تكتشف في مقتل المبتعثة السعودية أستاذة الأحياء بجامعة الجوف ناهد المانع، أن أمراضاً اجتماعية لا تزال مطروحة على الطاولة، أقلها لعنة الشك وتحليل قضايا المرأة السعودية لخلل في حجابها واستهتار مع سبق الإصرار لنزع غطاء وجهها، أما أكبرها تمدداً واستيقاظاً بين وقت وآخر السؤال المغلف بحزمة من التشنجات: لماذا الابتعاث؟
لا يتوفر أمام الأعين حتى اللحظة إجابة مقبولة لسر قتل المبتعثة السعودية سوى «العنصرية»، وقد يباشرنا أحدهم بالقول إن العنصرية كانت بضاعة بعضنا وها هي ترد إلينا عبر مشهد دموي مزعج مفجع، ولو غضب قومي فسأتفق مع هذا الصوت المباشر لحد كبير، وإلى أن يحين الوقت الذي أتأكد فيه أنها لم تعد مزروعة في النسيج الاجتماعي المحلي ولا نتقاذف بها في مشاريعنا الحوارية المبتدئة باللسان والمنتهية بالعضلات، فهناك من قاتل وصاح وحاول أن يؤسس للعنصرية ضد كل ما لا يعجبه، ومسألة الإعجاب الشخصي تعتمد في المقام الأول على خيط المزاج، ذلك الذي نقذف من خلاله بآرائنا ونفصل عبره القضايا والأحداث ونلبسها اللباس الذي يقدمنا بوصفنا الأكمل والأفضل.
عنصرية البريطانيين معروفة معلومة من قبل أن نباشر خطة وخريطة الابتعاث، ومتفق عليها من قبل أن نتنازع ونرمي التهم ومسببات الوقائع على نزع حجاب. وللمرضى الذين وزعوا التحليلات والتوقعات ورموا الحي قبل الميت بما توافر لهم من الكلمات أقول: «تخيلوا أن ناهد كانت متهمة بالقتل في قضية مشابهة والمقتول ليس عربياً مسلماً، ما الذي يمكن أن يشتعل حينها؟ وهل بات الرقص على أي جرح عادة وصوت اعتراض؟
هناك إحصاءات تتحدث عن ارتفاع جرائم الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا! وليت أننا نسأل عن سبب ذلك، فمن هذه النقطة تحديداً يمكن حل مشكلاتنا المرضية أولاً ومن ثم معاينة الأمراض التي ترد إلينا تحت أي غطاء، التطرف المزروع هنا وهناك سنجني أشواكه في المقبل من الأيام، ولنا أن نتأمل فقط ما يفعله المتطرفون الإسلاميون من أفعال شنيعة تسيء إلى الإسلام الصحيح دين المحبة والسلام.
ناهد ابنتنا وقضيتها يجب أن يتألم ويتفاعل معها كل مواطن سعودي، فهي ثروة ذهبت في دقائق غادرة، لكن قضيتها مجهولة التفاصيل لا تجيز أن نشكك في كل مبتعثة ونقسم أنها عرضة للانحراف والتغريب والموت، وكأنها الاستثناء الوحيد في هذا العالم. «ناهد المانع» ضحية معتوه عنصري مريض لكنها لم تكن ضحية الابتعاث، فقد يصادف هذا المعتوه أي رجل سعودي أو أنثى سعودية وجدوا لأي سبب، إلا أن يكون العلاج في نظر مرضانا عدم الخروج من هذا البلد إلا بعد توقيعهم فذاك شأن آخر. فقط عودوا لتحليلات العنصريين المحليين في بداية إعلان مقتل أستاذة الجامعة والتفسيرات المأزومة كي تعرفوا أننا غير قادرين على معالجة أمراضنا ونطلب من الآخرين ألا يكونوا مرضى معنا على الإطلاق.
>