بقلم الكاتب / أحمد الثقفي
مع دخولنا إلى عقد جديد في 2020، شهد العالم تسارعاً هائلاً في تطور التكنولوجيا، لاسيما في مجالات التطبيقات الرقمية التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية. بدءاً من تطبيقات الترفيه والإنتاجية وحتى الرعاية الصحية والتعليم، ازدهرت هذه الأدوات وحققت نقلة نوعية خلال فترة الجائحة العالمية وما بعدها، مما عزز أهميتها في حياتنا اليومية. كان لجائحة كوفيد-19 دور كبير في تحفيز هذه التطبيقات وتوسيع نطاق استخدامها، حيث باتت الحاجة ملحة للتكيف مع التباعد الاجتماعي والحجر الصحي، وهو ما قاد إلى ظهور عدد كبير من التطبيقات الرقمية التي تقدم حلولاً متعددة القطاعات.
1. التطبيقات الصحية: دعم في زمن الجائحة
لقد كانت التطبيقات الصحية من بين أبرز الابتكارات التي ظهرت لمواجهة تحديات الجائحة. مع انتشار فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، كانت الحاجة إلى حلول تقنية لتتبع الإصابات وإدارة الرعاية الصحية ملحة للغاية. ظهرت تطبيقات مثل “توكلنا” في السعودية و**“COVIDSafe”** في أستراليا، والتي مكنت الحكومات من مراقبة انتشار الفيروس وتحذير المستخدمين من مخاطر التعرض للإصابة. كما ساهمت تطبيقات مثل “MySejahtera” في ماليزيا و**“NHS COVID-19”** في المملكة المتحدة في تسهيل عملية إدارة اللقاحات وتقديم معلومات محدثة عن الفيروس.
إلى جانب ذلك، انتشرت تطبيقات “جواز السفر الصحي” مثل “Immunity Passport” و**“CommonPass”**، والتي أتاحت للمسافرين والمستخدمين عموماً توثيق حالات التطعيم أو الفحوصات بشكل رقمي، مما ساعد في تسهيل التنقل بين البلدان التي بدأت في فرض قيود السفر استناداً إلى الحالة الصحية للمسافرين.
2. التطبيقات التعليمية: التحول نحو التعليم عن بُعد
مع إغلاق المدارس والجامعات نتيجة للوباء، أصبحت التطبيقات التعليمية الركيزة الأساسية لاستمرار العملية التعليمية. كانت تطبيقات مثل Microsoft Teams وGoogle Classroom من أبرز الأدوات التي استخدمتها المؤسسات التعليمية لإدارة الفصول الدراسية الافتراضية وتسهيل تواصل الطلاب مع المعلمين. هذه التطبيقات لم تكن جديدة تماماً، لكنها شهدت زيادة هائلة في الاستخدام خلال الجائحة.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت منصات التعليم الإلكتروني مثل Coursera وUdemy وedX إقبالاً غير مسبوق، حيث لجأ ملايين الطلاب والموظفين إلى تحسين مهاراتهم عبر الإنترنت أثناء فترات الحجر الصحي. قدمت هذه المنصات دورات تدريبية متنوعة تغطي مختلف المجالات، مما ساعد على استمرارية التعليم في ظل الظروف الصعبة.
3. التطبيقات الاجتماعية والتواصل
عندما أجبر الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي الناس على البقاء في منازلهم، ازدهرت التطبيقات الاجتماعية والتواصل الفوري. كانت تطبيقات مثل WhatsApp وTelegram وSignal توفر وسيلة سهلة للتواصل مع الأصدقاء والعائلة في أي مكان في العالم. إضافةً إلى ذلك، اكتسبت تطبيقات الاجتماعات الافتراضية مثل Zoom وMicrosoft Teams وGoogle Meet شهرة واسعة في بيئات العمل والتعليم، حيث ساعدت الشركات والمؤسسات في الحفاظ على سير الأعمال عن بُعد.
أما في مجال التواصل الاجتماعي، فقد شهدت تطبيقات مثل Instagram وTikTok نمواً هائلاً في عدد المستخدمين، حيث لجأ الناس إلى هذه المنصات للتعبير عن أنفسهم ومشاركة لحظاتهم أثناء العزل. بالإضافة إلى ذلك، برزت تطبيقات جديدة مثل Clubhouse التي اعتمدت على التواصل الصوتي الحي، مما خلق تجربة جديدة وفريدة للمستخدمين الذين يبحثون عن تفاعل مباشر.
