صحيفة عسير : فايع عسيري
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير طامي بن شعيب المتحمي – 28-
” 4 “
الأمير طامي بن شعيب المتحمي الرفيدي أمير
إقليم عسير من سنة 1224 – 1230هـ
الموافق 1809 – 1815م
الأمير طامي بن شعيب المتحمي الرفيدي أمير مقاطعات عسير بعد استشهاد أبن عمه
الأمير عبد الوهاب بن عامر أبو نقطة عام 1224هـ بوادي بيش بالمخلاف السليماني
وقد بقي طامي في إمارته إلى سنة 1230هـ كما مر بنا سابقاً أنه قد تسلم مهام
قيادة القوات في المخلاف السليماني في حين جاءت الموافقة من الإمام سعود بن
عبد العزيز على تعيين طامي بن شعيب أميراً على عسير كونه يُعَدّ من أدهى القادة
ومن أهم السياسيين والعسكريين في عهد سلفه ( 1 ) , وحيث أن طامي كان يتصف
بالحكمة والشجاعة , وقد بَرَزَ في قيادته لمعظم الحملات العسكرية في الحجاز وسواحل
تهامة , كذلك كان طامي يتصف بحبه للعلماء وقربهِ منهم في أخذ أرائهم في نوائب
الأمور, كما تفيد بعض الوثائق التاريخية إلى أنها قد برزت خطورة زحف قوات
محمد علي باشا ( 2 ) على جزيرة العرب ومنها عسير , إذ كان محمد علي باشا
يراقب الأوضاع الداخلية في الجزيرة وكلما يدور فيها من الحروب البينيّة التي تفرّق
الجموع وتشتت الوحدة وتبدد الجهود للوقوف في وجوه الطامعين , ففي توالي عام
1224هـ عادت المنازعات على صبيا وبيش , حين أرسل حمود أبو مسمار حملته
على صبيا لتحاصر حامية محمد بن أحمد المتحمي هناك , ولكن الأمير طامي بادر
بنجدة الحامية بحملة مضادة قادها بنفسه حتى اجبر حملة حمود ( 3 ) على العودة
إلى أبي عريش وفي أوّل سنة 1225هـ عادت الحروب بين المخلاف السليماني
وجيوش الدولة السعودية الأولى حين قامت قوات سعودية بقيادة طامي بن شعيب
وعثمان بن عبد الرحمن المضايفي للاستيلاء على بعض مناطق تهامة اليمن من
شمال وجنوب قاعدة المخلاف السليماني مدينة ” أبي عريش ” ومنع أي دعم أو أي
محاولة للاتحاد مع إمام اليمن , فوصلت القوات السعودية إلى وادي مور وإلى مدينة
وميناء اللُحيّة , وحدثت معركة بربر التي انتصرت فيها القوات السعودية بقيادة ,,
————————————————————————————————–
( 1 ) دور آل المتحمي من صفحة 247 إلى صفحة 249 , وللمزيد انظر شبه جزيرة العرب لحمود شاكر صفحة 192 ,
( 2 ) عسير خلال قرنين دراسة في ضوء الوثائق والنصوص التاريخية العسيرية المصرية صفحتي 10 – 11 ,
( 3 ) الأمراء اليزيديون صفحتي 212 – 213 ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير طامي بن شعيب المتحمي – 30-
أمير عسير طامي بن شعيب , ولكنه قد فقد طامي في تلك المعركة بعض قادته مثل
سعيد المضايفي أو علي بن عبد الرحمن المضايفي ويتوقع البعض أن القائد يحيى
بن ناشع ( 1 ) قد قُتِلَ في تلك المعركة , بينما ظهر لي من خلال البحث والدراسة
أن ذلك الخبر كان خاطئاً وسيأتي التفصيل في حقل القائد يحيى بن ناشع إن شاء
الله , وبعد تلك المعركة عاد الأمير طامي الكرة مرّة أخرى فضم مدينتي الحديدة
واللُحيّة عنوة , وهاجم بلدة الشقيري الواقعة بين ضمد جنوباَ وصبيا شمالاَ , فيما
كانت الأوضاع تضطرب سنة 1225هـ في كلٍ من نجد والخليج , وكذلك في الحجاز
وفي شمال الجزيرة العربية , حين كانت أوضاع بعض أسرة آل خليفة في البحرين
والزبارة مخالفةً لما بينهم وبين إمام الدرعية , مما جعل الإمام سعود بن عبد العزيز
يرسل فهد بن سليمان بن عفيصان ليتولّى أمر البحرين والزبارة ( 2 ) نظراً لما بدر
من أهلها من المخالفات , وبعد ذلك هَرَبَ بعض أبناء آل خليفة بضعنهم إلى مسقط
ليستنصروا بسعيد بن سلطان صاحب عُمان , فجمع الجموع حتى وصلوا الزبارة ثم
ساروا على قلعة المنامة وحاصروا بن عفيصان وقومه حتى أسروه هو وحوالي
ستة عشر من قومه , بينما عند سعود رهائن في الدرعية من آل خليفة مما جعل
أمر الأسرى ينفرج , وفي تلك السنة بلغ الإمام سعود بن عبد العزيز أن بعض عربان
بادية الشام من بني صخر وغيرهم قد أناخوا بتلك النواحي , ربما لمقاصدٍ عدائيّة
فجهّز سعود حملة من حوالي ثمانية ألاف مقاتل وقصد تلك البوادي وعند وصوله
وجد أهل البوادي قد هربوا مع دوخي بن سمير إلى الغور وحوران فمضى سعود
في ساقتهم حتى بلغ بصرى وعين ( 3 ) البجة أو عين لبجة , ثم عاد سعود لوطنه
سالماً غانماً وفي أخر تلك السنة حج سعود الحجة السابعة ومعه من رعاياه ,,
——————————————————————————————–
( 1 ) الأمراء اليزيديون صفحتي 214 – 238 , لم يرد مقتل القائد يحيى بن ناشع مع من أسماه بسعيد المضايفي في ص214 , وذكره في ص238 وفي آخر الهمش (6) منها قال أن بن ناشع قد قتل في معركة بربر التي وقعت بين الأمير طامي والشريف حمود عام 1225هـ مستنداً على صفحتي 207 – 269 من نفح العود للبهكلي , بينما لم يرد من ذلك خبر مقتل القائد يحيى بن ناشع شي ضمن صفحات كتابي نفح العود البهكلي !!
