بقلم / سميه محمد
الروح و الجسد يعنيان الكثير للإنسان
فالروح : هي منبع لمشاعره من إرادة ، و ثقة ، و أخلاق ساميه ،
و الجسد : هو التصميم الخارجي للإنسان الذي يدل على مظهره بقوته و ضعفه ، أو تحركاته و سكناته ، أو تصرفاته و ردود أفعاله ..
الروح و الجسد عملتان لشخصية الإنسان الواحدة . هما مركزا للسيطرة و التأثير في إتخاذ القرار ..
عندما نعود للقرآن الكريم ، و السنة ، و تفسير العلماء فإن الله سبحانه وتعالى خلق آدم و بداية خلقه من تراب ، و أما ترتيب مراحل خلق الله سبحانه وتعالى لآدم ( تراب) ثم أضيف إليه( ماء ) فصار (طيناً ) ثم صار هذا ( الطين )
( حمأ مسنون ) أي أسود متغير ، فلما يبس من غير أن تمسه النار صار ( صلصال ) و هو الطين اليابس الذي لم تمسه نار ..
ثم نفخ الله سبحانه وتعالى في مادة الخلق هذه من روحه فصار هذا المخلوق بشراً و هو آدم عليه السلام ..
سبحانك ربي أحسن الخالقين بديع السموات والأرض
ما أعظم قدرتك و عجيب صنعتك ..
وقد ذهب العلماء إلى أن حكمة خلق آدم من تراب ليكون متواضعاً ، أو ليكون شديد الألتصاق بالأرض .
قال تعالى :
(( إني جاعل في الأرض خليفه )) سورة البقرة آية ( ٢٩ )
وقيل ليطفأ الله نار شهوته بالتراب ، كما قيل أيضاً أن ذلك من باب إظهار قدرة الله سبحانه وتعالى على التنوع في الكون و في خلقه ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض .
جاء منهم الأحمر ، و الأبيض ، و الأسود ، و بين ذلك ، و السهل ، و الحزن ، و الخبيث ، و الطيب ) .
و هذا مايسبب تنوع البشر و أختلاف أصولهم ..
قال أهل العلم : بشأن تدرج خلق الإنسان أن الله تبارك وتعالى جل جلاله قادر على خلق آدم دفعة واحده فهو لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء .
و أنما كان هذا التدرج لأن في خلق الإنسان بهذه الطريقة و من هذه المكونات :
( التراب ، الطين ، الصلصال ) .
أعجب من خلق الشيء من شكله و جنسه .
الأسلام هو الدين الذي يجعل الروح و الجسد في راحة تامه و مستمرة و من الأجمل ان يكون الإنسان يشهد بوحدانية الله و قدرته بيقين ، و أنه ملتزم بعبادته و مؤمن بشرائعه فكل مولود يولد على الفطرة السليمة و من الفطرة السليمة أن يتغذى الإنسان بكل ماأحله الله من الطعام الذي اذا دخل جسده تقوى به و أعانه على أن يؤدي واجباته في هذه الحياة ..
كذلك الماء مهم لجسد الإنسان فهو المكون الكيميائي و يشكل مابين ( ٥٠% إلى ٧٠% ) من وزن جسم الإنسان أي نصف وزن الإنسان لذلك لايستطيع الإنسان الاستغناء عن الماء فهو مرتبط بحياته ، و صدق رب العزة حيث قال :
(( وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون )) .
سورة الانبياء آية( ٣٠ )
ومن حكمته سبحانه خلق الماء أن منه مايجري على وجه الأرض كالأنهار ،
ومنه من هو مستقر فوق ظهرها كالبحار ،
ومنه مايستقر في باطن الأرض كمياه الآبار ،
ومن رحمته سبحانه أن جعل فيه العذب والمالح ، و جعل العذب وهو مياه الأنهار يجري حتى لايتعفن ولا يتعفن مايموت فيه من الحيونات البرية و غيرها .
وجعل للماء المخزن له في الأرض قريباً يمكن تناوله و الوصول إليه .
كما قال سبحانه :
(( وإنا على ذهاب به لقادرون ))
سورة المؤمنون آية(١٨)
الماء هو سر الحياة و منبعها وهو من أول المخلوقات وجوداً .
بل هناك من اهل العلم من قال :
بأن الماء أول المخلوقات حتى أنه خلق قبل العرش .
قال تعالى :
(( وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ))
سورة هود آية( ٦ )
قال أبن حجر رحمه الله :
أشار الله بقوله تعالى :
(( وكان عرشه على الماء ))
إلى أن الماء و العرش كانا مبتدأ هذا العالم لكونهما خلقا قبل خلق السموات و الأرض ولم يكن تحت العرش آن ذاك إلا الماء ..
