قال الله -تعالى-: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ ، أثنى اللهُ على نبيّه – عليه الصلاة والسلام – وامتدَحه بأخلاقه الراقية، وآدابه السامية، وهي الأخلاقُ التي تربَّى عليها منذ نشأته، ومن قَبلِ نُبوته، الأخلاق التي شهِد له بها قومُه حين رأوا فيه الصادق الأمين.
تلك الأخلاق هي ما دعانا إليها الدِّين، وجاءت البِعثة النبوية متممةً لها، وهي التي يجب أن يتربَّى عليها صغارُنا، ويلتزم بها كبارُنا، وأن يسعى الجميعُ دون استثناء لتعليمها لِمَن جهِلها، وترسيخها فيمن وعاها، ومعاقبة مَن خالَفها!
إن الناظرَ اليوم في سلوكيات كثيرٍ من أبنائنا الطلاب لَيلحَظُ ابتعاد كثير منهم عن هذه الأخلاقيات، بل وتجاوز البعض إلى تصرفات خاطئة، وأعمال خائبة.
وإن المرءَ ليتساءل:
كيف عرَف كثيرٌ من الأطفال تلك السلوكياتِ وهم لا يشاهدون أيًّا من ذويهم يفعَلُها؟!
ومَن صاحبُ ذلك التأثير الكبير عليهم، والذي استطاع أن يقنعَهم بها، فصاروا يقلِّدونه، ويحاكونه؟! بينما عجَز الخطباءُ والدعاة والوعاظ عن الوصولِ إلى التأثير فيهم، فضلاً عن إقناعهم!
كثيرٌ من طلاب المدارس الصغار اليوم يسيرُ رافعًا ثوبَه بيده إلى ما فوق ركبتيه، ويضع الشماغ على رأسِه بطريقة غريبة، أو يلبَس طاقية صغيرة جدًّا هي أشبهُ بالقَلَنْسوة!
كثير منهم اليوم يُهمِل نظافةَ جسده وملبَسه، ويحضُر إلى المدرسة بثوب مزخرف بألوان مغايرة للون الثوب، أو يرتدي ثوبًا وحذاءً رياضيًّا لا يليق بطالب العلم!
لا يدرك الطلابُ الصغار اليومَ أهمية الوقت، ولا يشعُرون بأية مسؤولية تجاه أنفسهم، أو معلميهم، أو مَدرستهم، أو حتى المجتمع الذي يعيشون فيه.
الكبار لهم تأثير عجيب على الصغار؛ فالطفلُ الصغير يتأثَّر بأخيه الكبير ربما أكثر من تأثُّره بوالده، وكل ما حدَث ويحدُث كان تحت نظر ولي الأمر الذي انشغل عن ابنه؛ فهو لا يسأل عنه، ولا يتفقَّد أحواله، ولا يجلِسُ إليه، ومع كل تخلِّيه عن مسؤوليته، فإنه لا يتردَّدُ في تنفيذ طلبات ابنه حتى ولو كانت في غيرِ مصلحته، ومنها تغييبه عن المدرسة، أو قيامه بأداء بعض المهام الحياتية عنه!
إن مِثل هذه السلوكيات وغيرها بحاجة إلى وقفةٍ صارمة من الجميع، وعلى وزارة التربية والتعليم الحمل الأكبر، عليها سَنُّ لوائحَ صارمة، وإجراءات حاسمة، من شأنها معالجةُ كثير من السلوك الخاطئ الذي قد يتطور ويتمادى في ظل غياب العقوبة الرادعة، فيصل إلى حدِّ الاستهتار بالأرواح وبالنظام.
وإن كان ما ذُكر قد شكَّل لوحة قاتمة لتلك السلوكيات والأخطاء، فإن ذلك لا يعني عدم وجود طلاب يتمتعون بحُسن الخُلق المتدفِّق من منهل التربية الحسنة، والمتابعة الجادة، تراهم فتبتهج، وتتعامَلُ معهم فتسعَد بوجود هؤلاء الناشئين الطيبين، والذين سيكونون – بإذن الله – شبابًا صالحين نافعين لدِينهم ووطنهم وأسرهم، ولنتذكر أن تربية الأنجال هي صناعة للأجيال .. قال الشاعر:
حرِّض بنيك على الآدابِ في الصِّغَر
كيما تقرَّ بهم عيناك في الكِبَر >
شاهد أيضاً
الجمعية الخيرية بمنطقة جازان تنهي تفويج 1000 معتمر ومعتمرة
صحيفة عسير – حنيف آل ثعيل : انهت الجمعية الخيرية بجازان وجميع الجمعيات المشاركة في …