قانون العدالة ضد رعاة الارهاب (Justice Against Sponsors of Terrorism Act,
JASTA) كما أسماه وأقرّه الكونغرس الأمريكي، يسمح لعائلات قتلى هجمات الحادي
عشر من سبتمبر 2001م بمقاضاة دول ينتمي إليها المهاجمون، الأمر الذي يعني أن
دولة مثل المملكة العربية السعودية
<http://www.aljazeera.net/home/getpage/12835b50-a872-4466-b351-a0204482c134/ 1ffa78d6-1266-45b5-8e34-20a17be777a6> ستكون أول المقصودين، لا سيما وأن 15
من المهاجمين الذين بلغ عددهم 19 كانوا ينتمون إليها. والحقيقة أن هذا القانون
المثير للجدل، يعد فوضى سياسية وكارثة غير مسبوقة في علاقات الدول، وتجاوز على
قواعد قانونية دولية، تتعلق بمبادئ السيادة والحصانة الدبلوماسية…. وغيرها من
المبادئ التي تحكم العلاقات الدولية منذ مئات السنين، وبالتحديد منذ معاهدة
وستفاليا عام 1648م، التي أقرت استقلال وسيادة الدول، ووضعت أسس النظام الدولي
المعاصر. وسوف يؤثر هذا القانون سلباً على جميع الدول، بما في ذلك الولايات
المتحدة نفسها، حيث يمكن ملاحقة جنودها ودبلوماسييها وشركاتها، بل والحكومة
الامريكية…… لاتهامهم بالضلوع في الإرهاب وجرائم الحرب الشنيعة التي
ارتكبتها في الصومال، وأفغانستان، وباكستان، واليمن، والعراق، وفيتنام واليابان
وغيرها من الدول التي تعرضت لإضرار كبيرة من طائرات بدون طيار، وقصف وتفجيرات،
واغتيالات …. وغيرها، وهو ما حذر منه الرئيس الأمريكي أوباما. وسوف يؤثر هذا
القانون على علاقة الولايات المتحدة
<http://www.aljazeera.net/home/getpage/12835b50-a872-4466-b351-a0204482c134/ b47c3212-43ea-4189-b951-516e69e1cc8b> مع بعض الدول التي تكافح وتعاني من
الإرهاب، مثل المملكة العربية السعودية، والتي تعتبر صديقة لواشنطن وتربطهما
علاقات صداقة وتعاون منذ العام 1933م عندما أسست مرحلة العلاقات الدبلوماسية
الكاملة بين البلدين، وتعززت هذه العلاقات باجتماع المؤسس الملك عبد العزيز بن
عبدالرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، مع الرئيس الأمريكي روزفلت في فبراير 1945م.
والمملكة العربية السعودية ساهمت وتساهم بفاعلية في الجهود الدولية لمكافحة
الإرهاب وتجريم الأعمال الإرهابية دوليا، وتبني عمل شامل وجاد للحد من هذا
الداء الخطير والقضاء عليه وصيانة حياة الأبرياء، وحفظ كرامة وسيادة الدول
وأمنها واستقرارها. وأكّدت المملكة في العديد من المناسبات على ذلك. وتعتبر
المملكة خط الدفاع الأول ضد الإرهاب في العالم، بجميع صوره وأشكاله، جنبا إلى
جنب مع حلفائنا وأصدقائها … ومن خلال التعاون العالمي وتبادل البيانات
والمعلومات والخبرات. وقد استضافت المملكة العديد من المؤتمرات واللقاءات
الدولية في هذا المجال، وبادرت بإنشاء أول تحالف إسلامي عسكري لمحاربة الإرهاب
والتطرف والذي انضمت إليه حتى الآن 40 دولة عربية وإسلامية. حيث أعلن ولي ولي
العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان عن
تشكيل هذا التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب، قائلاً إن “تشكيله جاء حرصاً من
العالم الإسلامي على محاربة هذا الداء، وكي يكون شريكاً للعالم كمجموعة دول في
محاربة هذا الداء”. وشملت جهود المملكة العربية السعودية في مجال مكافحة
الإرهاب والتطرف، اعداد برامج للمناصحة والتوعية وإعادة دمج المغرر بهم الى
المجتمع السليم عن طريق مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة، كما تم تطبيق أحد
أهم أنظمة الرقابة المالية الصارمة، والهادفة الى تجفيف منابع ومصادر دعم
وتمويل الجماعات الإرهابية.
ومما لاشك فيه أن المملكة العربية السعودية قوية بفضل الله سبحانه وتعالى ثم
بشعبها ومكانتها الدينية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية…..، ولا يمكن أن
يهزها ما يحاك ضدها من المحاولات المغرضة والابتزاز، وغيرها من تداعيات الحادي
عشر من سبتمبر، وسوف تقف المملكة شامخة في وجه قانون جاستا ومن خلفه، فقد كشفت
الصفحات الثمان والعشرين (28) والتي تم السماح بنشرها مؤخرا، بعد إن كانت مخفية
باعتبارها سرية للغاية، وعلى مدى ما يقارب 15عاما، أثبتت أن المملكة براءتهامن
جميع التهم.
والحقيقة أنه من الحكمة والعقلانية للكونجرس الأمريكي والحكومة الامريكية
إعادة النظر ومعالجة هذا القانون الغريب والمثير للجدل، والذي سيؤدي الى فوضى
سياسية كبيرة في علاقات الدول والشعوب، فهذا القانون مجرد ابتزاز ولعبة محامين
أمريكيين، هم المستفيد الأول ماديا على حساب علاقات وسيادات دولية. وقد أتخذ
الاتحاد الأوروبي موقفا صارما يرفض قانون جاستا، إلى جانب الصين وروسيا ودول
مجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية ودول أخرى،
ويجب أن لا تقف المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي مكتوفة الأيدي، اذا تم تفعيل
وتطبيق هذا القانون الفوضوي الابتزازي، فهناك الكثير من الطرق والأدوات التي
يمكن من خلالها الرد على هذا القانون بالطرق القانونية والسياسية والدبلوماسية
الذكية.
اللواء المهندس الركن (م) الدكتور عبد الله بن مشبب بن رحرح الشهراني>