و عن مجاهد قال :
بدء الخلق
العرش و الماء و الهواء
و خلقت الأرض من الماء ..
الماء مهم لكل كائن حي على الكرة الأرضية .
ولكن إن تحدثنا عن أهميته للإنسان فهو يحافظ على درجة حرارة الجسم الطبيعية .
يساعد شرب الماء كذلك على تعويض الماء و الأملاح التي يتم طرحها مع العرق .
و قد ورد ذكر الماء في كتاب الله ( ٦٣ ) مرة وذكر فيه عدة أوصاف للماء النقي الذي تتحقق فيه الحياة التي قدرها رب العزة له فذكر صفات :
( الطهور ، المبارك ، الغدق ، الثجاج )
يستطيع الإنسان الحياة بدون طعام إلى مدة تبلغ الشهر بينما لا يستطيع الحياة بدون ماء أكثر من أسبوع في الحد الأقصى ..
الماء مخلوق عظيم و على الرغم أنه من غير طعم أو لون أو رائحة فهو سبب الحياة في هذا الكون .
هذه المادة خلق منها الإنسان و كل مادة خلق منها الإنسان عظيمة تدل على قدرة الله سبحانه وتعالى كذلك تدل على تكريم الله سبحانه وتعالى للإنسان و تفضيله على بقية المخلوقات بالعقل و الروح و الجسد ..
ورغم ذلك تجد بعض البشر يسترخصون أنفسهم ، و يشوهون أرواحهم ، و يتعبون أجسادهم .
فلم يحترموا عقولهم التي غرقت في بحر جهل لا ينتهي ، و كذلك أستعبدوا أرواحهم فعاشت في ظلام لانور بعده ، و أنتهكوا اجسادهم و قد سكنت في أماكن الحرام و الفساد ..
فنرى بعض البشر يصنعون من الحجر مجسمات لأشكال مختلفه ثم يعبدونه رغم أنهم يعبدون شيء بلا روح ضعيف وهم أقوى منه و يمتلكون حواساً فكيف حكم الإنسان على نفسه بالضعف و الجهل بهذه العبادة التي لا تسمن و لا تغني من جوع ؟!
و تستغرب كيف يستحقر الإنسان نفسه بعبادة شيء قد يكون مجرد فراغ و قد كرمه الله تعالى ، و سخر له كل شيء في الكون لنفعه ، و مهد له الأرض ليسهل له رزقه .
إلا أنه يجحد و ينكر فضل الله خالقه ومدبر أمره و حتى الملحدين الذين ينكرون وجود الله هم متيقنين في داخل أنفسهم بوجوده مهما أظهروا العكس جحوداً و أستكباراً .
فسبحان الله الذي يعطي و يهب بشر كادت قلوبهم تصبح كالحجارة من نكران فضله و جحود نعمه وعدم اليقين من قدرته ..
و بعضهم يسلم نفسه لمعتقدات و عادات دفنت مع مرور الأيام و السنين لكن هناك من البشر أعاد أحيائها بشكل بشع يعيد الإنسان إلى الوراء و التخلف مهما تطور وتقدم ..
ميز الله الإنسان بالعقل و لكن من البشر من تجد عقله مبرمج على حسب العادات والتقاليد قد يسير وراء كلمة باطلة ، و قد يدمر نفسه من أجل قضية خاسرة .
هناك الكثير ممن لديهم علم أرادوا أن يثبتوا وجهة نظرهم في أمور معينة ، و لكنهم تخلوا عن ذلك بعدما تأكدوا من أن العقول التي هم في مواجهتها لا تسمع إلا صوت نفسها ، و لا يسكنها إلا العناد و التكبر فسبحان الله كيف يكون الدين دين يسر وإن سد باب فتحت أبواب فكيف هناك عقل لا يعقل ..
و هناك منهم من ظلم أرواحهم بالقسوة على أجسادهم فإما كانوا يحرمونها من أبسط حقوقها و ما تحتاج إليه ، و إما أن يغدقوا عليها بأشياء هي بعيدة عن حاجتها فتكون متخبطة و غير متوازنه.
فقد تفننوا في أذية أجسادهم طلباً لراحة أرواحهم هذه الراحة التي تشبه السراب ..
ففي بعض الديانات التي من وضع البشر الشخص الذي يرتكب ذنب يقوم بأرتكاب ذنب أكبر في حق جسده و روحه بالضرب و التعذيب بشتى الطرق ، و الحرمان من الطعام و الشراب كذلك أن يحبس نفسه في كوخ في الغابه أو كهف في وسط جبل بعيد عن الناس معتزل الحياة و زاهداً فيها .
