الدكتور / فايز بن محمد مشبب آل سليمان العسيري
قسم الجغرافيا / كلية العلوم الإنسانية / جامعة الملك خالد
اختلف الجغرافيون حول المنفعة المتبادلة بين المكان والإنسان ؛ فهناك من رأى أن الإنسان صنيعة لبيئته وهذا ما يعرف (الحتمية) ، وهناك من رأى بأن لديه القدرة على توظيف بيئته لصالحة (الإمكانية) وأي الرأيين سليما فليس هذا بيت القصيد؛ لكن ما نفهمه من ذلك أن العلاقة بنيهما بالمفهوم الاقتصادي علاقة تبادل مصالح. وعلى ذلك ومع التقدم البشري بكل تفاصيله فلم تعد البيئة بكل تفاصيلها تمثل مشكلة لبني البشر بقدر ما أصبح الإنسان يمثل المشكلة الكبرى لها.
منذ منتصف القرن العشرين بدأ يبرز مصطلح البيئة ويتنامي الوعي لدى معظم الدول بقضاياها، حيث حظيت على اهتمام كثير من الباحثين. والمفهوم الجغرافي للبيئة يشير إلى علاقة التأثير المتبادل بين الإنسان ومحيطة البيئي ومن هنا يظهر مدى تبادل المنافع بين الطرفين، وأهمية تنمية المكان بتوظيف القدرات البشرية في الاستفادة من تلك الإمكانات بصورة عقلانية بما لا يؤثر على تلك الموارد.
ولذلك ارتبط بمصطلح البيئة مصطلح التنمية والتي _ لا تمثل ظاهرة أو اهتماماً جديداً_ بل هي مطلب قديم ومنذ سنوات مضت، إذ كانت التنمية تركز على قضايا الرفاه الاجتماعي في الخمسينات، وعلى تجاوز مشكلات التنمية في الستينات، ثم على الحد من الفقر وتلبية الحاجات الأساسية في السبعينات . ثم ظهر مصطلح التنمية المستدامة كرد طبيعي على التخوف الناجم عن تدهور البيئة الناتج عن الأسلوب السيئ والتقليدي الذي مارسه الإنسان بتنمية تقوم على التنامي السريع للإنتاج دون اعتبار للآثار السلبية التي يخلفها هذا التنامي على الإنسان وعلى الموارد الطبيعية وعلى البيئة.
إن وضع الآليات التنموية يعتمد في الأساس على خصائص المكان المختلفة النوع والمتباينة المستوى، والتي تختلف باختلاف الأمكنة من خلال عناصرها المكونة لها (الطبيعية والبشرية والمادية _ كالأنشطة الاقتصادية أو الاجتماعية أو العمرانية). ولتطبيق آليات التخطيط التنموي بصورة جيدة لا بد أن تتم من خلال اعتماد أساليب وسياسات تنموية تتناسب مع خصائص الأقاليم؛ وبالتالي تختلف اعتماداً على ما يحويه المكان من ظواهر تميزه عن غيره؛ ومن هنا فإن الوعي بالتباين المكاني للأمكنة من الضرورة بما كان. فمن الأقاليم ما يملك من الإمكانات الطبيعية والبشرية ما يتيح له القدرة على التطور والتنمية ؛ بينما هناك أماكن أخرى قلية أو خالية الموارد التي تمكنها من التطور والنمو التنموي، من هذا المنطلق أصبح وجود آلية تنموية مسألة تطرح نفسها في مختلف جوانب التخطيط التنموي بصفة عامة والتنمية المستدامة بصفة خاصة.
أن نقص المعلومات والبيانات المكانية يمثل مشكلة أساسية تواجه خبراء وصانعوا قرارات الخطط التنموية في إرساء دعائم التنمية المستدامة في المنطقة العربية بشكل عام وفي المملكة بشكل خاص، وهي حقيقة أكدها المشاركون في ورشة تحديات البيانات البيئية في الوطن العربي بالدورة الثانية لقمة ’عين على الأرض‘، المنعقدة في مدينة أبو ظبي الإماراتية في شهر أكتوبر 2015م . من هنا فإن توفر البيانات والمعلومات عن البيئة الطبيعية والأنشطة البشرية بجوانبها السكانية والاقتصادية وبنيتها التحتية ومواردها الثقافية من الضرورة بمكان؛ من أجل وضع آليات تنموية وبالتالي اتخاذ قرارات تخطيطية سليمة.