( 2 ) ج1 عنوان المجد في تاريخ نجد من صفحة 296 إلى صفحة 306 ,
( 3 ) المصدر السابق من صفحة 298 إلى 306 ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير طامي بن شعيب المتحمي – 31-
من الجبل ومن الجوف ومن الأحساء ومن عُمان ومن وادي الدواسر ومن عسير
وألمع ومن جميع أطوار تهامة ومن يليهم وجميع أهل الحجاز من المدينة وينبع
والفرع (1) وما بين ذلك من البوادي , وفيما يتعلق بتحركات محمد علي باشا سنة
1226هـ فلا يراودني الشك أن محمد علي باشا حين وجه أولى حملاته على الحجاز
كان هو وسلاطين الدولة العثمانية يتحيّنون الوقت المناسب لهم في بعث القوات إلى
جزيرة العرب ومن ذلك ما أسفرت عنه نواياهم من حشد العساكر من استانبول والشام
ومصر بقيادة أحمد طوسون باشا حتى وصلت أولى حملاتهم إلى ميناء ينبع وأجبرت
جابر بن جبارة وسعود بن مضيان على الخروج (2) من ينبع , بينما قامت بدأت في
تلك الأثناء الحشود والاستعدادات من لدى القادة والأمراء والمشايخ التابعين لقيادة
الدولة السعودية الأولى في الدرعية , وكان من أهمهم الأمير طامي بن شعيب وجيوش
عسير, في حين تقدم طوسون نحو وادي الصفراء وتمكنت القوات السعودية بقيادة
الأمير عبد الله بن سعود من هزيمة طوسون وجنوده إلاّ أن القوات السعودية لم
تستمر في متابعة فلول الغزاة بعد هزيمتهم في ممر الجديدة والخيف بوادي الصفراء
فقد يرى البعض أن الجيش السعودي قد اكتفى بذلك النصر الذي يُعَدّ فاصلاً في حينه
على الغزاة , فيما يرى البعض الأخر أن السعوديين كانوا مشغولين بفقد الكثير من القتلى
والشخصيات المؤثرة بين جيوش القبائل مثل الأمير مقرن بن حسن بن مشاري بن
سعود , وبرغش بن راشد الشبيبي وسعد بن إبراهيم بن دغيثر والشيخ هادي بن غانم
السميحي الجحدري الملقب بن ” قرملة ” والشيخ مناع بن كدم أحد مشايخ عبيدة
قحطان , وراشد بن شعبان أخو محمد بن سالم أمير بني هاجر في حين تفيد بعض
المصادر أن عدد القتلى من قوات أحمد طوسون باشا يُقدّر بما يُنيف عن أربعة آلاف
قتيل ( 3 ) بينما تفيد تلك المصادر أن القتلى والجرحى من السعوديين يُقدّرون ,,
——————————————————————————————————–
( 1 ) ج1 عنوان المجد في تاريخ نجد صفحتي 302 – 303 ( 2 ) المصدر السابق صفحة 307 ( 3 ) المصدر السابق من صفحتي 308 – 309 ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير طامي بن شعيب المتحمي – 32-
بحوالي ستمائة قتيلٍ وجريح ويُقال أن الأمير عبد الله بن سعود فرّق الغنائم ثم قصد
مكة والتقى أباه سعود في حجته الثامنة وبعد الحج نزل الأمير عبد الله بن سعود
قصر البياضة وتقابل مع الشريف غالب وتبادلا الهدايا إما محمد علي باشا فقد
ساءته تلك الهزيمة النكراء فجد في حشد الحشود وإعداد العُدَة وأحكم الخُطط مع
السلاطين العثمانيين في الباب العالي , مع أنه لا يُستبعد الظن بمحمد علي باشا أنه
كان يخطط لإقامة إمبراطورية تضم مصر والشام والجزيرة العربية , ومن المعروف
أيضاً أن السلاطين العثمانيين لهم مكاسب عُظمى من جرّاء الحرب بين محمد علي
باشا والسعوديين في جميع الأحوال , فالسعوديين قد سحبوا بساط السلطة على الحجاز
ومقدساته من تحت الولاة العثمانيين , مما يفقدهم الثقة والروحانية الإسلامية لدى
المسلمين .. فيما أن محمد علي باشا قد حكم مصر وعلى عرشه دون موافقة من
القادة العثمانيين , وتفيد بعض المراجع أن محمد علي باشا قد تقدمَ بطلب ضم بلاد
الشام ولكن السلاطين ( 1 ) تجاهلوا طلبه فلم يجيبوه بشأن طلب بضم الشام , وفي
سنة 1227هـ عاد أحمد طوسون باشا بحملة جديدة وتوجه بها نحو المدينة وقد
نهج هو ومحمد علي باشا نهج استمالة بعض المشايخ والعربان ببذل المال والعطايا
ليكون المشايخ إلى صف الذات وقد استجاب لهم بعض العربان من أطراف الحجاز
فضربوا الحصار على المدينة المنورة وهدموا أسوارها وقطعوا المياه عنها وضيّقوا
على أهل المدينة ومن فيها حتى انتشرت بينهم الأمراض والأوبئة , فيما قاومت
الحامية السعودية إلاّ أن تفوق الأتراك وكثرتهم جعلت من القوات السعودية من
يستسلم فيما بقيت قوة من رجال عسير متحصنة بداخل قلعة المدينة ولم تستطع
القوات التركية هدم تلك القلعة طيلة الحصار, كما أشار لذلك الحصار جوهان
بوركهارت في كتابه مواد لتاريخ الوهابيين ولكن عند سيطرة قوات الغزاة على
المدينة طلب المتحصنون الأمان على أنفسهم وتختلف بعض المراجع في أنهم ,,
————————————————————————————————–
( 1 ) دور آل المتحمي صفحة 265 ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير طامي بن شعيب المتحمي – 33-
حصلوا على الأمان , وبعد الآمان غدروا بهم الغزاة الأتراك بأمر القائد أحمد بونا
برت , رغم منحهم الآمان , كما يُقال أن بعض تلك الحامية قد هلكوا بسبب الأمراض
والأوبئة المنتشرة هناك آنذاك ( 1 ) ومن المعروف أن القوات التركية وحُلفائها من
المغاربة والمصريين وبعض عربان الحجاز بعد تمام الاستيلاء على المدينة المنورة
توجه جيشهم نحو مكة وجدة وقد أخذوهما دون مقاومة مما يدل على أن هناك
ترحيباً وموافقة من لدن أشراف مكة وجدة ( 2 ) فيما قد تراجعت بعض القوات
السعودية بقيادة الأمير عثمان بن عبد الرحمن المضايفي إلى الطائف , وبعد ذلك قَدِمَ
القائد أحمد طوسون باشا بقواته إلى الطائف واستطاع من ضمها وتراجع المضايفي
وقومه إلى تربة ليبدأ المضايفي في مهاجمة الطائف وما تحت أيدي الغزاة مما حول
الطائف ولكن المضايفي قد تعرّض للغدر من قبل بعض المأجورين لقاء شيءٍ من
المكافآت التي قد وعد بها الشريف غالب بن مساعد لمن يقبض على المضايفي ,
وفعلاً تم أسر المضايفي وتسليمه لغالب بن مساعد الذي بدوره سلمه للأتراك ليرسل
إلى مصر فإلى استانبول ليقتل هناك كغيره ممن أُسروا من القادة والصناديد ولتصبح
