رئيس أدبي أبها يقدم ورقة لاميات العرب في الأدب العربي بمعرض فيينا

رئيس أدبي أبها يقدم ورقة لاميات العرب في الأدب العربي بمعرض فيينا

رئيس أدبي أبها يقدم ورقة لاميات العرب في الأدب العربي بمعرض فيينا

27-11-13 22:43

صحيفة عسير – عبدالوهاب آل حمود ضمن البرنامج الثقافي المصاحب لمعرض فيينا الدولي الذي تشارك فيه المملكة العربية السعودية بصفتها ضيف شرف قدم د. أحمد بن علي آل مريع رئيس مجلس إدارة نادي أبها الأدبي وأستاذ الأدب والنقد بجامعة الملك خالد في أبها ورقة أدبية حضارية يكشف عن التبادل والالتقاء الحضاري والإنساني في التاريخ العربي والأدبي الإسلامي. من خلال لاتناوله لما وصفه ب” لاميات الأمم” وكان عنوان الورقة “لاميات الأمم في الأدب العربي: التعدد لإنتاج المشترك الإنساني” الذي قال: قبل نحو عام من الآن قدمت إلى فيينا العاصمة النمساوية الجميلة مع وفد رسمي من عدد من أصحاب الفضيلة المشايخ ولأعضاء مجلس الشورى ومثقفي المملكة العربية السعودية مرافًقين وزير الخارجية السعودي صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل لحضور افتتاح مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، هذا المشروع الذي كان حدثًا مهمًّا احتضنته (فيينا) لما تتصف به – والكلام لوزير الخارجية الأمير سعود الفيصل- “من تاريخ عريق وموقع متميز في مسيرة الحضارة الإنسانية بكل مقوماتها من تنوع ثقافي وإبداعات فنية وفكرية يجعل من هذه المدينة نقطة تلاق لمختلف النزعات الفكرية والتوجهات المذهبية ، وإذا ما أخذنا بالاعتبار موقع فيينا المتوسط في أوروبا ، فإن هذا الأمر يضفي عليها قدراً من التميز الحضاري ويجعلها المكان الأكثر ملاءمة لاحتضان مركز غايته التقريب بين الشعوب والثقافات وتكريس مبدأ الاعتدال والتسامح والوسطية”، لذلك اخترت أن يكون موضوع محاضرتي في مجال الإلتقاء بين الشعوب والأمم إنسجاما مع الدور الكبير الذي تضطلع به النمسا اليوم من خلالا احتضانها لمركز الملك عبد الله العالمي لحوار أتباع الأديان والثقافات.

والذي أؤكد عليه وبخاصة أن بيننا الآن عدد من الأصدقاء النمساويين ومن المستشرقين أن الحضارة الإسلامية على امتداد تاريخها الذي كانت فيه مصدرا من مصادر المعرفة والجمال عرفت التنوع والتعدد وتجاورت فيها الأجناس والأعراق وتعددت الممارسات الدينية والعرفية على امتداد جغرافيا العالم الإسلامي. كانت تتعايش جميع الأجناس والأديان باحترام بالغ فيما كانت المناصب والمواقع العلمية والمعرفية يتناوب عليها المسلمون وغير المسلمين والعرب وغير العرب. وكان الإنسان الموجود ضمن النسيج الإجتماعي في الحضارة الإنسانية ذكرا أو أنثى عربيا أو غير عربي مسلمًا أو غير مسلم محفوظ الحقوق وكان واحدا من أفراد المجتمع دون تمييز. ولنا أن نعرف فقط أن نبي الإسلام الذي يبجله المؤمنون ويتقربون إلى الله بحبه وطاعته كان يعيش حالة الكفاف يجوع يوما ويجد بعض قوته يوما وأنه حين مات كانت درعه مرهونة عند يهوي من تجار المدينة كتأمين لاقتراضه ثلاثين وسقًا من الشعير والشعير وهو طعام أقل من المتوسط آنذاك، وكان أصحابه الذين يفدونه بأرواحهم منهم الأثرياء كعثمان بن عفان الخليفة الثالث في تاريخ المسلمين وعبد الرحمن بن عوف مليونيرا في ذلك العصر مستعدين وبسرور كبير ليمدوه بالقرض دون تأمين ولولا أنه لا يقبل الصدقة لقدموها له مجانًا غير أنه فضل أن يقترض من تاجر يهودي في المدينة ليوضح للمؤمنين أن التواصل والتعاون بين أعضاء المجتمع الواحد هو الأصل. ونظرة سريعة للأدب العربي تؤكد ذلك فكثير من الشعراء المجيدين والذين تبوأوا مواقع شعرية متميزة أو لهم مصنفات يعتد بها في اللغة والنقد والبلاغة بل وفي التاريخ والجغرافيا والفلك والموسيقى وفي الحديث وعلوم الرجال والقراءات والتفسير هم من غير العرب. أو الذين يطلق عليهم العجم. هذا غير أن الحضارة الإسلامية عرفت التتلمذ على غيرها كما عرفت الترجمة عن الأمم الأخرى وإكبار حكمتهم وتراثهم وتقديره. وهناك نموذج راق قدمته الحضارة الإسلامية في التعامل مع غير العرب من الأجناس الأخر في كل من الأندلس وبلاد الشام والهند والسند.

