قروب واتس أب.

 

 

 

منحت تقنيات التواصل الاجتماعي أناسا كنزا ثمينا لتكتسي به نفوسهم الشبه عارية من تقدير الذات والسكينة، فيشعر احدهم بأهميته وكينونته بكثرة من أرسل له ويتدلى من نفسه تل من الخيلاء حين يفتح جهازه فيرى الكثير من الرسائل ولو كانت جلها تافهة إلا أنها تنسيه تفاهة اهتماماته وتوهمه بأنه مهم!!

تجد ضمن هذا التجمع العظيم (قروب الواتس اب) فئة يسمون ( أصنام ) وهم أعضاء صامتون معظم الوقت ولا يشاركون وتتمنى لو انتقلت عدوى هذه الصنمية لأعضاء مزعجون ولديهم فرط نشاط وإرسال لكل ما يقع تحت أعينهم من رسائل.
وتجد ضمن (قروب الواتس أب) أعضاء شرهين ومبادرين لنشر كل خبر مؤلم أو ( فضيحة ) لأحد ما مستخرجين ذاك الإعلامي المدفون في أعماقهم واللاهث وراء السبق في هذا القروب البائس .
وهناك في أعلى القروب يقبع من يمارس أستاذيته على الأعضاء متناسيا أنهم ليسوا صبية ابتلاهم الله بمعلم صبية يظن أنه يدري!.

وبين الفينة والأخرى تغزو جوالك المسكين وابل من الصور والمقاطع التي لا تملك إزاءها سوى إلغاء خاصية التحميل التلقائي للوسائط تفاديا لانتحار هذا الجهاز لو امتلك روحا من كثرة الغثاء والتكرار.
وبالمقابل تتصفح حالات ورمزيات الأعضاء
-ولا أخفيكم بملقوف يقبع مترنحا في داخلي يفعل ذلك بين الحين والآخر- فتتحول لقاض يحكم أن هذا يتألم وذاك حزين مكتئب لفقد حبيب ، وفلان مغرور ، والآخر تافه ..في غفلة تامة عن تفاهة تعتريك حين تتطفل على تلك الشخصيات التي هي ربما مبتلاة بك!!.

وقفة للطيبين:
سألت فتى في السابعة عشرة لماذا لاترد على رسائلي واستفساراتي في الواتس؟
أجاب بسخرية طافحة من عينيه:
وهل ما زلت تستخدم الواتس؟! وأردفها بنظرة شفقة وازدراء قائلا ( العالم وين وأنت وين ) قلت :أنا من الطيبين! وتضاءلت مواريا تخلفي التقني .

ختاما..
تكاثرت وسائل التواصل وقل التواصل الإنساني إلا أن هناك أرواحا تتعانق وإن لم تتواصل ، حافظ على إنسانيتك وسط هذا الزخم الوهمي من التواصل.فكلها لن تغني عن تواصل بنبرة صوت دافئة أو نظرة عين مشتاقة أو لمسة يد حانية لمن يهمك أمرهم.

حسن الزيادي
Twitter : @hasan_ziadi>

شاهد أيضاً

رحيل البدر مكتملا .. ساحة الوطن العربي تودع قيمة أدبية أبدعت في إستنهاض إيقونة الشعر

صحيفة عسير _ رصد ومتابعة : أحمد السلمي ليلة السبت الخامس والعشرين من شهر شوال …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com