على الرغم من سعة أرض وطننا ، وهنائة العيش فيه، وقدسيته ، ووسطية أبنائه وقوة وتماسك نسيجهم الاجتماعي إضافة إلى صفاء حسهم الديني والوطني والأخلاقي. إلاّ أنّ عين الحصيف لتدمع بل يكاد العاقل أن يمتطي راحلته ويسري بها بعيداً عن الأعين خوفاً من مكر الله بنا لأننا التحفنا لباس البطر والسمعة والخيلاء وأردنا أن تذاع أسماؤنا في ميادين شرف القبيلة والعائلة ونسينا أو قد تناسينا قوله عز وجل ( وقفوهم إنهم مسؤلون) إنها أنّات وزفرات يفيض بها الخاطر حيال البطر الطائش غير المقنن الذي زاد انفلاته آنياً ليطال كثيراً من الأسر وذلك في المبالغات القاتلة والإسراف المعلن في المأكل أو التهادي بعين السمعة بل زاده خبالاً أننا بتنا نسكب دهن العود غسولاً لأيدينا في المراحيض ما صاغنا أمام الأمم وكأننا مجتمعاً هشيماً تذروه الرياح !ولم يعلم أولئك المفرطون أن هذه النعم المتداول إهانتها إنما هو امتهان لفضل من أوجدها تبارك في علاه ، بل وتحد صارخ وصادح على القيم الإسلامية النبيلة وعلى المُثُل العربية الأصيلة التي تعكس وجهاً وضاءًا للإرث الصافي لنبي الأمة عليه الصلاة والسلام ،وتشرح لنا وجهاً آخر في حياته صلى الله عليه وسلم حينما أخرجه الجوع من بيته فلقي الأميرين أبوبكر وعمر وكان سبب خروجهما أيضا ما ألمّ بهما من جوع فلقيا الحبيب المصطفى وذهب العظماء الثلاثة ( النبي والصديق ، والشهيد) واستضافهم أحد الصحابة في مشهد إيماني وحميمي مثير! أيها العقلاء إنّ الله قادر على اجتثاث هؤلاء المفرطين من تحت أقدامهم ، بل ومسخ أدوات النفاق التي يغيظون بها خواطر العقلاء الصامتون الذين تذرف أعينهم حزناً على هذا الترف المحفوف بجاهلية مضاعفة ! ولقد آن الأوان لأنّ نأخذ على أيديهم وذلك بإعداد حملة وقائية وتثقيفية توعوية يقوم بها أئمة المساجد والدعاة ومشائخ القبائل وأهل الحل والعقد ، كما أن لوزارة التعليم دوراً مهماً في إبراز هذه التجاوزات على خشبة المسرح ومناقشتها في حصص النشاط ، وأن يقف المجتمع بأسره بفكر ناضج وبثقافة دينية معتدلة لأننا وياللأسف نتعامل مع جاهلي الشكر بالنعمة ، وأنّ التعامل مع عقلية وتفكير الجاهل أشد تعقيداً من التعامل مع عقلية من رفع عنه القلم ، والله المستعان.. عبدالله آل قراش ١٤٣٧/٤/٦
>