بلدان الحجاز تحت سيطرة الغزاة الأتراك وتبقى تربة مكمناً للسعوديين ضد الغزاة
وتقوم قوات محمد علي باشا في شهر ذي القعدة من سنة 1228هـ بقيادة مصطفى
بك بالهجوم على تربة ودارت المعارك حوالي تربة لمدة أربعة أيام على أرجح
التقديرات وقد انتصرت القوات السعودية على الغزاة نصراً مؤزرا وبرزت الفارسة
غالية البقمية في تلك الأيّام وفي سواها ( 3 ) من معارك تربة , ولكن طوسون أعاد
المهاجمة على تربة من جديد في شهر ربيع الأول سنة 1229هـ واصطحب معه
بعض القادة مثل عابدين بك , والاسكتلندي القائم على مؤن الحملة توماس كيث ,
والشريف راجح بن عمرو الشنبري الذي ربما لم يطب له تصرّف محمد علي ,,
————————————————————————————————-
( 1 ) دور آل المتحمي من صفحة 333 إلى صفحة 360 ,
( 2 ) أخص بكلمة الأشراف الحكام مثل أل غالب بن مساعد الذين أسرهم محمد علي باشا بعد دخول قواته مدينتي مكة وجدة بفترة وجيزة , للمزيد انظر الأمراء اليزيديون صفحتي 220 – 221 ,
( 3 ) الأمراء اليزيديون صفحة 222 , وللمزيد انظر كتاب غالية القمية من صفحة 47 إلى صفحة 56 ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير طامي بن شعيب المتحمي – 34-
باشا حين أعطاء الشريف يحيى بن سرور أمير مكة عَقِبَ القبض على غالب بن
مساعد فسلك بالحملة أبعد السبل وعرّضها لبعض البدو (1) الناقمين للقبض على
المضايفي مما جعل قائد الحملة طوسون باشا يقضي أياماً في مطاردة أولئك البدو
من قبائل عتيبة مما جعل قوات طوسون تنهزم في تربة مرة ثانية , وتفيد بعض
المصادر أن الغزاة الأتراك قد اعتبروا أن غالية البقمية تمتلك السحر, مع أن محمد
علي باشا قد عمل منذُ سنة 1228هـ على استمالة معظم الأعراب في الحجاز وغيرها كما أسلفنا وذلك بعدة أمور منها : 1– تخيف الضرائب عن العربان في الحجاز وغيرها . 2- تقديم الهدايا والعطايا للمشايخ والأعيان كي يستميلهم قدر الإمكان
إليه .
3– تحديد سلطات الشريف غالب في الحجاز حتى تسهل تنحيته في الوقت المناسب .
4– أخذ محمد علي باشا قوات الشريف غالب وجعلها زيادة على قواته مما جعل العربان يرون أن من قبائل الحجاز من أصبح إلى صف الغزاة ..
5 – كذلك استفاد محمد علي باشا من علاقات الشريف غالب بقبائل الحجاز فجلب منهم بعض الإبل والجمال عن طريق غالب قبل القبض عليه والاستغناء عنه .
6– رتّبَ محمد علي باشا مع سلطان مسقط لكونه ( 2 ) معادياً للدولة السعودية الأولى ليستأجر منه حوالي عشرون سفينة لنقل الإمدادات من مصر إلى الحجاز وليظمن عدم تضامن سلطان مسقط مع الدرعية في تلك الأثناء .
7 – قام بالقبض على الشريف غالب سنة 1229هـ بعد أن أخذ مأربه منه , متهماً لهُ أن سبب خضوع وخروج الحرمين من تحت أيدي الولاة العثمانيين إلى الأئمة السعوديين كان بسبب تواطئ الشريف غالب ..
8 – تواصل محمد علي باشا مع إمام اليمن ومع أمير المخلاف السليماني لطلب الوقوف معه , ولكن ربما لم يجد جواباً , وجعل من الحجاز والطائف مركزاً لتحركات قواته للجهات الجنوبية والجنوبية الشرقية..
وبما أن قوات عسير وبسالة الأمير طامي بن شعيب وقومه كانت تشكل خطراً
وحاجزاً منيعاً أمام قوات محمد علي باشا خصوصاً في سيطرة قوات عسير على
معظم الموانئ البحرية والمدن الساحلية من القنفذة شمالاً إلى المخلاف السليماني
جنوباً وإلى داخل اليمن ( 3 ) إذ كان لبعض أمراء عسير سيطرة على موانئ ,,
—————————————————————————————————–
( 1 ) غالية البقمية صفحتي 60 – 61 , ( 2 ) دور آل المتحمي من صفحة 268 إلى 170 , وللمزيد أنظر من أخبار الحجاز ونجد في تاريخ الجبرتي من صفحة 140 إلى صفحة 152 , القبض على المضايفي ( 3 ) المصدر السابق صفحتي 214 – 215 , وللمزيد انظر العلاقة بين أمراء أبي عريش وأمراء عسير , مصادر سابقة ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير طامي بن شعيب المتحمي – 35-
وسواحل يمنية مثل الحديدة والدريهمي والمخا واللُحيّة ووادي زبيد ( 1 ) ولذلك
قام محمد علي باشا بإرسال حملة بحرية إلى مدينة القنفذة سنة 1229هـ وقد
دخلت قوات محمد علي باشا إلى القنفذة وجعلت بمينائها أكثر من ألف ومائتي
جندي , ولكن الأمير طامي سُرعان ما توجه بقواته إلى القنفذة التي هو وقومه
أعرف بها وأولى بحفظها من الغزاة الأتراك , لكون القنفذة قد بقيت تحت سيطرة
قوات عسير حوالي ( 2 ) خمس سنوات من ذي قبل , وفور وصول الأمير طامي
وقواته إلى القنفذة أحكم السيطرة على مصادر المياه العذبة , وشد الوثاق على
مواقع الغزاة الأتراك وأشتد القتل في صفوف الأتراك مما اضطر بقايا فلولهم أن
يركبوا سفنهم ويولّوا الأدبار هرباً تاركين أثقالهم وأسلحتهم وأمتعتهم ( 3 ) لتكون
مغنماً بارداً لطامي وقوات عسير , وذلك مما أفجع محمد علي باشا وأوجعه وشَغَلَ
فكره فما كان منه إلاّ أن تنفس الصعود من جدة إلى الطائف ليكون قريباً من
قواته وليرى سير أعمال المعارك بل ويديرها هو عن كثب , وكأنه لم يعد لهُ الثقة
القوية ببعض قادته , ثم يطلب زيادة المدد والعِدد من مصر ويلح على السلاطين في
الباب العالي بزيادة المطالب , ولكنه قد استفاد محمد علي باشا من تغيير بعض
الخطط الحربية التي عهدها لدى السعوديين في عهد الإمام سعود بن عبد العزيز
بن محمد الذي قد أوصى أبنه عبد الله بن سعود قبل وفاته ألاّ يقاتل الأتراك في
الأراضي المكشوفة ! بل يجب أن يُحصن قومه في القلاع والحصون وفي الأماكن
المحصنة , وفي الجبال للمناطق الجبلية ( 4 ) , ومحاولة مناوشة الأتراك بقواتٍ
صغيرة لأشغال الغزاة في مواقع متعددة , ولكن شجاعة الإمام عبد الله كانت من
أهم أسباب دخوله مع القوات التركية الغازية في معارك كبيرة وحاسمة في حين ,, …………………………………………………………………………………………………………………..
