
بقلم / محمد عمر حسين المرحبي
تحظى المملكة العربية السعودية بمكانة علمية ودينية راسخة، فقد قامت منذ نشأتها على تعظيم شأن العلماء، والتمسك بالقرآن والسنة النبوية منهجاً للحياة، ورؤية للإصلاح، وميزاناً للحق والباطل. وليس غريباً أن يولي ولاة الأمر – حفظهم الله – العلماء عنايةً خاصة، وأن يتفقدوهم بالزيارة والرعاية، فهم صمّام الأمان بعد الله، وورثة الأنبياء، وأهل البصيرة الذين يوجّهون الأمة عند اشتداد الفتن وتكاثر الشبهات.
وقد جاء تعيين فضيلة الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان رئيساً لهيئة كبار العلماء ومفتياً عاماً للمملكة، تتويجاً لمسيرة علمية مشرفة امتدت لعقود في خدمة العقيدة والدعوة والفقه، وهو تعيين قوبل بالفرح والابتهاج في قلوب المؤمنين، لما عرفوا من علم الشيخ وورعه وثباته على الحق. غير أن هذا القرار الحكيم لم يرق لأعداء الدين في الخارج، ولا لأذنابهم في الداخل ممن امتلأت قلوبهم حقداً على الإسلام وأهله.
لقد رأيناهم – وما أكثرهم في زمن الفوضى الفكرية – ينبشون قبور الأموات ليُظهروا نتناً قديماً وعفناً فكرياً اندثر، يخرجونه بثوب «التنوير» و«الحرية الفكرية» ليضلوا به الناس. فتارة يستدعون فكر عبد الله القصيمي بعد موته، وتارة ينعشون أفكار محمد شحرور البالية، وكلّهم دعاة إلى الإلحاد والتمرد على النصوص، يخفون إلحادهم بشعارات براقة ظاهرها الرحمة وباطنها السمّ الزعاف.
ولقد تناولتُ هذه القضية من قبل في كتابي «النور والضلال: تأثير التنوير والليبرالية على المجتمعات الإسلامية»، حيث بينتُ خطر الترويج لأفكار الملحدين ممن يزعمون الأكاديمية والعقلانية، وهم في حقيقتهم أبعد الناس عن العلم الصحيح، إذ يجعلون من الشك مذهباً، ومن الهدم حرية، ومن التمرد فكراً مستنيراً.
إنها معركة فكرية لا تقل خطراً عن ميادين الحرب، فالسهم الذي يوجَّه إلى العقل أخطر من السيف الذي يوجَّه إلى الجسد. ومن هنا كان دور العلماء الراسخين، وهيئة كبار العلماء خاصة، دوراً محورياً في حفظ ثوابت الأمة، وردّ الشبهات، وبيان الحق بالأدلة والبرهان.
إن وقوف الدولة – رعاها الله – خلف العلماء، وتمكينهم من أداء رسالتهم، دليل على بصيرتها وعمق وعيها بأهمية العلم الشرعي في صون العقيدة ووحدة الصف. فالعلماء هم نور الأمة في ظلمات الفكر المنحرف، وهم حراس العقيدة في زمن الموج العاتي.
فلنعضّ بالنواجذ على هذا الإرث المبارك، ولنثق بأن الأمة التي تُكرم علمائها، وتحفظ لعلمهم مكانته، لا
تُهزم أبداً، ما دامت تسير على هدي الله وشرعه، وما دام فيها من يقول للحق حقاً، وللباطل باطلاً دون تردد أو مجاملة.
عسير صحيفة عسير الإلكترونية
الدين دين الله، لم يعبأ بمبتدع
ولم يحفل بضلة ملحد
قالوا : بنور العقل يدرك ما وراء
الـغيب قلت : قدي من الدعوى، قدي
بالشرع يدرك كل شيء غائب
والعقل ينكر كل ما لم يشهد
من لم يحط علما بغاية نفسه
وهي القريبة – من له بالأبعد؟
خفض عليك – أبا فلان – أنها
نوب، تطالعنا تروح وتغدي
سالت علينا للشكوك جداول
بعد اليقين بها، ولما تنفد
وتبعقت بالكفر فينا ألسن
لا تفقد التضليل من لم تفقد
أعداؤنا في ربنا أحبابنا
جروا الفؤاد، وأقبلوا في العود
كشف القناع، فلا هواد تريبنا
حتى نغادرهم وراء المسقد
ستنالهم منا الغداة قوارع
إن لم تغلهم غولها فكان قد
قالوا : الفلاسفة : تلك عصابة
جاءت من الدعوى بكل مفند
خدعت بألفاظ تروق لطافة
فإذا طلبت الحقيقة، لم توجد
أسعى، ولو أني نصرت عليهم
للثمت في المهجات كل مهند
يا قاتل الله الجهالة، أنها
ورق لأغصان الشباب الأملد
الشاعر و الفقيه المغربي محمد بن حبوس _ رحمه الله.