ولعل من أبرز مظاهر الإلتقاء الحضاري بين الأمم في الثقافة العربية ما يمكن أن نصطلح عليه بظاهرة قصائد الأمم التي عرفها الأدب العربي. حيث عرف أدبنا العربي شعرًا ينظمه شاعر معروف ولكنه لا ينسب لقائله ولا لظاهرته الفنية ولا لمناسبته ولا لقافيته كما جرت العادة ولكنه ينسب لأمة من الأمم المعروفة آنذاك. وقد تقبلها الأدب العربي واحتفى بها. والعجيب أن هذه النصوص اجتمعت وشتان ما بين قائليها زمانًا ومكانًا. لكني وجدت في هذه النصوص تحقق هذا السمو في العلاقة بين الأمم من خلال العلاقة بين نصوص تنتمي إليها.. فهي كثقافة تمنح الآخر الحضو والتجسد والتحقق من الداخل ولذلك فهم من سمى هذه القصائد وبخاصة في تجسدها لأول من خلال نصي: لامية العرب ولامية العجم كتجسد أول للظاهرة.. وهذه القصائد في الأدب العربي: “لامية العرب” للشنفرى (توفي قبل الهجرة ب70 عاما)، و”لامية العجم” للطغرائي وهو الحسن الأصبهاني (توفي 515)، و”لامية الهند- الهنود” لعبد المقتدر الكندي الدهلوي (المتوفى 791هـ) لها مخطوط في مكتبة الحرم المكي الشيخ عبد الحي الحسني الهندي في كتاب (بهجة الخواطر) ولكنها لم تسلم من التصحيفات والأخطاء، و”لامية الترك – الأتراك” لعبد اللطيف الناصري الساقي (توفي 807هـ) ولها مخطوط موجود، ولامية الروم لمحمد بن الحنفي الحلبي توفي (عام 1104ه) ولها شرح مخطوط موجود. وقد وقفت على معلومة مهمة في كتاب ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا حيث ذكر اسم شاعر غير محظوظ فيما يبدو ونسب له قصيدة أخرى سمّاها ” لامية الروم” يمكن أن ندرجها ضمن لا ميات الأمم . وهناك لامية الممالك لابن خلدون وغيرها..

وجميع تلك اللاميات تشترك في تقديم حكم عامة تعود فيها إلى ما تحمله من مُثل مشتركة وبرغم تفاوتها فنيًّا وتفاوتها في مواقفها من الواقع الاقتصادي والاجتماعي إلا أن كلا منها يتجاوز حالة التماهي والذوبان ليكون لكل لامية منها ما تضيفه أو تطوره أو تختلف فيه.