( 3 ) المصدر السابق صفحتي 271 – 272
( 4 ) المصدر السابق صفحتي 272 – 273 , وللمزيد أنظر تاريخ البلاد العربية السعودية عهد سعود الكبير معظم مادة الكتاب , لمنير العجلاني , كذلك تاريخ البلاد السعودية عهد عبد الله بن سعود ونهاية الدولة السعودية الأولى معظم مادة الكتاب لمنير العجلاني أيضاً , وانظر عنوان المجد في تاريخ نجد , تاريخ الدولة السعودية الأولى لفيلكس مانجان , وحروب محمد علي باشا في الشام وأثرها في شبه الجزيرة العربية , مصادر سابقة ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير طامي بن شعيب المتحمي – 36-
أن القوات التركية تفوق القوات السعودية في العدد والعدة وفي كل الإمكانيات مما
جعل محمد علي باشا يستغل تلك الظروف لصالحه , إضافة إلى ما قد قام به من
إهداء الهدايا وجزيل العطايا وتخفيض الجمارك في الحجاز , ومحاولة التقرّب إلى
المشايخ والعلماء ( 1 ) والأعيان والسماع لشكاوى المواطنين ضد الغزاة الأتراك
وهذه من أهم أسباب التفاف بعض المشايخ والقبائل حول محمد علي باشا والوقوف
معه ضد القوات السعودية , وفي تلك الأثناء جعل محمد علي باشا بلاد عسير وقبائلها
وأميرها المقدام طامي بن شعيب نصب عينيه كون قبائل عسير وقادتها لم يخضعوا
أو يتقبلوا شيء من هدايا أو هبات محمد علي باشا الذي نهج في إطار الاستعدادات
النهائيّة إلى وضع قادة جدد للحملات مثل أحمد بونا برت على قوة المشاة في 3
محرم سنة 1230هـ وجعل عابدين بك على رأس قوة أخرى , وجعل مجموعة من
القادة الذين يثق بهم يقودون قواتٍ متعددة أخرى ( 2 ) لضرب التجمع السعودي في
تربة وكان محمد علي بنفسه مع تلك الجيوش ( 3 ) كما قد أسلفنا , فيما كان يتزايد
وصول القوات الإضافية إلى الحجاز في مطلع السنة 1230هـ 1815م ويتزايد أمر
التحالف من لدن بعض القبائل الحجازية , إذ انضم إلى صفوف الغزاة الأتراك حوالي
خمسمائة مقاتل ليزيدونهم قوةً إلى قوتهم ( 4 ) فيما كان يتتالى النقص والضعف
لدى السعوديين نظراً لذلك التحالف الذي بلا شك أنه يؤثر في صفوف المقاتلين
وفي نفوس القادة , ليس ذلك التأثير ينطبق على طرف واحد بل في كلا الطرفين
فيزداد حماس الغزاة بمثل ذلك التحالف والاتحاد ويتراجع حماس المدافعين المنفرد
والمتبدد , وربما كان من ذلك سبباً في تفرق القوات السعودية بعد معارك تربة
وبسل كلٍ إلى جهته كما جاء في جل المصادر ( 5 ) وزاد ذلك التفرق في تسهيل ,,
———————————————————————————
( 1 ) دور آل المتحمي صفحتي 272 – 273
( 2 ) غالية البقمية ودورها في مقاومة حملات محمد علي باشا صفحتي 72 – 73 ,
( 3 ) الأمراء اليزيديون صفحتي 224 – 225 ,
( 4 ) المصدر السابق 225
( 5 ) المصدر السابق صفحتي 281 – 282 ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير طامي بن شعيب المتحمي – 37-
طريق محمد علي باشا إلى غزو كل قومٍ في أماكنهم , ولذلك فقد تتبّعتُ في بحثي
هذا معظم المجريات من بداية غزو محمد علي باشا للجزيرة العربية , ولكنني سئمت
التحالف مع الغزاة ( 1 ) و في نفس الوقت شَكَرْتُ لقبائل الجزيرة على الشكيمة
والصمود ( 2 ) وعجبتُ لبعض من ألقى العهود وألقوا الحلقة والبارود ( 3 ) ولكن
ربما لم يكن لهم عن ذلك من صدود ( 4 ) في حين باتت المقاومة في معظم
المعارك تُدار بأيدي القبائل الجنوبيين كما أشار لذلك الغربي بوركهارت جوهان
لودفيج في رحلاته في شبه الجزيرة العربية , ومن المعروف أن القبائل الجنوبيون
أو الوهابيين الجنوبيون هم قبائل مقاطعات عسير ولعل منها بلاد غامد وزهران
آنذاك إذ كانت تمتد مقاطعات عسير جغرافياً إلى تلك الديار, وقد جاء في أقوال
بوركهارت أن الأمير طامي بن شعيب قد أحتل المكانة الأولى بين الزعماء الجنوبيين
في حين أنه قد ذكر القائد الأول لقوات طامي فقال : أبو ملحة ( 5 ) ولم يأت
بوركهارت بأكثر من قوله أبو ملحة بينما أبو ملحة هذا هو الشيخ الوقور والفارس
المقدام : علي بن سلطان من أسرة آل أبو ملحة ثم من فخذ آل مطير فمن قبيلة
آل رشيدي ثم من قبائل شهران العريضة وذلك الرجل يكون الجد الأول لعبد الوهاب
بن محمد بن علي بن سلطان أبو ملحة رئيس مالية عسير في عهد الملك عبد العزيز
وأول عهد الملك سعود رحمهم الله جميعاً , وقد ذكر بوركهارت عدة مشايخ ومنهم
بن قطنان – وبن جرشان (6) – وبن شكبان (7 ) وبخروش بن علاس – وبن دهمان ,,
————————————————————————————————-
( 1 ) تحالف بعض من الأعراب مع الغزاة , كما جاء في الكثير من المراسلات لعبد الرحيم بن عبد الرحمن , وعن رؤوف , وأحمد باشا في رسالتيهما من زهران حين راسلا مولاهم صاحب العناية يفيدونه بتخريب حصون وقلاع من يسمونهم بالأشقياء , والخبثاء في خطاباتهم .. مثل عايض بن مرعي – ومحمد بن مفرح – ومحمد بن دهمان – وبن جافل – وابن مشيط وغيرهم
