
قبل بضع سنين زارنا مسؤول فاضل من وزارة التعليم لحث الميدان التربوي على تنفيذ خطة استراتيجية هدفها القضاء على ظاهرة الغياب في أيام ماقبل الإجازات والامتحانات ومن أهدافها المرحلية تقليص الغياب تدريجيا بحيث بعد ثلاث سنوات يصبح الحضور أكثر من 90% في تلك الأيام. والإجراءات المتبعة في الخطة كانت إدارية بحتة من خصم وتهديد وخطابات وشيء من التحفيز على خجل للمنضبطين؛ داخلت حينها بتحد صارخ على نجاح تلك الخطة وما زلت أتحدى !!.
وقلت بيني وبينكم الأيام نلتقي بعد ثلاث سنين وسترون تفشي أكبر للظاهرة وفشل مؤسف لهذه الخطة المتوفاة قبل نزولها للميدان؛ وبعد انقضاء الاعوام الثلاثة حدث ما قلت للأسف الشديد..
أيها الأحبة الأمر أكبر من جهد معلم أو قائد مدرسة أو حتى مدير تعليم
فجميعهم لا يشكلون حصاة في جبل ثقافة سادت وانتشرت
باختصار وبلا تنظير زائد وفلسفات تربوية مللناها:
الوزارة تحث على هذا التسيب بوضع إجازة منتصف الفصل فلو وفرتها ووضعتها بين الفصلين لكان أجدى من تلك الاستراحة الباهتة والتي تعتبر رسالة ضمنية مفادها الاسترخاء أولى من الجد.
ثم إن المعلم/ة المحبط المجلود بنصاب 24 حصة والمبتور من راتبه كذا درجة بسبب التسكين والدرجة المستحقة وسنوات البند وغيرها من القضايا الشائكة في الوزارة من ناحية هضم حقوق المعلم والمعلمة هذه النفسية البائسة التي تشعر بمرارة الإحباط ستجد متنفسا للتمرد الناعم خلال هذه الأيام الميتة؛ لن يحرضوا الطلاب على الغياب ولكن انخفاض مستوى أدائهم يعطي إيحاءات سلبية للطالب بأن الغياب نتيجة مطلوبة .
البيئة المدرسية المنفرة؛ وطرق التدريس العقيمة والتفعيل الباهت للأنشطة اللاصفية والدورات التدريبية الخاوية في كثير منها والتي لا تضيف نموا مهنيا للمعلم غالبا ؛ والاهتمام بالتقارير والبرامج على صفحات الورق فقط..
و…و في فمي ماء.
والسبب الأدهى والذي يخرج من قبضة وزارة التعليم هو ارتفاع نسبة وعي الأسرة والطالب فاختبارات قياس تشكل نسبة تصل الى70% من النسبة المؤهلة للالتحاق بالجامعة والثانوية العامة بأعوامها الثلاثة لاتشكل الا 30% !!فالتعليم العالي أصلا لا يثق بمصداقية التقويم ومخرجات التعليم العام فكانت ردة فعل الطلاب ميدانيا خاصة في المرحلة الثانوية لم العناء؟!
أخيرا..
لتهيأ بيئة جاذبة ؛ ومعلم راض وظيفيا غير مجلود بسياط الدرجة المستحقة والنصاب المرتفع وغيرها من السياط؛ ولنهتم بتجويد مخرجات التعليم فعلا بدلا من برامج الورق والتزييف المستمر حينها ستقتنع الأسرة والمجتمع بجدوى الانضباط ؛ لغة التهديد والحسم والمتابعة والضبط الزائد جيدة ولكن نتائجها مؤقتة وحلولها غير جذرية
فأنت قد تستطيع إجبار الحصان على الوصول للنهر ولكنك لا تستطيع إجباره على الشرب.
وكما قيل:
الإكراه على الفضيلة لا يؤدي للفضيلة .
ولله الأمر من قبل ومن بعد
حسن الزيادي
>
عسير صحيفة عسير الإلكترونية
اصبت فيما قلت استاذنا الفاضل .. لكن لاحياة لمن تنادي ..
لا فض فوك
كلام منطقي جميل يشخص الواقع دون فلسفة
شكرا لك