لم يُخطئ الطريق، الوزير النازي الألماني ( جوزيف ) حينما نظّر للا وعي والاستغفال الفكري والاجتماعي بقوله: ( أَعطني إعلاماً بلا ضمير، أُعطِك شعباً بلا وعي )!
ليكون شاهدا على عملية غسل الأدمغة، ومخادعة الأفهام، وأن الآلة الإعلامية لديها من التقنيات ما يمكن أن تجعل من شيء أو لا شيء، رأيا عاما مقبولا، خلافا للحقيقة..!
وما أكثر الإعلام هذه الأيام ، برسائله ووسائله التضليلية ، والقائمة على المين والدخل والدجل والخداع والغش العلمي والثقافي …!
ومن المؤسف، تطورت وسائل الإعلام، ولم يتطور أداؤه، ولم تتغير صفاته، ولم يلاحظ تغير الأفهام، وارتقاء الأجيال، وأنها باتت مميزة، ومدركة لكل مكار ومخادع…!
وبالتالي تعمل هذه الوسائل العديمة المعنى على الآتي :
١/ صرف الناس عن الحقيقة، وحكاية الأوهام، أو بلاد الواق واق .
٢/ صياغتهم وفق أجندة محددة .
٣/ تغييب وعيهم بذاتهم وبمستقبل أمتهم .
وكان هذا الأسلوب يجدي في السابق، حيث الجهالة والتخلف، وقلة العلم والمنجزات الحديثة، وإجلالهم للآلة الوحيدة،،! أما الآن وقد زغزد العلم ، وتعالى في ربوع المعمورة، فهيهات هيهات أن يعودوا للنمط السابق،،!
وإلا كانوا (أضحوكة الناس)، وسخرية العالم، ومحطة تندر البلهاء…! وهو كذلك….
فعلى سبيل المثال، تظن بعض الوسائل الإعلامية، أن الحشد المصطنع، والجمهور الملفق، يواري سوأتها من المين والتجاسر والمخادعة، وما علموا أن الحشود الفارغة، فارغة العمل، ذاهبة الوعي، عديمة التأثير…! وهي أشبه ما تكون بالزبد المتلاشي سريعا، حيث لا قيمة ولا نفع ولا (قاعدة صلبة)، كما قال الحق تعالى :(( فأما الزبد فيذهب جُفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض )). سورة الرعد .
فالحشود الغبائية الضبابية، لا قيمة ولا قيم، ولا مبدأ ولا مثل،،،! ويراهنون على قلة الوعي، وكثرة الجموع ، وبالتالي يحاولون :
– تصدير الجهلة والمعوزين معرفيا، بمنحهم أوصافًا ثقافية ودعوية .
– إبراز الباطل وتحقير الحق، من نحو مدح الغرب وذم العرب بإطلاق .
– الإشادة بالأقزام والسفهاء وتقديمهم كقدوات .
– تمليك من لا يملك فكرا ولا ثقافة ولا دراية .
– تكثير المتابعين مثلا في مواقع التواصل وشراء الأصوات .
– إشهار من ليس بمشهور، وإلباسه لباس العلم والمناقب.
– ويؤسفك أن هذا الحشد يضم إلى غثائيته إفلاس القوم، فلكأنهم استؤجروا لغرض محدد، وهو رفع أشخاص، أو تطبيل مؤسسات ، أو إضفاء هالة على إنتاجية لا تكاد تُذكر، وفي النهاية كما قال عليه الصلاة والسلام: (( المتشبع بما لم يُعط كلابس ثوبي زور )). أي ذو زور.
– وغالبا ما تتعثر تلك المضامين الحشدية عند أول امتحان يفرزها، ويظهرها للخلائق، فتنكشف انكشافا مدويا، حيث يخر السقف عليهم من فوقهم، ويأتيهم الحرج من كل مكان…!
– فالمؤسسة ذات ترهل، والعلّامة مقل، والواعظ مهرج، والسارد مخلط، والشاعر متمشعر، والصحفي متطفل،،، وهلم جرا…!
– إذا لم تكن تملك الآلة فلن تغني عنك حشود تأجرت، أو ألوان تلونت، أو فرق تزاحمت، فكل ذاك لا يجديك، أو يدفع عنك فهاهة الجهالة والتخلف ، وفي العاقبة أنت موعود بتعاسة (كذبات الآفاق)، وفيها وعيد شديد مشهور..!
– ومضة/ الاحتشاد الإعلامي مرهون بالصدق وحمل الحقيقة، وما عداه غثاء سيندثر سريعا…!
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )) سورة التوبة .
الدكتور _ حمزة آل فتحي
>