( 2 ) الذين صمدوا رغم التشتات سواءً كانوا في ضواحي تربة ووادي بسل أو في الخرمة ورنية أو في بلاد غامد وزهران أو في تبالة وضواحي باشوت أو في بلاد السروات عموماً ومنها بلاد الحجر , وكذلك أقطار تهامة وسراة عسير وما يليها من تهامة وبلاد مذحج الموالية المقاطعات عسير من سراة وتهامة , ولمن صمد وقاوم الغزاة في بلدان نجد والجزيرة عامةً
( 3 ) هناك من عاهد الغزاة فأخذت منهم الأسلحة وهي ( الحلقة والبارود ) وأخذت بعض المطايا من خيولهم و أبلهم بحسب بعض المراجع , وبحسب بعض الروايات … ,
( 4 ) ربما ليس لهم من مخرج أمام القوات العارمة بعد حجة 1229هـ إلاّ المعاهدة , وإلقاء أسلحتهم , في حين وصول المدد لمحمد علي باشا بحوالي 6500 بعير مع حجاج الشام ومصر ووصول ما يزيد على ألف مقاتل من مصر وغيرها , كما أشار لذلك جوهان لودفيج ” بوركهارت ” في رحلاته في شبه الجزيرة العربية , تحقيق عبد العزيز الهلابي – وعبد الرحمن الشيخ ,
( 5 ) أبو ملحة هذا كان له شأن في زمنه وله من الوثائق والإصلاحات بأيدي بعض الأشراف في أحد رفيدة سنة 1283هـ ورد أسم أبو ملحة في رحلات بوركهات بعد الأمير طامي بن شعيب مباشرة , فقد أورده الدكتور أبو داهش في حولياته ( سوق حباشة ) وذكره الأستاذ سعد بن محمد أبو ملحة في كتابه ( نبذة عن حياة الشيخ عبد الوهاب أبو ملحة ) وذكره الدكتور غيثان بن جريس في كتابه ( عبد الهاب أبو ملحة في جنوبي البلاد من سنة 1340 – 1374 هـ إذ كان رجُلاً قيادياً هاماً في ذلك الزمن .. إما بن قطنان فهو مصلط بن قطنان من رنية سبيع ,
( 6 ) في الأصل بن خرشان ولكنه بن جرشان كما جاء في كتاب الأستاذة الدكتورة – دلال بنت مخلد الحربي – ” غالية البقمية ” صفحة 37 , وللفائدة طالع من صفحة 38 إلى صفحة 75 , لترى أن غالية البدرية هي بنت عبد الرحمن بن سلطان الغرابيطي الرماثيني البدري الوازعي البقمي 19 – 23 , وأنها قد تزوجت من حمد بن محيي
( 7 ) آل شكبان على قبائل الرمثين في بيشة وبن شكبان في ذلك التاريخ هو فهاد بن سالم بن محمد – وبخروش بن علاس بن مسعود هو أمير زهران , ومحمد بن دهمان أمير بني شهر وبلاد رِجال الحجر كافة – وزعيم الدواسر هو ربيع بن زيد الدوسري , ومثل بن محيي هو جاسر بن محيي البقمي أحد أمراء تربة ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير طامي بن شعيب المتحمي – 38-
——————————————————————————————————————————–
وزعيم الدواسر وغيرهم , قال وكانت قوات طامى تمثل الثلث للقوات , فيما كانت
قوات مسلط بن قطنان السبيعي , وقوات رشيد بن جرشان البقمي , وبخروش بن
علاس الزهراني وقوات ربيع بن زيد الدوسري الثلثين , ولا ننسى أن محمد بن
دهمان وقواته وبن شكبان وقواته وأهالي تهامة كانوا في عداد قوات عسير وتحت
إدارة الأمير طامي بن شعيب الذي كان هو قائداً للقوات الجنوبية في معركة وادي
بسل مع أنه لا يوجد قيادة موحدة لجميع القوات السعودية على الرغم من تجمعهم
في وادي بسل ولكن في بداية (1) المعركة كانت الغلبة للقوات السعودية وفي النهاية
تُعتَبرُ معركة وادي بسل معركة فاصلة بين القوات السعودية والقوات التركية المصرية
وكما قد أسلفنا أن القوات السعودية قد تفرقت وذهبَ كلٍ إلى جهته مما يؤكد القول
السابق انه ليس هناك قيادة موحدة , إضافة إلى فقدان عددٍ كبيرٍ من القتلى وفي تلك
الأثناء وصلت إحدى الرسائل التي كانت بتاريخ 3 ربيع الآخر سنة 1230هـ الموافق
1815م من السلطان العثماني إلى محمد علي باشا يأمرهُ فيها بإنهاء المقاومة
الجنوبية وإخضاع عسير قبل كل شي حتى يتم للسلطنة ولمحمد علي باشا غزو
نجد والدرعية بأمان ( 2 ) فما كان من محمد علي باشا إلاّ أن جعل من نفسه قائداً
ومشرفاً عاماً على قادة الحملات , وواصل السير جنوباً وأخذ يباغت ويهاجم كُلّ
قبيلة أو بلدة على حِدَه فأخذ تربة وأخذ الخرمة ثم أخذ رنية ومنها تقدّم نحو تباله
ولكنه قاومه الشيخ الفارس شعلان بن صالح وقومه من شمران والفزع في تباله
فحاصرتهم قوات محمد علي باشا في قلاع شعلان بن صالح وتقاتل الفريقين حتى
سار بينهما هدنة , وأُعطِيَ شعلان وقومه الأمان ولكن الغزاة قاموا بإعدام شعلان مع
من كان معه من قومه حين قدم على مخيّم الغزاة , ثم تم هدم حصون وقلاع
شعلان حتى تساوت بالأرض لكونها في نظر الغزاة قد عتت
( 3 ) واستعصت ,,
——————————————————————————————————-
( 1 ) دور آل المتحمي من صفحة 276 إلى صفحة 283 , مصادر سابقة
( 2 ) دور آل المتحمي من صفحة 281 إلى صفحة 283 ,
( 3 ) المصدر السابق صفحتي 283 – 284 ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العربية , الرسالة الثانية الأمير طامي بن
شعيب المتحمي 39
عليهم أقول : ” لقد حق للجماد أن يعتو ويستعصي على أولئك الغزاة ” هذا وتشير