وبهذه الطريقة يبدأ الجسد في فقدان قوته شيأً فشيأً رغم محاولاته المستمرة في التحمل ولكن سيأتي يوم يقع فيه هذا الجسد دون مقاومة لأنه لم تعد به طاقة ليتحمل فيعلن الإستسلام منتظراً مصيره مهما كان لعله يجد الراحة حتى لو كان ذلك في الموت ..
فهناك من ينصاع وراء أوامر دين موضوع من قبل البشر و إن كان غير صحيح فيتسبب أن يعرض جسده وروحه لأهانة و ذل حتى يطلب صاحب الجسد و الروح الموت فلا يجده ..
هناك فترة كان من بين عارضات الأزياء من تأكل القطن بدل الطعام حتى تشبع و لا تعرض جسدها لزيادة الوزن فتموت من نزيف حاد في معدتها بسبب هذا القطن الذي عرضها لشبه إنتحار ..
قد يطلب الشخص الراحة لجسده و روحه فيبحث عنها في إدمان المخدرات فيتسبب في تدمير جسده و انتهاك روحه فيسير في طريق الموت بخطوات بطيئة مع جرعات عذاب لا تنتهي ..
قد يقسو الرياضي على جسده بالتمارين التي هي فوق طاقته ، اضافة إلى حرمانه من الطعام المفيد ، و تناول البروتين عن طريق الأقراص أو الحقن المجهولة المصدر ، و جسده تقريباً خالي من أي مناعه فتكون النتيجة عكسيه فتتدهور صحته و يصبح طريح الفراش فيمرض جسده و تتألم روحه ..
و فيهم من تغني بصوت جميل ولكنها تكثر من شرب الخمر ، وتدمن على أستنشاق دخان السجائر هذا إن لم تكن تتعطاها ، بعدما خدعوها بأن هذه التصرفات تزيد من جمال صوتها بينما ماتفعله في الحقيقة يتلاعب بأحبالها الصوتية بشكل بشع لدرجة تغير نغمة صوتها إلى الأسوء ..
فكيف يؤذي الإنسان روحه و جسده من أجل أشياء لا تستحق قد تقوده لطريق الهلاك المحتم بعد مشوار طويل من التضحيات ..
مع أنه لو توقف قليلاً و فكر تفكيراً عقلانياً لأستدل على الحقيقة . حقيقة راحة الجسد و الروح الموجودة في الدين الإسلامي الذي تحدث عن الروح و الجسد في القرآن الكريم و السنة ..
الإسلام الذي يمنح الراحة لمعتنقيه حيث من ضمن قوانينه أن الروح تكون نقيه بأيمانها بالله تعالى ، و الثقة في قدرته ، و حب العبادات ، و عمل الخير بذلك تكون الروح في راحة تامه يعقبها راحة الجسد الذي يستشعر السكينة و هو يقوم بالعبادات التي تريحه من التفكير الدائم و تعطيه فترة هدنه يجدد فيه نشاطه ..
عندما يتأمل المسلم في خلق الله يجد راحه نفسيه ، و روحه صافيه من الداخل .
عندما يقوم المسلم بالصلاة التي هي عبادة ممزوجة برياضة فيها حركات معينه تريح العظام مع المفاصل ، و تريح العقل الذي يفكر بأستمرار في مشاكل الحياة فتمنح الصلاة الجسد و الروح إسترخاء جميل ، و تساعده على الأبتعاد عن كل مايؤذيه أو يوتره .
عندما يأكل الإنسان الطعام الحلال فأنه يتقوى به يأخذ مايفيده و كل مايلزم لصحته .
ولكن عندما يأكل الطعام الحرام فإن الجسد يرفضه و لا يستسيغه لأنه عبارة عن سموم تضره فيتخبط و تقل مناعته فيكون عرضة لأي مرض .
قد يكون المرض بسيط في بعض الأحيان لكنه لايستطيع أن يقاومه لأن الطعام الحرام كشيء فاسد أذا دخل الجسد أفسد كل شيء صالح فيه بالتدريج حتى يقضي على صحة الجسد تماماً ..
وكل شيء حرمه الإسلام له حكمه و مهما نكروها اعداء الإسلام فقد أثبتها العلم الحديث بالدراسه و التجربه و البرهان .
فما الفائده من العقل الذي ينكر وجود الله فيعرض روحه و جسده إلى الهلاك لأن كل شيء في جسد الإنسان و روحه ، وكل شيء في الكون بأكمله يشهد على وجود الله سبحانه و تعالى ، و على قدرته ، و عظمته ، وو حدانيته .
فأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .
له الملك و له الحمد و هو عل كل شيء قدير .
الحمدلله على نعمة الإسلام .