إن وجد ما يجرحك في مجلس فقم

بقلم/ إبراهيم العسكري

عندما أتحدث عن المثاليات أو الإيجابيات بعيدًا عن مضادها، فلا يعني أننا ملائكة أو منزهين من الأخطاء، ولكن من باب التنبيه وتوخي الحذر مما يؤذي سلوك السوي. لمن يريد أن يعيش حياة هادئة بعيدة عن الضوضاء والخوض فيما لا يفيد ولا يغني من جوع.

 

البعض عندما تجتمع معه يستدعي كل مآثر السلبيات ويشرح تفاصيلها بإسهاب ويتذمر من الواقع ويصفه بأنه مرير، وأنا فيه نكابد المكاره ونواجه العواصف، متناسيًا او متجاهلآ كل ما يقابلها من الإفضال التي لا تعد، وأهمها الدين الإسلامي، القيم الوسطي والأمن والأمان، والسعة والصحة، والخدمات الإيجابية الموفرة في شتى الاصعدة والرقي المذهل ولو على الأقل بحدها الأدنى أن يجد قوت يومه بأمان وسعادة.

 

يا أخي، لا تأتيني تتذمر وتشرح لي المآسي وتندب الوقت والحظ المزعوم فنحن بالفعل نعيش بعالم يعج بالضغوط والأزمات والحروب،

انت هنا تخرجنا من المألوف إلى نكران كل جميل وكل إفضال الله في أرضه.

 

يا صديق نحن لا تنقصنا أحزان واستنزاف لطاقاتنا بما لا يفيد، فتأتي لنابالهموم من هنا وهناك، ايضآ لسنا بحاجة لتتبع عثرات فلان وعلان، فتكفينا عيوبنا، ولا تقلقنا بأفعال من أسموهم مشاهيرًا للفلس والخذلان ممن تعج بهم مواقع التواصل، فأصبحوا يترززون بلا قيم ولا مبادئ ولا حتى نصيب من الأخلاق الفاضلة، نعم أعني كل أصحاب المحتوى الهابط.!

 

دعنا ودعهم، فلكل منهم فضله إن نوى خيرًا، ولكل وزره إن نوى سوءًا أو شرًا. قال تعالى: “فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ”. وكما قيل في المثل الشعبي: “كل شاة معلقة بكراعها”.

 

صحيح أننا أمة أمرت بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق استطاعتنا، ولكن عندما نسهم بنشر كل الاسقاطات بما ليس لنا فيه حول ولا قوة، فأنت تجردنا أن نعيش اللحظة بسلام ووئام، فتجعلنا نعيش همًا وغمًا وظلامًا موحش.

ربما تكون محقًا أن هناك من يتظاهر بالتقى وهو الد الخصام، فمبادئه تعاكس ما يستهويه بلا إدراك لمعانيه، ولكن ما شأننا به وبغيره؟

فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّىٰ يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُون .

نعلم يقينآ ان لهم رب لا يغادرهم فيما يفعلون.

 

جلستي قبل أكثر من أسبوع جمعتني صدفة بمن كدر الخواطر وأسهب في توقعات الشر بانحدار ونوادر، حتى باتت ليلتي أشبه بمنزوعة النسم والدسم، وأفكر فيما قال: أبات مستيقض فيغلبني النعاس، انام فتؤرقني الاحلام والهواجيس.

ما لهذا المتشائم يحصرني في دوامته؟

كيف السبيل للخلاص منه ومن تلك الأشباه؟

يا صديق يكفينا الم ولا ينقصنا أفكارًا تهدم أكثر مما تبني وتؤرق ولا تسعد أكثر مما تفسد.

لقد وجدت حلًا بالهروب إلى أهل الصلاح والأنس والمرح والتفاؤل. وبالفعل، المجلس الذي لا يضيف لك إلا الهم والغم، ارحل منه فورًا. وكما قال الإمام الشافعي وتعديله من الإمام أحمد بن حنبل رحمهما الله: “أحب الصالحين ولست منهم، وأرجو أن أنال بهم شفاعة، وأكره من تجارته المعاصي وإن كنا سويًا في البضاعة”. فعدله الإمام بن حنبل بقوله: “تحب الصالحين وأنت منهم، رفيق القوم يلحق بالجماعة”.

 

أصلحنا الله وإياكم لكل خير، وصرف عنا وعنكم الفتن ما ظهر منها وما بطن.

شاهد أيضاً

نبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام يتطوع ليكون مسؤول المالية

بقلم الكاتب/ عوض بن صليم القحطاني أشار القرآن الحكيم إلى نماذج من تطوع نبي الله …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com