زاوية مسبار
 
حسين الزيداني.. الشعر حين ينساب

IMG-20160721-WA0027
لم أشعر يوما مذ عرفت الشاعر حسين الزيداني أنه يعاني في كتابة القصيدة، وهو أيضا ليس من المكثرين، بيد أنه حين يكتب تنساب مفرداته منغمة تحمل صورها وأخيلتها على كفوف الأغنيات حتى وهو يتشظى -حزنا وفرقا- على فلذة كبده:
أسقيتني البعدَ والآمال تهزأ بي،
وللدموع اشتعال في تباريحي
ولم يعد نبض شعري غير صوت صدى..
نشيجي المرّ في زنزانة النوح.
تصدر مجموعته الشعرية (تآويه) عن نادي أبها الأدبي ومؤسسة الانتشار العربي، حاملة لنا روح فنان حقّ تأخر كثيرا في إصدار نتاجه، وما يزال –حسب معرفتي- غير مكترث بمواصلة المشوار لولا تحفيز المحبين والأصدقاء. أقول (فنان) لأن للزياني مقدرة مميزة في كتابة الشعر، وفضاءً خاصا حينما يسطر خواطره ومشاركاته النثرية.
وهو في هذه المجموعة قد أشغل بعض المحيطين من اللغويين بعنوانها وعتبتها الأولى بين قائل إن (التآويه) جمع مبتكر، إذ إن مفرده اسمُ جنس يطلق على القليل والكثير فلا حاجة إلى جمعه، وبين من يراه جمعا صحيحا لمفرده (تأويه). والمسألة هنا لا تعدو كونها خلافا لُغويا لا يلتفت الشاعر إليه لحظة البوح، فما تضمنته المجموعة بين دفتيها كفيل بإعلان شاعر متمكن الأدوات صادق الإحساس سريع البديهة، ونافذ البصيرة، كما أن لنصوصه خطابها العميقَ الذي يتسلل إلى نفس وعقل المتلقي رويدا رويدا بمجرد اكتمال النص على لسانه بدءا، وفي مخيلته انتهاء، يتبدى ذلك في جل النصوص.

صفة أخرى حملتها مقاطع المجموعة تتمثل في رونق النص وأثاثه، فنصُّ حسين، رشيق أنيق مؤثث على صعيد اللغة وكذلك الحُلّة الجمالية التي إخالها تتأتى طبعا لا تكلفا ولا تزلفا إلى المعجم اللغوي:
أطفئي جمرة الغضب
لست أهواك فتنة قدَّ من قلبها
اللهب
وأعيدي ربيعنا
نضج التين
والعنب
ولأنّ الشاعر –دائما- ساع إلى ما يجعله مميزا نجد المجموعة تحتوي عددا من المقطوعات القصيرة المكثفة الحاثّة على القراءة والمحفزة على التأمل بل والغناء كذلك، نحت الشاعر لها عنوانا شاملا سماه (تغري/ذات) مستندا إلى ما أسدته التقانة الحديثة من مسميات كالتغريد في (تويتر) غير غافل عن السيمياء المتوفرة في كل نص على حدة باعتبار اكتمال الصورة التي هي إحدى العلامات البارزة في نصوص الزيداني:
الحبرُ باسمك تائه
يتلو مهابته
الورقْ
وأنا أعاني
ما تعانيه الحروف
من الغرقْ

وبعد فإن مما يبشر باستمرار هذا الشاعر وجوده في بيئة شاعرة، ودأبه الإبداعي المعروف، ثم اشتغاله بالثقافة والأدب اجتماعيا ومؤسسيا في الآونة الأخيرة، أما مجموعته هذه فأعدها خير مبتدأ لخط منجزه زمنيا، لكنها لن تكون الأكثر توهجا إذا ما تابع الإصدار، فيقيني أن لديه الكثير مما لم يقله بعد.

يحيى محمد العلكمي>

شاهد أيضاً

تمديد مهلة تسديد المخالفات المرورية استمراراً لجهود القيادة في رفاهية المواطن والمقيم

عبدالله سعيد الغامدي اليوم صدرت توجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com