فايع آل مشيرة عسيري
كان يرقص تحت زخات المطر ويجمع حبات البرد كان يغني فوق الجبال الخضراء ويصرخ بين المزارع والحقول يوزّع رسائل المتيّمين المغتربين لبلدهم مع ساعي البريد يرى في عيون أمهاتهم الشوق والحنين يحمل رغائف الخبز على دراجته كي يوزعه على البيوت بين أزقة القرى والمدن حين يحل الظلام يروي يومه قصصا وروايات ترسم كل الوجوه على السهول والقصور والمباني وناطحات السحاب يومها كان يجثو على أوتار حبه وقلبه يدندن للحب للحرية للوحدة للتعايش للديمقراطية للحياة وأيّ حياة تلك يا يمن ؟!
كان ينشر للعالم حمامات السلام على أبواب صنعاء القديمة والجديدة ويغتسل من شواطئ عدن يرسم للعالم تعاضد الشعوب عقودا من الفل والجمال، مدن وهجر وقرى تنمية ترى، ومشاريع تقام بين مطارات وطرق وصروح للعلم والفكر والثقافة والفن ألم يكن اليمن السعيد؟!
يمن الوحدة والسلام.. يمن التخطيط للبعيد.. يمن الصناعة والسياحة والتاريخ والأثر.. يمن بعمر التاريخ تجاوز حدود الجغرافيا وتحدى الجهل والبطالة والخوف.. يمن نحت الصخر وانطلق من الصفر نحو طريق الألف ميل ورسَخ مبدأ الوحدة بين الشمال والجنوب حتى رأينا اليمن كيف يحاول أن ينهض بقائده الرئيس هادي رغم أوجاعه المزمنة وتطاحن القبلية والثأر والأحزاب السياسية والثورات التسلطية التي دوما تكون مسرحا للقاعدة لنعاود الركض في المكان والعودة للخلف بدلا من سباق الزمن للأمام تستشري الميليشيات الحوثية عبثا تحطَّم كل منجز يمني صنعته أيادي المواطن اليمني الصادق عبثا يحنو لخيانة قائد الأمس الذي عض أصابع الإحسان له والذي ظل عقودا يدندن على وتر الشعارات المهترئة التي كشفت أقنعتها داء السلطة والتملك والأنانية وإن كان ثمنه تدمير اليمن إنسانا ومكانا..!
يمن تكالبت عليه الظروف من كل حدب وصوب وشعب يعاني الشح والفقر والبطالة، وحروب قديمة قد أضنته وأنهكته طويلا.. يمن كاد يدفع روحه ثمنا لثلّة تريد تمزيق وحدته كي تعيده لزمن الغاب والناب ثلَّة تقدم اليمن الجوهرة العظيمة في كف فحّام غبيّ أحمق ليلقي بها في ردهات الفتنة والطائفية والمذهبية والرجعية ولعنة الإنسانية ليكون الطريق معبّدا للذئاب الشرسة كي تزرع في جسد اليمن الطاهر أنياب حقد وتخريب ودمار بدلا من يد حانية وعدل وإصلاح وإعمار، ثلّة تسيء لليمن ولا تعلم بأنه تاريخ وإسلام وحضارة، شهد له تاريخ الإنسانية قاطبة والكتب السماوية، ثلّة لا هدف لها واضح تنشده غير الزعزعة والضياع لآراء غوغائية كاذبة، كما أصبح اليوم في المشهد السياسي يمنا تعيسا حزينا للأسف..!
رغم كل هذا لا تحزن أيّها اليمن السعيد وإن جارت عليك معاول الهدم فـ«عاصفة الحزم والعزم» عاصفة الملك سلمان، عاصفة في وجه كل ظالم وخائن وعميل.. عاصفة الحرية والهوية والإباء، عاصفة الأنفة والكبرياء والعزة والشرف.. عاصفة ستعيد لليمن الشموخ والقوة والتحدي.. عاصفة تذكّر الفرس بأمجاد إسلامية خالدة فما زالت القادسية تحكي وما زالت ذي قار تروي لكل العابرين نحو اليمن.. «رحلة الشتاء والصيف» وغدا يبتسم اليمن.
ومضة:
يقول الشاعر الدكتور محمد العمري:
وهج لها من بحار الحزم عاصفة
تجتاح أبرهة الحوثيَّ والفيلا>