بعض المصادر إلى أن القوات التركية تقدمت نحو بيشة قاصدين حصون وقلاع بن
شكبان الذي قد بيّنَ من أفعاله وشكيمته في بسل وسواها ولكن القوم غلاّبة ذلك مما
جعل بن شكبان ينسحب من حصونه وقلاعه علهُ يعمل على تكوين مقاومة في الوقت
المناسب ( 1 ) إذ رأى ما حل بغيره فعرف أنه لن يستطع المقاومة في تلك الظروف
ولو قاوم فقد يكون هو وقومه ضحايا أخرى , هذا وبحسب بعض المصادر نرى أن
قوات محمد علي باشا قد اتخذت من رنية مركزاً لها ومعسكراً بحيث تتوجه منه
بالحملات إلى بلدان السروات ( 2 ) وما يحاذيها من الجهات الشرقية فقد توجهت من
هناك حملة فيما يقارب منتصف سنة 1230هـ على أمير زهران بخروش بن علاّس
للقضاء على مقاومة قبائل زهران وغامد , وعند وصول الحملة قرب مقر بخروش
تمت محاصرة قصوره وتمكن الغزاة من رمي حصون بخروش بالمدافع حتى
أستسلم بعض الذين كانوا بداخل الحصون من قوم بخروش وتفيد معظم المصادر
إلى أن أول حملة قامت بشأن ( 3 ) بخروش بن علاس كانت في شهر شوال من
سنة 1229هـ ( 4 ) ولكن بخروش وقومه قد دحروا تلك الحملة بمساعدة طامي
بن شعيب ورعاياه من عسير وألمع , وطوائف شعلان ومن معه من قبائله ( 5 )
والأمير محمد بن دهمان ومن معه من قومه , وبن حابش وغيرهم , والتقى الفريقين
في أودية زهران فتقاتلت الجنود الحجازية والتهامية مع الأتراك والمغاربة وحلفاءهم
الذين يقدرهم بن بشر بأكثر من عشرون ألف جندي , والتحمت القوتين حول حصون
بخروش سنة 1229هـ وحصل قتالاً شديداً انتصرت فيه القوات السعودية ,,
—————————————————————————————————-
( 1 ) دور آل المتحمي صفحة 284
( 2 ) المصدر السابق صفحتي 284- 285 ,
( 3 ) في الأصل بن غلاس , ج1 عنوان المجد في تاريخ نجد صفحة 341 ,
( 4 ) المصدر السابق , وشعلان هو شعلان بن صالح أمير تباله وشمران والفزع , إما الطوائف فقد يكون هناك قبائل متعددة من الحلافات والقبائل المجاورة مثل قبائل بلقرن وغيرهم , في حين جاء في السياق قول بن بشر ” ومن معه من قبائله ويعني بهم شمران والفزع “
( 5 ) المصدر السابق ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العر بية , الرسالة الثانية الأمير طامي بن شعيب المتحمي – 40-
بينما أنها قد انهزمت قوات الغزاة الأتراك والمغاربة ( 1 ) هزيمة شنيعة ومن ثم
غَنِمَ السعوديون خيول الغزاة وبغالهم وزودهم وخيامهم وأسلحتهم وأمتعتهم .. ( 2 )
وقتل من الترك مقتلة عظيمة , ولكن في عام1230هـ حين اجتمعت جموع السعوديين
على ماء غزايل بقيادة فيصل بن سعود , فبينما كانت قوات محمد علي باشا مجتمعةً
في وادي بسل , قال بن بشر: فنازلهم المسلمون , يعني السعوديون قال ووقع قتالٍ
وطرادٍ وقُتِلَ من الترك عدداً كثيرا ( 3 ) قال بن بشر: وفي اليوم التالي أقبل محمد
علي صاحب مصر بعساكرَ كثيرة وعددٍ كبيرة ومِدَداً وفيرة تكفي لعدة شهور , قال
ووقع القتال بين الفئتين فثبت فيصل ومن معه ووقع كسيرة في ناحية جموع
المسلمين من جهة زهران وغامد ( 4 ) قال : ثم اتصلت الكسيرة في قوم طامي
من عسير وغيرهم , قال واتصلت الكسيرة على جموع المسلمين لا يلوي أحدٍ على
أحد , قال : ووقى الله المسلمين شر القتل وكف أيدي الترك عنهم وعن ساقتهم قال :
ولم يقتل إلاّ أقل القليل نحو المئة وتفرّق أكثر تلك الجموع , فتوجه فيصل ورؤساء
قومه وهم طامي , وفهّاد بن سالم بن شكبان , و مصلط بن قطنان , وغيرهم إلى
تربة , وهم يظنون أن الناس سيجتمعون فيها بعد الهزيمة , قال: فوجدوهم قد
تفرقوا.. أقول : أن السياق السابق لعبد الله بن بشر رحمه الله غير مقارب لمعظم ما
جاء في المراجع والمصادر بشأن ما جرى عَقِبَ معركة وادي بسل ! ولكن بحسب
ما قد أشرتُ إليه سابقاً من أن محمد علي باشا اخذ تربة ثم الخرمة ثم بعث
محمد علي باشا بحملة بقيادة الشريف راجح إلى رنية فوجدها خالية وقد أنسحب
منها الشيخ مصلط بن قطنان فقام راجح وقواته بتدمير حصونها , وعسكرَ ,,
————————————————————————————–
( 1 ) دور آل المتحمي الصفحات 271 – 272 – 273 – 274 – 275 , + عنوان المجد في تاريخ نجد ج1 الصفحات 399 – 340 – 341 -342 – 343 -344 ,
( 2 ) عنوان المجد السابق صفحتي 342 – ( 3 ) دور آل المتحمي صفحتي 342 – 343 ,
( 4 ) عنوان المجد السابق صفحة 343 , ولكنني لم أرى لما أنفرد به بن بشر من مجال , إذ بقيت المقاومة لدى بخروش حتى تم أسره وقتله , وبقيت لدى شعلان بن صالح حتى قتل , وكذلك بقيت المقاومة عند محمد بن حابش بن حبشان حتى قتل , أيضاً , وبقيت المقاومة عند محمد بن دهمان في بلاد الحجر حتى أُسِرَ أبنه ناصر , وتشهد معظم التواريخ بمقاومة طامي وقومه حتى كان هو أخر المقاومين سنة 1230 هـ وفيها أتجه للمخلاف السليماني فقبض عليه الوزير الحسن بن خالد الحازمي وسلّمه للغزاة ..
