رافقت احد معارفي ممن يتمتعون بتأمين صحي فى واحد من اعرق المستشفيات الخاصة فى المنطقة،وكان يشكو من عارض صحي الم به، وصلنا الى عيادة طبيبه ،كانت ضمن اكثر من عشر عيادات تعمل بكامل طاقتها التشغيلية ،وكان يشقها ممر صغير (سيب)لا يتجاوز عرضه المتر الواحد ،لدرجة ان اثنين من المارة المعتدلين كتلة وحجما، لا يستطيعان المرور فى وقت واحد دون ان يتكرم احدهما فيتيح الفرصة للقادم من الجهة الاخرى ليستمر فى طريقه .
كان الممر ممتلأ عن بكرة ابيه وكان المراجعون يتكاثرون وساعات الانتظار تطول، والاكسجين ينفذ والناس خاشعون مطمئنون ،لا احد يطرق عيادة الطبيب ،والممرضة لها احترامها الكامل ،والحركة بالرغم من بطئها الشديد الا ان مؤشرات الرضى بالواقع بادية على وجوه المراجعين، فلا اعتراض ولا سؤال، الكل ينصت فى انتظار رقمه لينال حظه من الكشف والرعاية .
اسوق هذا المثال الغريب لنرى صورة المرآة فى الناحية الاخرى من المشهد الصحي والحياتي عندنا ،ففى مستشفى عسير ،هذا المستشفى الذي يخدم المنطقة الجنوبية بعمومها من خلال توافر كثير من التخصصات وقبل ذلك الكادر البشري المهني المتميز، الذي يستطيع ان يصنع فارقا احترافيا فى العمليات العلاجية والدوائية، هذا المشتشفى دشن قبل ثلاثين عاما وما زال يصارع امواج البشر من المراجعين والمرضى ،وما زالت خدماته فى المجتمع تعوم بين مد الرضى وجزر الرفض والنكران .
مستشفى وحيد وبقدرة تشغيلية تفوق طاقة انداده فى الاماكن الاخرى والارقام كلغة صادقة تقول ،ان هذا المستشفى وخلال عام واحد فقط بدأ من شهر الثامن من عام 2015 الى الشهر ذاته من هذا العام 2016 ،استقبل قسم الطوارئ اكثر من 177000مريضا اما العمليات فقد قاربت 6000 الاف عملية متنوعة ،وبالنسبة للقسطرة فقد اجري فى المستشفى فى الفترة ذاتها اكثر من 800عملية ،بل ان المفارقة العجيبة انه فى احد الايام تم تنويم اكثر من 54 مريضا دفعة واحدة فى سابقة لم تسجل لاي مستشفى فى العالم .
هذه بعض الارقام وليست كلها ،وفى المقابل ما زال كثير من الناس لا يعرفون ما يقدمه هذا الصرح الطبي من خدمات ،كونه مستشفى مرجعي وتحويلي وجامعي وتدريبي فى آن واحد ،فى سابقة قل ان تتكرر فى بقاع اخرى! .
مستشفى عسير المركزي صرح طبي باعتمادات مهنية عالية ،فقد حصل قبل عامين على شهادة JCIوهو اعتماد عالمي وفق ضوابط ومقاييس دولية علمية تطبق فى اعرق المؤسسات الصحية فى البلدان المتقدمة ،وقبلها حصل المستشفى على الاعتماد المحلي CBAHIوالذي يعد شرطا لا ستمرار اى منظومة صحية فى تقديم خدماتها للمراجعين.
مستشفى عسير المركزي كان ومازال حضوره مختزلا فى اخطاء عابرة ومظاهر تقصير بسيطة، تجعل البعض يسومونه سوء التقدير ،جحودا وتجنيا وتجاهلا ،بل لا ابالغ ان قلت ان هذا المستشفى وعاملوه هما الهامش الاكبر لحراكات النقد والتجني والتجريح فى مجالسنا واعلامنا .
شيء من الانصاف يرجوه العاملون فى هذا المكان ،وترجوه الحقيقة قبل ذلك، التى مهما حاول البعض حجبها فمصيرها الظهور والبقاء ،لتؤكد ان هذا المستشفى صرح طبي يخدم الانسان فى منطقة عسير خدمة طبية متميزة وفق مستويات اعلى من طاقاته الاستيعابية والتشغيلية الكبيرة ،وذلك من خلال كادر طبي لا يقل اخلاصا وكفاءة عن نظرائه فى بلدان العالم المتقدمة ،وتجهيزات غاية فى الدقة والتطور.
هذا المستشفى يحتاج من الناس تفهم خدماته وظروفه وانجازاته ليقفوا فى منتصف المسافة بين المريض المحتاج للخدمة وبين المنظومة التى يغلب صوابها خطأها ان لم يكن هذا الخطأ لا يذكر فى ظل وفرة الايجابيات التى يتناساها البعض ويتصيد الخطأ وشبهته طمعا فى سبق صحفي من خلال خبر مفبرك او رسالة واتسية مدلسة او مقطع تصويري أجتزأ من الحقيقة وقدم للناس على انه الحقيقة المجردة ولا شيء سواها .
علي المطوع .>
وهل يمدح العروس غير امها !!