي للأفكار ، فالأفكار تأتي مع المشي، لذا يقال “المشي مع كبار الفلاسفة” فالمشي يخفف التوتر الذهني، ويزيد التأمل بحرية، ويفتح الآفاق ،ومن الكتاب والمفكرين من جاءته الأفكار فجأة وهو يمشي… فحولها مكتوبة، كمؤسس العقل الأوروبي وربما العالمي الحديث كله: “إيمانويل كانط”الذي كان يمشي كل يوم الساعة الخامسة مساء حتى أصبح الناس يضبطون ساعتهم على خروجه من منزله ،وكذلك”جان جاك روسو” المفكر الذي اشتهر بعادة المشي وحب النزهات والجولات .
وارتبط المشي في التراث الإسلامي بالبحث عن الرزق ، والسعي في طلبه ،وقد يكون المشي في طلب العلم : قال محمد بن طاهر المقدسي بُلت الدمَ مرتين في طلب الحديث إذ مشيت حافياً في بغداد ومكة …
وحفظت المكتبة الحديثية لنا مقولات وقصصاً عن المشي، فعنْ أبي هُريرةَ رضي الله عنه: أنَّ رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: لا يَمْشِ أحدُكُم فِي نَعْلٍ واحِدَةٍ، لِيَنْعَلْهُما جمِيعًا أوْ لِيَخْلَعْهُمَا جمِيعًا،وعنه رضي الله عنه قَال: سمِعتُ رسُول الله عليه وسلم يَقُولُ: إذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ أحدِكُمْ فَلا يَمْشِ في الأُخْرى حتَّى يُصْلِحَهَا رواهُ مسلم.
ومن أخلاق الكبار، مايروى عن ابن مناذر:” كنتُ أمشي مع الخليل فانقطع شِسْعُ نعلي فخلع نعله، فقلتُ له: ما تصنع؟ قال: أواسيك بالحفاء.
وقال أحدهم : إنما جعلت غضبي في نعلي إذا سمعت ما أكره أخذتهما ومشيت .
ومن مشى مع إنسان فإن كان أكبر منه وأعلم ، مشى عن يمينه يقيمه مقام الإمام في الصلاة، وإذا كانا سواء استحب أن يخلي له عن يساره حتى لا يضيق عليه….كما قال ابن عقيل الحنبلي رحمه الله، والتابع يمشي عن يمين المتبوع. كما حكي في الأدب عن الإمام أحمد رحمه الله:انتهى .
قلتُ : وليس كل مشي ، مشياً حركياً عضلياً ، فقد أتى علي حين من الدهر ،منذ 20 سنة وأنا أسمع هذا الحديث: “إنَّ خيرَ ما تداويتُم به اللَّدودُ والسَّعوطُ والحجامةُ والْمَشِيُّ ….” رواه الترمذي، وكنتُ أظن أنه المشي الحركي العضلي،وفجأة وجدتُ الحديث: وتفاجأت أن المراد: هو شُرب شَربة السنا،إذ تمشّي البطن،والناس تقول:امش مشّاك بطنك… ! قلتُ صدق إبراهيم البليهي:أن الأصل في الإنسان الجهل،أما العلم فهو حالة طارئة، فهو حالة طارئة
.بقلم الدكتور / علي يحيى السرحاني>