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العر بية , الرسالة الثانية الأمير طامي بن شعيب المتحمي – 41-
—————————————————————————————————-
هناك ومكثت قوات محمد علي باشا برنية ( 1 ) ومن ثم قامت بتوجيه الحملات على
قبائل السروات ما بين بلاد زهران وغامد , وشمران وبالقرن , ورجال الحجر , وتباله
وبيشة , ثم اتخذت قوات محمد علي باشا من أودية شهران سبيلاً للوصول إلى مقر
طامي بن شعيب في طبب وقبل ذلك اتخذت سبيلاً إلى مقر مشيط بن سالم في خميس
مشيط , وطريقاً إلى مواقع بن جافل , وبن حرملة في عرين قحطان وما حوله شرقي
بلدة طريب بحوالي 28كيلاً تقريباً , حين سنحت الفرصة لقوات محمد علي باشا بعد
معركة وادي بسل بأخذ البلدان على التوالي من تربة إلى عاصمة عسير الإدارية
” طبب ” إذ كانت كل بلدة تتلو الأخرى في السقوط من البلدان فسقطت تربة , ثم
الخرمة , ثم رنية ومن رنية تقسمت قوات محمد علي باشا إلى قسمين كما جاء في
كتاب دور آل المتحمي 284 فتوجه القسم الأول منها إلى بلاد زهران لمحاصرة
بخروش بن علاس ولكن هناك روايات حول القبض على بخروش بن علاس تفيد أن
الذين قبضوا عليه هم من بعض المأجورين من أهل معشوقة , وسنحاول في
التوضيح أكثر لتلك المجريات في حقل ذلك البطل الباسل بخروش لاحقاً إن شاء الله
أما القسم الثاني من قوات محمد علي باشا فربما قاموا بالهجوم على شعلان بن
صالح كما قد أسلفنا ولكن شعلان قاومهم وقومه قاوموا مقاومة شرسة , وتمت
محاصرة شعلان وقومه في قلاع تباله , وسنحاول التوضيح عنه لا حقاً بموجب ما
جاء عنه في عنوان المجد أو في دور آل المتحمي أو في سواهما ( 2 ) من المراجع
وقد توافدت قوات محمد علي باشا بقيادة كلٍ من محمد بن عون وجمعة آغا إذ سار
الأول بحملته متجهاً نحو الشرق من الطائف إلى بيشة ورنية لمساندة القوات هناك
وسار جمعة آغا عبر بلاد قبائل عليان حيث حصون بن حابش
( 3 ) في السقيفة ,,
( 1 ) ج1 عنوان المجد الصفحات 342 – 343 – 344 – 345 , وللمزيد انظر دور آل المتحمي من صفحة 275 إلى صفحة 293 , وركّز على صفحة 284, أخر سطر ومن حيث قسّم محمد علي باشا قواته , وللمزيد انظر الأمراء اليزيديون من صفحة 222 إلى صفحة 230 ,
( 2 ) المصادر السابقة عنوان المجد من صفحة 341 إلى صفحة 344 , ودور آل المتحمي صفحتي 283 – 284 , الأمراء اليزيديون صفحة 228 كان يظن مؤلفه أن بن شكبان هو الذي قُتل بينما المقتول هو شعلان بن صالح أمير شمران والفزع في تباله , إما أمير بيشة في ذلك التاريخ فهو فهاد بن سالم ,
( 3 ) دور آل المتحمي صفحة 302 ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العر بية , الرسالة الثانية الأمير طامي بن شعيب المتحمي – 42-
—————————————————————————————————-
فأقول : ربما تابعت القوات التركية السير من رنية وإليها , وربما أتجه من القنفذة
إلى بلاد زهران وغامد لمساندة القائد سليمان آغا وسليمان بك ومحمد بن عون ( 1 )
وساروا إلى قرب عقبة شمران حيث وجود حسني باشا ( 2 ) أقول : وربما لقصد
محاربة الشيخ محمد بن حابش بن حبشان في نواحي البشائر وباشوت , ومن تلك
القوات حملة كانت باتجاه الجنوب الغربي وإلى ناحية مقر بن دهمان في تنومة لكي
تقضي على أي مقاومة في الجهات الجنوبية والشرقية من المواضع التي وصلت
إليها القوات التركية قرب عقبة شمران , كما جاء في كتاب دور آل المتحمي
( 3 )
سابقاً قال : وتقدمت قواتهم تجاه الثنية حيث وجود محمد بن عطيان وهو شيخ قبائل
أكلب آنذاك , فتقاتلوا مع بن عطيان وقومه من أكلب وكانت الغلبة للأتراك لكثرتهم
وكثرة إمكانياتهم, ومن ثم هاجموا قلعة الرقيطاء حول بيشة ولكنها تتضارب الأخبار
بشأن صمود قبائل بيشة وقبائل المحلف والمشايخ من آل شكبان وآل الصعيري
كما جاء ( 4 ) في كتاب دور آل المتحمي , ولكنه قد كان من الواضح أن قوات
محمد علي باشا قد تفردت بالقبائل والبلدان كلٍ في مكانه كما أسلفنا , فكان من
سقوط البلدان الجنوبية الشرقية من تربة إلى معقل طامي بن شعيب في طبب أثراً
بالغاً وسبباً رئيسياً في سقوط إمارة طامي , وكذلك الأمر في سقوط الدرعية فيما بعد
وحين واصلت القوات التركية مسيرها باتجاه عاصمة عسير الإدارية عبر الأودية
الجنوبية عن بيشة والشرقية من سروات عسير عابرين برعايا بن قبيّل , وورزحان ,
ومحمد بن واكد , حتى وصلوا بلاد مشيط ( 5 ) صاحب الخميس , فكل من مروا به
من المشايخ والعربان أطاعوا لهم , قال بن بشر في عنوان المجد : ثم أن محمد علي
وعساكره ساروا إلى بلدان طامي ورعاياه من عسير وألمع ورفيدة وغيرهم ,,
——————————————————————————————————–
( 1 ) دور آل المتحمي صفحة 302 ,
( 2 ) في الأصل بن حابش ولم يزد عن ذلك , ج1 عنوان المجد في تاريخ نجد صفحة 341 ,
( 3 ) بناءً على وثيقة رقم 2/8-30 من محافظ مكة حسني باشا إلى محمد علي باشا سنة 1232هـ دارة الملك عبد العزيز كما في الهامش 1 من صفحة 302 دور آل المتحمي ,
( 4 ) دور آل المتحمي من صفحة 283 إلى 303 ,
( 5 ) ج1 عنوان المجد في تاريخ نجد صفحة 344 , وكتاب دور آل المتحمي صفحتي 285 – 303 , ذكر استسلام بلاد شهران وقحطان , وذكر تقدم قوة جهة العرين أجبرت بن جافل على الهروب , وتم تعيين شيخاً بدلا منه ,