هذه القيم التي تحملها هي ما جعلت الثقافة العربية تهتم بها وأهل صناعتي الشعر والنثر يقدمونها لتكون بهذا الاسم منسوبة لامم ويكثر من حولها الشروح والحواشي . على الرغم من سيرورتها وتلقيها بهذه الاهتمام والعناية وونسبتها لكل العرب ولكل العجم ولكل الترك ولكل الهنود ولكل الروم فقد كانت علاقة شعرائها متفاوتة مع مجتمعهم الأدنى في لحظة زمنية محدودة. فالشنفرى كان من الصعليك الذي نأى عن قبيلته وقلاها، لأنها سامته الذل، ثم خلعته وظلت العلاقة بينهما متوترة. والطغرائي الأصبهاني ارتحل إلى بغداد لينال منصبا ولكنه لم يتحقق له مايريد وأهمل حتى يئس وعاد لأصفهان. وكذلك يتضح من مقاربة القصائد المتبقية شيء من الضيق بالمحيط القريب والتوجس من الناس.

لكن ما يشار إليه بالتقدير هو:

– المسألة الأولى: أن الثقافة نجحت في تجاوز السيرة الذاتية والعلاقة النفعية الوقتية بين منظوماتها الاجتماعية تجاه أصحاب هذا القصائد لترتفع إلى مستوى الرؤية التي يطرحونها بصفتها رؤيا إنسانية تصلح للبناء والتقارب لأنها تتأسس على الخلق الكريم ومكارم الأخلاق هي أساس الثقة والانسجام والأمن.

– والمسألة الثانية أنها تعطي هذه اللامية للأمم لتتحدث عن نفسها في معرض شريف لا نبز فيه ولا غمط.. ولتكون في مصاف القصايد التي ارتضوها لتنسب إليهم، فكأنها تنسب إلى هذه الأمم وتعبر عنهم.

– المسألة الثالثة: أن هذه القصائد ليست على سبيل المعارضة لاختلاف الوزن الشعري ومن ثم فشعراؤها لا يقصدون التماهي مع نص سابق وإنما قربها من مستوى المشترك هو ما يجعلها تحضر بقوة كلامية تنسب للأمة لا للفرد.

وعلى الرغم من أن بعضهم اتصفت علاقته مع محيطه بالاضطراب وتفاوت ذلك الاضطراب إلا أن هذا لم يمنع الثقافة من تجاوز السيرة الذاتية لشعرائها.. والتعاطي مع نصوصهم وتقديمها والعناية بها بل والعمل على تقديمها ووصفه بأنها لامية منسوبة للأمة وليس للفرد إمعانا في تعظيمها وتقديمها.. وهي تقدم نموذجا للتعايش مع الواقع في ظل قيم إنسانية رفيعة والقيم هي القاعدة التي تلتقي عليها جميع الحضارات والثقافات القيم التي تضيف إلى إنسانية الإنسان وتجعله منجذبا إلى ما هو أعلى من ماديته وبيلوجيته. لذلك أوصى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحفظها..وهي جميعا تقدم ما يمكن أن نسمية حكمة وهو خارطة طريق للموافقة بين قيم الإنسان والواقع الذي عاشه ويعيشه في تلك الفترة. وهي حكم تتفق في بعضها وقد يداخلها اختلاف تعدد وتنوع لكنها تتفق جميعا في أنها تمثل خارطة طريق يقدمها كل واحد من الشعراء لمتلقي قصيدته. ويقدم فيها تصوره لنفسه ومكانته من المقادير (الحظوظ) وثم يصف حياته ويقدم موقفه من الجوع والمرض والعوز والناس. ولذلك نرى بأن الآداب والفنون هي الأقدر على تقديم المشترك الإنساني ليصبح وجدانا ومعرفة تتربع قلوب الناس وعقولهم ثم تقنن القوانين التي تطوعها لاتساع الرؤية وتحول المنظور…

وانتهى المحاضر إلى ذكر أبرز أوجه العناية بهذه اللاميات في التراث وأوجه العناية بها في العصر الحديث.

image
.

image

>

شاهد أيضاً

حرس الحدود بمنطقة عسير يحبط تهريب (176) كيلو جرامًا من نبات القات المخدر

صحيفة عسير ـ متابعات  أحبطت الدوريات البرية لحرس الحدود في قطاع الربوعة بمنطقة عسير تهريب …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com