عبدالله سعيد الغامدي.
اَلْحَمْدِ وَالشُّكْرِ لِلَّهِ أَنْ أَدْخَلَ عَلَيْنَا رَمَضَانْ اَلْخَيْرُ وَنَحْنُ نَنْعَمُ بِالصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ فَجَدِيرٍ بِنَا اِسْتِغْلَالُ هَذِهِ اَلْمَوَاسِمِ اَلْإِيمَانِيَّةِ بِتَنْقِيَةِ اَلْقُلُوبِ وَالْإِقْبَالِ إِلَى اَللَّهِ بِقَلْبٍ نَقِيٍّ لَا يَحْمِلُ بِدَاخِلِهِ غَيَّرَ اَلْحُبُّ وَالسَّلَامُ لِلْبَشَرِيَّةِ وَالْعَمَلِ عَلَى صِدْقِ اَلتَّوْبَةِ وَمَحْوِ اَلذُّنُوبِ ، فَقَدْ قَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا : ( أَنَّكَ لَنْ تَلْقَى اَللَّهَ بِشَيْءِ خَيْرِ مِنْ قِلَّةِ اَلذُّنُوبِ ، فَمِنْ سِرِّهِ أَنْ يَسْبِقَ اَلدَّائِبُ اَلْمُجْتَهِدُ فَلِيُكَفّ نَفْسهَ عَنْ كَثْرَةِ اَلذُّنُوبِ ) . اَللَّهُ – عَزَّ وَجَلَّ – فَضْلْ شَهْرِ رَمَضَانْ عَلَى سَائِرِ اَلشُّهُورِ ، وَجَعْلَ أَيَّامِهِ مِنْ خَيْرِ أَيَّامِ اَلْعَامِ ، وَلِذَلِكَ يُعَدُّ فُرْصَةً عَظِيمَةً لَمِنْ أَرَادَ اَلْإِقْبَالُ عَلَى اَللَّهِ تَعَالَى وَالِاسْتِزَادَة مِنْ اَلْعِبَادَةِ . وَلْنَجْعَلْ شَهْرَ رَمَضَانْ فُرْصَةً لِلتَّغْيِيرِ اَلْأَخْلَاقِيِّ فَهُوَ بِطَبِيعَتِهِ يَغْرِسُ فِي اَلْمُسْلِمِينَ اَلْأَخْلَاقَ اَلْحَمِيدَةَ ، وَالنَّبِيُّ – صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَكَّدَ لَنَا عَلَى ذَلِكَ . . . وَيَقُولَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ( إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدُكُمْ ، فَلَا يُرْفَث وَلَا يَفْسُقُ ، فَإِنَّ سَابَّهُ أَحَد أَوْ قَاتِلِهِ ، فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ ، إِنِّي صَائِمٌ ) ) . وَهَذِهِ دَعْوَةٌ لِلْعَفْوِ وَالتَّسَامُحِ ، وَمُبَادَلَةُ اَلسَّيِّئَةِ بِالْحَسَنَةِ . وَرَمَضَانْ يُرَبِّي فِينَا مَعْنَى اَلتَّرَابُطِ وَالتَّآخِي وَالشُّعُورِ بِالْآخَرِينَ ، قَالَ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ( مِثْلُ اَلْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مِثْلٍ اَلْجَسَدِ إِذَا اِشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٍ تَدَاعَى لَهُ سَائِرِ اَلْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ) ) . يَتَعَوَّدَ اَلْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ اَلْفَضْلِ حِينَمَا يُمْسِكُونَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ، وَيُفْطِرُونَ فِي آنٍ وَاحِدٍ ، وَيَشْعُرَ اَلْغَنِيُّ بِجُوعِ اَلْفَقِيرِ ، وَيَقِفَ اَلْجَمِيعُ مُصْطَفَيْنَ فِي صَلَاةِ اَلْقِيَامِ يَدْعُونَ رَبًّا وَاحِدًا وَقُبْلَتُهُمْ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى وَاحِدَة . وَرَمَضَانْ فُرْصَةً عَظِيمَةً لِكَظْمِ اَلْغَيْظِ وَالْعَفْوِ عَلَى اَلنَّاسِ ؛ لِأَنَّهُ يَعُودُ اَلْمُسْلِمُ عَلَى اَلصَّبْرِ وَالتَّحَمُّلِ ، فَمَنْ يَسْتَطِيعُ اَلصَّبْرُ عَلَى اَلْجُوعِ وَالْعَطَشِ مَعَ شِدَّةِ اَلْحَرِّ ، يَسْتَطِيعَ أَنْ يَكْظِمَ غَيْظُهُ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَى غَيْرِهِ ، كَمَا قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى فِي وَصْفِ أَهْلِ اَلْإِيمَانِ : ( اَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي اَلسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ اَلنَّاسِ وَاَللَّهِ يُحِبُّ اَلْمُحْسِنِينَ ) وَيَقُولُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ( مِنْ كَظْمِ غَيْظِ وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَفِّذَهُ ، دَعَاهُ اَللَّهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ عَلَى رُؤُوسِ اَلْخَلَائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي أَيِّ اَلْحُورِ شَاءَ ) ) . اَللَّهُمَّ تَقْبَلَ مِنَّا صِيَامُنَا وَقِيَامُنَا وَصَالِحُ اَلْأَعْمَالِ وَالْأَقْوَالِ