تتسم المملكة العربية السعودية ذات المساحة الكبيرة 2.25 مليون كم2 ببيئة متنوعة التركيب فهناك السواحل وهناك الجبال والهضاب وهناك الصحراء ولكل بيئة من هذه البيئات خصائصه وميزاته وعيوبه التي ينبغي على الإنسان عموما والمخطط خاصة أن يتعامل معها بكل حنكة وعقلانية؛ وإلا أصبح الأمر خارج السيطرة وأصبحت البيئة مشكلة يصعب التعامل معها وحل المشاكل الناتجة من سوء الإدارة بنفاد مورد آو تدميره أو بهلاك المستفيد نفسه ليس لطغيان البيئة إنما لسوء تعامل الإنسان معها وعدم تقدير الأمور حق قدرها.
دعا لهذه المقدمة ما نشهده كل عام تقريبا من مشاكل ترتبط بالمكان تتكرر بكل تفاصيلها من مقدمات وتفاعل ثم بنتائج ، منها ما يدمي القلب ومنها ما يندى له الجبين عرقا من الخجل والأسف أن نكون بهذه الصورة المشينة.
الأمطار احد موارد البيئة الطبيعية تنشا بقدرة الله من تبخر المسطحات المائية مع ارتفاع درجات الحرارة ومن ثم تتصاعد لتتحد مع الذرات العالقة في الجو ومن ثم تتكاثف على هيئة غيوم يتساقط منها المطر فيصيب به الله من يشاء ويصرفه عن من يشاء؛ وبمجرد تساقطها تبدأ المياه تتجمع على هيئة سيول تتخذ من المنحدرات والأودية والشعاب طريق لها من المناطق المرتفعة نحو المنخفضات. هذا ما يفترض أن يكون تبعا لإعطاء الطبيعة حقها دون المساس أو الإضرار بها. لكن بمجرد أن اغفل الإنسان طبوغرافية المكان ولم يعطه حقه من الاهتمام والتعامل أصبحت الأمطار تمثل عبئا سنويا من خلال ما تخلفه من إشكالات تؤثر على الجانبين الطبيعي والبشري في المكان.
والسؤال : هل بالفعل أصبحت العلاقة بين الإنسان والبيئة علاقة عداء لا علاقة منفعة؟ وللإجابة عن هذا السؤال نقول نعم.
فبمجرد أن يسعى المخطط لتوسع العمران المدني على المناطق الطبيعية دون مراعاة لطبيعة المكان وخصائصه ، هنا يكون للطبيعة كلمتها ، فتفضح المخطط وصاحب القرار والمستفيد في آن واحد؛ وكأنها تقول أعد الأمور إلى نصابها وإلا فعلى نفسها جنت براقش.
مطرت العديد من مناطق المملكة وأصبحنا نسمع بمصطلح حالة مطرية لم نكن نألفه سابقا أما اليوم فأصبح من المصطلحات الدارجة المخيفة والمرعبة فيبدأ معه التحذيرات والتنبيهات والاستنفار الشعبي والحكومي. لماذا؟ لان مدننا قد تمددت على مجاري الشعاب والأودية وردمت الكثير من المواقع وحولت إلى أراض سكنية ، كما شقت الطرق ومدت في أماكن صعبة تحتاج إلى تعامل خاص وخبرات متقدمة ومشتركة من كافة التخصصات العلمية ؛ قام بذلك مستثمر جشع وتعاون معه مسئول خائن؛ فزهقت الأرواح وتكبدت الخسائر وأصبح الإنسان والمكان كأنهما يقولا اللهم ارفع عنا مطرك !!!!!!.
يتبع …..>
موفق ابا محمد انا تو صحيت والمطر يَصْب على ما
ما شاء الله المطر متواصلا من البارحة على أطراف شعاف تمنية الجنوبية بتهامة قحطان .. اذا سمح لي اخي وفقه الله اعتقد ان الاتهام بالخيانة قوي ..وربطها بالمسؤول مبالغ فيه كثيراً وهو نفسه هدف ضعيف لماهو السبب كما اعتقد .. وكلمة (خائن) هي بذاتها ثقيلة علىً. النفس واللسان فعلا حتى لو بضعتها (بعض المسؤولين !!) .. ثم ان اكبر معتد كما أراه هو : “ثقافة الانسان وعلاقته بالأرض” واعتقاده انها وخاصة العامة منها حيث يرى انها لا يجب ان تترك بل هي ثروة عليه التربص بها بأية طريقة ! .. والدليل كم تجد حتى في رؤوس الجبال موزعة بالحجارة .. وكنا بالامس نعجب ان صرف أولئك الناس وقتهم ومالهم لتحديد حتى المنحدرات والشعاف فظلا عن الأودية … انها ثقافة ياسيدي ولن يقف أمامها أيا كان لا مسؤول ولا أية عائق طبيعي او نظامي …دالنفيعي @geo101dralotaib تحياتي للجميع وبالتوفيق في ما سيتبع ابا محمد