الجبيري في “يوميات حب مزمن” تائه بين الشك واليقين..

الأديب ظافر الجبيري   كتاب يوميات حب مزمن1

صحيفة عسير – فايع عسيري

صدر للقاص ظافر الجبيري مجموعة قصصية بعنوان “يوميات حبٍّ مزمن” عن دار الأدهم للنشر والتوزيع في القاهرة عام 2014، من القطع المتوسط، تقع المجموعة في (135) صفحة، ضمت المجموعة “29” قصة قصيرة هي: ( ليل المسافر – الصهيل الأخير – رصاص حي – صدمة – أماكن – أدوار – جراح الغياب – زيارة – سرّة لا تنام– محاولة – خلوة صيد – عيناها – وردة أيلول – الحب منجاة – مفقود – لعبة الوداع – معاهدة الظل – نورة ومباهج أخرى – رزنامة – رسائل – سويا – أبواب – ابتساماتهم – طوبة بين الأغاني – قرار1 – قرار2 – الجمال مهزوماً – أغرودة المطر- مقذوفات عاطفية )..
لجأ الجبيري في سرده الحكائي، إلى أسلوب السرد القديم كأسلوب “ألف ليلة وليله”، كما جاء في نص “الصهيل الأخير” والسرد الحديث المترف بالشاعرية كما تجلّى في أغلب نصوصه التي تميل للقِصَر.
في نص الصهيل الأخير يحاول القاص إبعاد القارئ عنه، من خلال الاتكاء على “كان يا ما كان” في سرد حالة بطل القصة، وما يعانيه من عجز بمقدرته الجسدية في أغلب الأحيان والتخفي وراء سارده، ليروي السارد نيابة عنه ما بداخله من وجع لئلا يشك القارئ أنه يسرد سيرة محددة بعينها.
إذ يقول: في نص الصهيل الأخير: “كان يا ما كان، كان الحصان ينهب الأرض عدواً، كان وفياً للهدف وصُولاً إلى السبق.
“لكن، وسحقاً لهذه الـ”لكن”، دبت مع الأيام عوارضُ التعب، وإجهاد العمر،الحصان هده الركض، وصارت الفرس تسبقه، وتبقى أمامه متحفزة باقتراب تارة، متشاغلة بذكريات الرعي تارة أخرى”.
هنا إفصاح واضح عن العجز لا لبس فيه عن العجز في تصوير عملية الوصول للهدف مما حداه إلى الاستنجاد بالبكاء المر لإفراغ سبب انكساره في كل خلوة مع ذاته والصهيل الأخير من الحكايات الواقعية التي تلامس مفرداتها الكثير من الناس.
“في صفحة خضراء توقف الـ”كان يا ما كان”..أوقفت حْمحماتهُ عقبات الوصول..تمتلئ روحه بصهيل تراكم منذ زمن الألم”.
استسلم لتداعيات زمن الصهيل ليمنحه القوة وليطرد شبح انهزامه الداخلي المغلف بالعجز أمام فرس تضج بالحركة.
في نص “جراح الغياب” يكبر التساؤل، الذي صوره القاص على شكل مونولوجات داخلية، لا يتعدى الصوت سقف الحلق لأنه بوح خاص، تمدد من خلاله الشك على جدران ذاكرتيهما كاللبلاب، حتى كاد أن يغطيهما تماما، يخافان من لحظة المواجهة، لوضع حدٍ لزرع الشك الذي بدا يغطي ما تبقى من مساحة اليقين في قلبيهما.
“لم تر الجرحين الأول في مقدمة الصدر وآخر في أعلى الظهر..كان قد درّبَ أذنيه على روائح الشك وراء الأسئلة”.
رصد القاص الجبيري “حالات من مرايا الذات القريبة ليبيّن مقدار الوجع “المدرحي ـ المادي والروحي” الذي يحدثه القلق في العلاقة الحميمة بين اثنين توثّقت برباط الشراكة الزوجية، والشراكة بمفهوم التجارة تتعرض للربح والخسارة، كما تتعرض المشاعر للكر والفر، ما بين لحظات اليقين بصدق الدفء، ورياح الشك القاتلة وما يفعله إعصارها الجنوني بما تبقى من جذور الود في قلبيهما.
كما لجأ القاص للكشف من خلال الحوارية في نص “جراح الغياب” على ارتداد الصوت ما بين اثنين يقفان لحظة على ضفة اليقين، ولحظات على ضفة الشك المهلكة.
يقول:” المرأةُ تجرح في الصميم!”.
أرسلت له ما تمنّت أن يسمع:
“وأنتَ تجرحُ في الأعماق أيها الحبيبُ المزمن”.
يكبر المونولوج الداخلي في نص “أدوار” ليأخذ دور العتب المخفي كما يؤكد في حواريته:
“قالت: خان مشاعري، فكرهت كل الأشياء التي يحبها بستاننا الجميل، أغانيه المفضلة.
قال: خانتْ قلبي فضاع مني الطريق إلى البستان، وتصدعتْ أذناي بنشاز الأغاني البعيدة”.
يبين السارد في نص “أماكن” الرتابة والكآبة في تفاصيل الحياة اليومية مصورا صقيع العلاقة الإنسانية وهجرة الدفء المنشود.
“ظلَّ الفراشُ في غرفتهما البهية مرتّباً، خالياً، بارداً. توزع دفءُ جسدين بين غرفة التلفاز والمجلس القصيّ”.
أغلب القصص سارت في نفس النسق الدلالي، وإن اختلفت عناوينها، لكنه بقي المضمون متقارباً لحد التوأمة.
ومن العتبة الأولى للمجموعة نلمس الاختيار الموفق للوحة الغلاف التي أخذت من “المدرسة السريالية للفنان بيكاسو” لتحمل أكثر من تأويل، وجاءت مكملة لما طرحه القاص في أغلب نصوصه.

 

 >

شاهد أيضاً

مهرجان الجبل الثقافي يعلن عن موعده الجديد في 26 أبريل

صحيفة عسير – يحيى مشافي أعلنت اللجنة العليا المنظمة لمهرجان الجبل الثقافي، في اجتماعها أمس …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com