قبل أن ندخل وتدخلوا معي في مواجهة هجومية استناداً إلى العنوان، إلا أني لا أخفي في البدء اندهاشي من الاستيقاظ اللافت بعد ما يقارب 1400 عام، وإضاءة المجتمع بمعلومة تعتبر بمثابة الفتح الكبير لعقول متشددة منغلقة مكتوب لها أن تُكْشَفَ وتَنْكَشِف على حقيقتها، على رغم أن ظهورها بمثل هذه المعلومات يزيد الجراح، ويخيف من مستقبل مجهول، ونحن الذين كلما ودعنا يوماً واستقبلنا آخر نزيد لدينا مؤشرات التفاؤل، ونضبط نبضات الاطمئنان على أن المقبل المنتظر جديد مبهج ومفرح.
المعلومة التي يراها أهلها فتحاً عظيماً هي خلاصة قراءة واجتهاد وحماسة وتشدد واستيقاظ وفوضى فئة متشددة، أصرت في القرن الـ «20» أن حاتم الطائي كافر لا يستحق أن يكون اسمه علماً على مدرسة تربوية، وقادتهم في ما بعد ذلك خيوط تفكيرهم لأن يحاولوا إزالة قبره وقصره في بلدة كريمة طيبة بحائل.
وقبل أن أتجاوز هذه الفوضى والطيش الذي يصاحب المتشدد المحلي، أحب أن أؤكد أن اجتهادهم وعصارة أفكارهم تثبت كم هم متأخرون وغائبون عن الوعي، وفي عالم مستقل متخلف يزيد المجتمع نفوراً منه وكرهاً له وتحدياً لكل ما ينتج منه وعنه، طالما كان هذا خلاصة منتجه وإفرازه العجيب. وبقدر سعادتي باكتشاف مثل هذه العقول والمؤكدة بلا حاجة لذرة شك واحدة أن مسلسل التطرف مستمر الحلقات على اختلاف سخونتها، والأهم أنه لا يزال مجتمعنا يحفل ويحتفل بأجساد لديها عطل في التفكير المنطقي والعقلاني، وسوء في التحضير والحضور ولغة الكلام.
سيؤسفني كثيراً إن مضى إصرار هذه الفئة ورؤيتها القاصرة وجملها التكفيرية العاجلة المُطْلَقَة على من يخالف قناعاتها وتحليلاتها من دون وقفة صارمة واستجواب واسع، وإن كنت أطلب مبدئياً من متشددينا الجدد بطيبة خالصة تقديم أسماء من المسلمين على الذائقة، يكونون مروا على مساطر التقويم والمذكرات الشخصية للانتباه لهم وإلحاق قائمة أخرى بقائمة من الكفار غير المحببين إلى نفوسهم، وكل ذلك للمقارنة والمقاربة، مع يقيني بأن الأسماء التي ستطرح ستكون متباينة ومختلفة، على رغم الاتفاق عليها بالمجمل، إنما يكمن التباين والاختلاف في عشق القلب واختلاف القناعات في اختيار الرموز وتقديسها.
تتفق الفئة المتشددة على الخطأ وتصر عليه، ترى أن لا أحد يشبهها ولا يصل لمستوى حرصها على الأمة جمعاء، تتبنى شعارات متعددة، تبدأ بـ «أنت تخالفني… إذن أنت عدوي»، مروراً بالتصنيفات الاجتماعية المتعددة التي ألهبت مخابز الحوار والتقارب، وانتهاءً بتغليب الشك في أي مستجد أو محاولات شجاعة لمعايشة الواقع والتماشي معه من دون المساس بالثوابت الشرعية. هذه المرة كان الجاهلي حاتم الطائي كافراً وتم التصديق منهم على أوراق حسابه وعقابه، على رغم أنه توفي قبل ظهور الإسلام وأمره موكل للرب، ورسولنا العظيم يمدحه ويثني على مكارم أخلاقه، والمتشددون يرددون «حاتم كافر… كافر»، شيء مخجل بالفعل. ما أخافه أن يعترض المنتمون لهذه الفئة «المضحكة والمضحوك عليها» في ما لو كانت هناك مدرسة باسم«عدي الطائي» بذريعة أنه مسلم لكنه ولد كافر!>