4. التطبيقات الترفيهية: قفزة في البث الرقمي
كان قطاع الترفيه من أكثر القطاعات التي شهدت تطوراً ملحوظاً خلال الجائحة. في ظل الإغلاق وتوقف دور السينما والحفلات الموسيقية، ارتفعت معدلات استخدام خدمات البث الرقمي بشكل كبير. أصبحت منصات مثل Netflix وDisney+ وAmazon Prime Video البديل الأساسي لمشاهدة الأفلام والمسلسلات في المنازل. مع تقديم محتوى جديد ومتجدد، لعبت هذه التطبيقات دوراً رئيسياً في إبقاء الناس مستمتعين خلال فترات العزل الطويلة.
إضافةً إلى ذلك، شهدت منصات البث المباشر مثل Twitch وYouTube Live وFacebook Live زيادة في المحتوى الذي يتم بثه مباشرةً، حيث توجه العديد من صناع المحتوى والموسيقيين إلى هذه المنصات للتواصل مع جماهيرهم بشكل مباشر. كما اكتسبت تطبيقات الألعاب والواقع الافتراضي مثل Steam وEpic Games Store شعبية كبيرة، حيث أصبحت الألعاب الإلكترونية وسيلة ترفيهية رئيسية.
5. التطبيقات التجارية والتسوق الإلكتروني
مع القيود المفروضة على التنقل والإغلاق الجزئي أو الكامل للمتاجر، انتقلت معظم الأنشطة التجارية إلى الفضاء الرقمي. ساعدت تطبيقات التسوق الإلكتروني مثل Amazon وeBay وShopify الشركات في الحفاظ على نشاطها التجاري، كما وفرت للمستهلكين وسيلة آمنة لشراء ما يحتاجونه دون مغادرة منازلهم. إلى جانب ذلك، لعبت تطبيقات توصيل الطعام والبقالة مثل Uber Eats وInstacart وPostmates دوراً حيوياً في توفير احتياجات المنازل من المواد الغذائية والمستلزمات الضرورية.
6. التطبيقات المالية: تعزيز المعاملات الرقمية
أدت الجائحة إلى تحول كبير نحو الدفع الإلكتروني والمعاملات الرقمية. تطبيقات مثل PayPal وStripe وVenmo أصبحت ضرورية لإتمام المعاملات المالية بأمان دون الحاجة إلى تبادل النقود الورقية. كما شهدت تطبيقات البنوك الرقمية مثل N26 وMonzo انتشاراً كبيراً، حيث قدمت خدمات مصرفية رقمية متكاملة تتيح للمستخدمين إدارة حساباتهم بسهولة من هواتفهم الذكية.
7. التطبيقات الإنتاجية وأدوات العمل عن بُعد
أثناء فترة الجائحة، أصبحت تطبيقات الإنتاجية وأدوات إدارة العمل عن بُعد جزءاً لا يتجزأ من حياة الموظفين. تطبيقات مثل Trello وAsana وSlack ساعدت الشركات على إدارة فرق العمل وتوزيع المهام بشكل أكثر فعالية، مما ساهم في استمرارية العمل حتى في الظروف الصعبة. كما ساعدت هذه الأدوات في تحسين التواصل الداخلي بين الموظفين والحفاظ على مستويات الإنتاجية.
8. التطبيقات البيئية والزراعية
في القطاع الزراعي والبيئي، ظهرت تطبيقات تساعد المزارعين والمختصين في إدارة الأراضي والمحاصيل بشكل أكثر كفاءة، مثل FarmLogs وJohn Deere Operations Center. ساعدت هذه التطبيقات المزارعين في تحليل البيانات الزراعية ومراقبة حالة المحاصيل وتحسين إنتاجيتهم.
الخلاصة:
لقد ساهمت التطبيقات الرقمية بشكل كبير في إعادة تشكيل العالم خلال الفترة من 2020 إلى 2024. قدمت هذه التطبيقات حلولاً عملية لمواجهة تحديات الجائحة، من إدارة الصحة والتعليم إلى توفير الترفيه والتواصل الاجتماعي. من المؤكد أن الدور الذي لعبته التطبيقات في هذا العقد سيستمر في التطور، حيث ستظل جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية في المستقبل.