الدكتور / صالح الحمادي
عادت بي الذاكرة أربعين عاما للوراء عندما كنت أشاهد صرح كلية التقنية بأبها خاويا على عروشه في ذلك الوقت وربطت ذلك الواقع الموحش مع الواقع المبهج حاليا وما أصبحت عليه كلية التقنية بأبها وبقية الكليات كقياس منطقي على مسارات رؤية السعودية 2030 المرتبطة بالتقنية والنظرة الشمولية لأهمية إعداد الأجيال الموهوبة لسوق العمل والبدء الفعلي في الإحلال بخطة واقعية لا ترتبط بخطة الغفيص نهائيا.
قبل أربعين عام كانت إدارة التعليم تستعد لإقامة حفلها السنوي بحضور الأمير خالد الفيصل وتم الاتفاق على إقامة الحفل على مسرح كلية التقنية الجديد بتصميمه الراقي في حينها عندها طلب مدير المعهد قبل أن تصبح كلية تقنية منحه فرصة إلقاء كلمة فأعتذر منه القائمون على الحفل لضيق الوقت وزحمة فقرات الحفل لكن مدير المعهد أصر على طلبه وشرح لمدير التعليم أزمة ضعف الإقبال فتمت الموافقة المشروطة بالاختصار وقد كان حيث وقف على المسرح وأشار إلى تكاليف هذا المشروع وأكد أن نسبة الاقبال ضعيفة بل لا تستحق الذكر وطالب في حينها من أولياء الطلاب ومسئولي التعليم حث الشباب على الاقبال على التعليم المهني وكنت شاهد عصر على هذه الاحداث.
الآن وبعد مرور أربعة عقود أصبحت كليات التقنية تخرج دفعات مدربة ومهيأة لسوق العمل ومخرجاتها تتفوق على مخرجات كبرى الجامعات لدينا وأصبحت المفاضلة للتوظيف تتجه لخريجي كليات التقنية ولا قيمة لخريجي الكليات النظرية التي تفاخر جامعاتنا بعدد الليمون في أقسامها النظرية التي تغني ولا تسمن من جوع ومهمتها محصورة في رفع نسبة طوابير العاطلين عن العمل ليس إلا.
رموز الفكر والقلم بمنطقة عسير زاروا كلية التقنية بمدينة أبها وشاهدوا مستقبل الرؤية 2030 على حقيقته واستمعوا لتفاصيل العمل والجهد المبذول لتقديم الجيل الجديد لسوق العمل بجودة عالية تشمل أربعة ألاف متدرب حاليا.
تغيرت الموازين وأصبحت جامعاتنا تقبل كل من هب ودب وأصبحت كليات التقنية تفرز الصالح من الطالح وتختار بعناية فائقة وتقدم ترجمة جميلة لخطة التحول الوطني 2020 واستراتيجية الرؤية 2030 بشكل مبهج ومطمئن ولو قلدتها بعض جامعاتنا فلا ضير في ذلك ولو تم عمل رصد لمخرجات كل جامعة من خلال أرصفة الانتظار فسيكون التنافس بين هذه الجامعات على الهروب من الصدارة العددية السالبة وستكون النتائج موجعة بل مؤسفة.>