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العر بية , الرسالة الثانية الأمير طامي بن شعيب المتحمي – 43-
————————————————————————————————
قال بن بشر : فأطاعت رفيدة , وثبت طامي ومن معه من عسير وألمع وبني الأحمر
والأسمر ورتّب جموعه ورعاياه …
أقول أن في قول بن بشر السابق شبهة ( 1 ) وذلك لكون الأمير طامي من قبيلة
ربيعة ورفيده , وليس من عادة قبائل ربيعة ورفيدة عسير, ولا قبائل رفيدة بن عامر
قحطان التولي ! ولكنه قد أشار بن بشر إلى وقوع كسيرة سابقة في معركة وادي
بسل , ومن الملاحظ أن بن بشر رحمه الله كأنه يعزي تغلّب الأتراك على أقوامٌ
معيّنون في مثل قوله : وقع في قوم حوان خيانة وخذلان ثم قال فانهزموا وتزبّنوا
الجبال , يعني قوم الأمير طامي بن شعيب , قال وسارت عساكر الترك إلى قصور
طامي ورموها بالمدافع حتى أثّروا فيها , فخرجَ محمد بن أحمد واستأمن على نفسه
وعلى أهل الحصون , على أن يتركوا ما في الحصون من سلاح وعتاد وأموال
ومتاع للغزاة , ثم قامت القوات الغازية بأخذ ما في الحصون من سلاح ومؤن ثم
هدموها , وتمَّ أخذ العهد من الأمير محمد بن أحمد قال إما طامي فقد تزبّن جبل
تهلل ( 2 ) حتى قال : بن بشر أن محمد علي وعساكره قد انصرفوا مع عقبة تيّا
قافلاً ( 3 ) وأرسل في ساقة طامي الذي قد أتجه إلى حصنٍ لهُ في تهامة تسمى
مسلية ( 4 ) لهُ فيه مال وسلاح , ومما لاشك فيه أن أمر الأمير طامي قد صعُبَ عليه
إذ هو أخر قائد يقاومُ الغزاة في الجهات الجنوبية الغربية للجزيرة العربية فالحجاز
بجميع مدنه ومقدّساته وضواحيه قد أصبح تحت سيطرة الأتراك , فسار مركزاً قيادياً
ومنطلقاً للحملات إلى كافة بلدان الجزيرة العربية , وفي ذلك التاريخ قد أضحت كافة
البلدان من الطائف شمالاً إلى عرين قحطان جنوباً مع جميع سواحلها الغربية
وسهولها الشرقية , جميعها ترضخ تحت سيطرة الأتراك ,,
————————————————————————————————-
( 1 ) ج1 عنوان المجد الصفحة السابقة 344 , لاحظتُ تكرار أقول بن بشر في وقوع – كسائر – وهزائم – وخيانات … وكأنه يحمّلها قومٌ دون قوم !
( 2 ) المصدر السابق صفحتي 344 – 345 , الأتراك لم ينصرفوا رغبة بل من جراء تحالف معظم القبائل والمشايخ مع الأمير محمد بن أحمد المتحمي , انظر الأمراء اليزيديون من 230-254
( 3 ) المصدر السابق , وتيّا هي عقبة تيّه ( شعار ) انظر ترجمة الهمداني لها في صفة جزيرة العرب إضافة إلى ترجمة العلامة حمد بن محمد الجاسر في معجه الجغرافي , رحمهم الله جميعاً , مع العلم أن الأتراك لم ينصرفوا رغبة بل رهبة … , ولذلك أنظر تحالف الأمراء والمشايخ وقبائلهم في أخراج الأتراك من طبب من صفحة 231 إلى صفحة 358 الأمراء اليزيديون ,
( 4 ) المصدر السابق , ولكن مسلية ليست قصراً بل بلدة من أعمال بيش كان للأمراء المتاحمة بها مزارع وحصون منذُ خلافهم مع أمراء المخلاف السليماني , انظر كتابي دور آل المتحمي وكتاب الأمراء اليزيديون , وللمزيد انظر نفح العود في سيرة دولة الشريف حمود وما جاء في تلك المصادر بشأن تلك المزارع والقصور …
رسائل المَحبّي التاريخيّة في بعض شخصيّات الجزيرة العر بية , الرسالة الثانية الأمير طامي بن شعيب المتحمي – 44-
————————————————————————————————————–
فما كان من الأمير طامي بن شعيب إلاّ أن يعمل عمل :
المستجيرُ من الرمضاء بالنارِ ( 1 ) وفي شأن الأمير طامي في تلك الأثناء يعتقد
الكثير أن طامياً كان يبحث عن النجدة والمناصرة من لدن أمراء المخلاف السليماني
في ذلك الأمر الجلل الذي جعله يتجه للمخلاف السليماني .
رغم الخلاف السابق بين أمراء عسير وأمراء المخلاف , فالأمير طامي يبحث عن
المناصرة أن وجدت , أما إذا كان لا محال له مما وقع فيه فربما كان يُفضّل بني
جلدته أكثر من الغزاة , أخذاً بمثلِ مقولة الكميت بن زيد الأسدي في شعره :
” إذا لم يكن إلاّ الأسنةِ مركباً == فما حيلة المضطرُ إلاّ ركوبها ” حتى قال الكميت :
أبونا الذي سنَّ المئين لقومه == دياتٍ وعدَّاها سلوفاً منيبها
وسلّمها فاستوثق الناس للتي == يعللُ مما سنَّ فيهم جدوبها
فأين سواكم أين لا أين مذهبٌ == وهل ليلةُ قمراء ناجٍ طليبها
ولذلك توجه طامي إلى قصوره ومزارعه في بلدة مسلية ومن ثَمَّ يُقال أنهُ
استقدمه الوزير الحسن بن خالد الحازمي ثُم سلّمهُ للأتراك , والله أعلم بحقيقة الحال
ولكنّها بدايةً لنهايةِ بطولات الأمير طامي العظيمة , ونهايةً لحياتهِ الكريمة بإرسالهِ
إلى مصر فإلى استانبول ليصلب هناك بين جحافل الجنود , وتفيد بعض الروايات أنه
قد وضعَ رأس الفارس بخروش بن علاّس بن مسعود الزهراني بين كتفي الأمير
طامي مستعرضين بهما في الميادين ( 2 )
رحمه الله وجعلهُ مع الشهداء والصالحين آمين ,,
————————————————————————————————–
( 1 ) المستجيرُ بعمرو عِندَ كقربَتهِ == كا المستجيرُ من الرمضاء بالنارِ , ربما إن قائلُ البيت أعلاه هو الضبعي , إذ مَرّ عمرو بن الحارث التغلبي أو أحد موالي بنو تغلب على الأمير كليب
بن ربيعة وهو مطعونٌ برمح جساس ولا يزال في كُليبُ رَمَقٌ من الحياة فأستسقاهُ كُليباً فأجهزَ عليه عمرو بخنجرهِ حتى هلك ولذلك قال الضبعي ذلك البيت مع جملةً من أبيات الشعر…
( 2 ) دور آل المتحمي صفحة 290 ,>