بقلم أ. أحمد عسيري
أبها سيدة المدن الخضراء، وأيقونة الشعراء والعشاق والحالمين، وترنيمة الضباب والسحاب والمطر، وهودج الحسن والمزن وحكايا العصور، أبها فجر الألفة وقنديل الوقت، وحفيف الضوء ورغيف السعادة، كان أهلها يهجعون وينامون مبكرا ليتركوا فسحة لليل كي تهمس فيه الأشجار وتبوح بعطرها، وتبلل فيه الغدران عتبات بيوتها، وتجوب الفراشات سلال حنطتها، حين تمشط أبها شعرها تحتفل الحقول والعصافير وأسراب القطا، وأباريق الفصول وأعراس السنابل، في حضرة أبها لا تنام إلا قليلا تسهرك الحكايا المشوقة والذكريات الغائبة وأصداء التناهيد والزفرات الحرى، أقرأ ما يكتبه المغرمون بهذه الفاتنة في مواقع التواصل الاجتماعي، أحس في طروحاتهم الشجن الخافت وحضور الأرواح المتعبة وهم يتساءلون عن تاريخ مدينتهم الاجتماعي، ولماذا لم يدون ويسجل ويكتب؟ بعد أن أصبح كباقي الوشم في ظاهر اليد، فللأزمنة والأمكنة ذاكرة لا يمحوها الغبار وغابات الأسمنت وعربات التمدن، ولذا سنطرح بعض التساؤلات عن عدم قدرتنا على إمساك وامتلاك المعرفة عن تاريخ بلدية أبها ومجلسها البلدي كثاني بلدية أسست في المملكة، أول (طبابة) مستوصف وأشهر الأطباء والممرضين العاملين فيه، دور (النزل) والضيافة (المعزبات)، أول سيارات دخلت المدينة وأشهر سائقيها، أشهر البيوتات التجارية وأسر العلم، الساحات أو البسطات وما يسمي في الحجاز (برحات)، تاريخ الحركة الرياضية ورموزها (لاعبين وإداريين )، تاريخ التعليم النظامي في المدينة ورواده، أشهر المساجد في المدينة والقائمين عليها من الأئمة والمؤذنين، كيفية إضاءة المدينة قديما في الأحياء والطرقات، أشهر (المدكنة) ممن امتهن التجارة في الدكاكين ومواقعها في الأحياء، الخياطين ومهندسي الساعات والروادي والدوافير، أول سعاة للبريد، أول الصحفيين ومراسلي الصحف، العادات والتقاليد المتوارثة في الأفراح والمناسبات، بداية استخدام مدفع رمضان وأشهر العاملين عليه وتحديد موقعه، أسماء العمد والعسس والخراصين، مذيعي وخطباء المنابر في الحفلات الرسمية، أشهر المأذونين وعاقدي النكاح، أشهر البساتين والغدران التي تحيط بالمدينة، أسماء الحصون والقلاع والقشلات، أشهر الخيالة والفروسية من أبناء المدينة، أسماء المشاركين في حملات التوحيد وخوض المعارك والحروب، أول ناد أدبي في الخمسينات الهجرية وأسماء أعضائه، أول مكتبة تجارية في أبها، أشهر المعالجين والمعالجات بالطب الشعبي، أشهر المسمعين القادرين علي تحديد مواطن الماء في الآبار، الحرفيين العاملين في الصناعات التقليدية، أشهر البنائين للعمارة الطينية والحجرية، أشهر العاملات في فن (القط) وتزيين جدران المنازل الداخلية، المهمشين والبسطاء والدراويش، أول عمال وعاملات النظافة،أشهر الأحياء الشعبية ، الفنادق والصيدليات والمقاهي،الحلاقون ومحلات العطارة والمخابز والمطابخ ،آلات الطرب والفنون الشعبية والألعاب التي كانت تمارس في ليالي السمر. كل هذا وغيره يدون في موسوعة اجتماعية إذا عادت الذاكرة لأهل أبها، واستعادوا شيئا من الموارب والغائب والمطمور من موحيات مدينتهم.
رائع استاذ أحمد
اعتقد إدعاء المثالية وازدواجية الشخصيه والانبهار بالاخر جعل اهل أبها يتنكرون لماضيهم ويجاملون حاضرهم على حساب انفسهم ومن أجل الاخر اعتقد اهل أبها وهم قله فعلا الان الى انتفاضه الان تجاهه مدينتهم تجاه ماضيهم لا الغابات الخرسانية انصفتهم ولا احترمنا الطبيعة