الدكتور صالح الحمادي
تطغى العادات على العبادات، وتطغى المظاهر على المخابر، لذا لا غرابة إذا كنا نحن بعاداتنا وثقافتنا شوهنا ديننا ومسخنا جمالياته…..التعاطي الديني عند البعض يخلط بين الفرض والسنة فتصبح السنن عادة ويصبح الفرض هامشي وهنا الكارثة ، هنا الزيف الديني الذي يخرجنا عن المسارات السوية …. الزيف الديني يبدوا جليا في مناحي حياتنا اليومية ويصل ذروته في شهر رمضان المبارك.
عندما ينشغل الموظف بقراءة القرآن الكريم وقت الدوام في شهر رمضان المبارك ويجمد المعاملات في الدرج فهذا هو التدين الكاذب ، عندما يغير الموظف مسارات المعاملات بطريقة لا تخلوا من التحايل والغش والاستنفاع ويقول اللهم إني صائم فهذا هو التدين الكاذب بشحمه ولحمه، عندما ينشط لصوص العقار ليالي رمضان ويوقعون قبل تناول السحور الفاخر صفقات مغشوشة فهذا هو التدين الكاذب ، عندما يحرصون على صلاة التراويح وهي سنة وينامون وقت الصلاة المفروضة فهذا هو التدين الكاذب ،عندما يخالف رب الأسرة تعاليم صفوة البشر النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي يحثنا على تلمس ليلة القدر في العشر الأخيرة من الشهر الكريم وأحياء الليالي بالعبادة فيذهب لمكة لأخذ عمرة مكررة وفيها من المشقة والفوضى والعشوائية الكثير والكثير فهذا هو التدين الكاذب ” الرسول يقول أحيوا ليلكم ولم يطلب منا الذهاب لتأدية العمرة كل سنة ” قال صلى الله عليه وسلم: “من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه” ركزوا من قام ليلة القدر وليس من ذهب للزحام !!!!! عندما يغيب الإمام عن جامعه بحجة الذهاب لمكة للعمرة والاعتكاف سنويا فهذا هو التدين الكاذب ، الدموع من خشية الله في خلوة وليست أمام المكبرات ، اغتصاب البكاء في ملأ تدًين كاذب.
عندما نفسد الحضارة الروحية بترك مخلفات الأكل والشرب في ساحات الحرم المكي والمسجد النبوي الشريف فهذا هو التدين الكاذب ، عندما نخسر معاني ديننا الإسلامي السامية وآدابه الراقية فهذا هو التدين الكاذب حتى وأن ارتدينا الثياب القصيرة واطلقنا اللحية وكبرنا المسواك ونثرنا دهن العود وحتى لو حفظنا بعض الآيات وبعض الأحاديث، عندما يقلب الصائم نهاره نوما والليل سهر مع ثلاث وجبات وعندما يحس بالفقراء قبل الافطار ويحس بمعاناة الحامل بعد الافطار فهذا هو التدين الكاذب….
في مسجد الحي الذي اسكنه لم يستوعب الجامع الكبير الأعداد الهائلة الذين أتوى للصلاة ليلة 27 رمضان العام الماضي فافترشوا الشوارع المحيطة وفي الليلة التالية نصف الجامع فارغ ، أين ذهبوا أهل زحمة ليلة الزيف الديني؟ … هذا هو الوجه الحقيقي لثلثي مجتمعنا هذا هو التدين الكاذب.
من واجب الواجبات أن نجتمع على ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه فالتدين الحقيقي يحتاج لجوهر العلاقة الروحية بين العبد وربه ، الصدق مع الله والصدق مع النفس، أن تعبد الله كأنك تراه، أما عمرة العادة السنوية وتجميد المعاملات وتغيير مساراتها وإطلاق اللحية ولبس الثياب القصيرة والعطور الكمبودية والسواك والاهتمام بالسنن واهمال الفروض، وتصنيف البشر، فهي أشكال تصب كلها في قالب زيف التدين الكاذب.
>