اليتامى في عيوننا ، ويسكنون في قلوبنا ، فهم يُعَدُّون مصدر إضاءةٍ جميلة ، وعنوان فرحٍ يَشُعُّ بهجةً وسلامًا ، كيف لا واليتيم قد كفل له ديننا الإسلامي الحنيف حقوقًا عظيمة ، ومناقبَ رفيعة ، بل إن رسول الهدى – صلى الله عليه وسلم – وخيرَ اليتامى وأفضلهم وهو القدوة العظيمة لِكُلِّ يتيمٍ يقول عليه الصلاة والسلام : (أنا وكافلُ اليتيم في الجنة هكذا ، وأشار بأصبُعِهِ السبَّابة والوسطى وفرّجَ بينهما).
فاليتيم رافدٌ مهمٌ من روافد الخير والنماء ، والتوفيق والعطاء ، به ننشدُ السعادة ، ونسعى للسداد والزيادة ، فهو يملأ حياتنا بالاطمئنان ، خصوصًا لمن وفقه الله برقةِ القلب ، والحُنُوِّ الدائم لهذه الفئة العزيزة على قلوبنا ، فالقيام على اليتامى ، والعمل على قضاء حوائجهم ، من أعظم أسباب استقرار المجتمعات ، وحصاد الخيرات ، فهناك قلوبٌ بالنور والإيمان مُشِعّة ، وبطاعة الإله مُحبة ، تحمل لمجتمعاتها كُلَّ خيرٍ ، وتسعى دومًا لإعانة اليتيم ، وتفقد حوائجه ، وتُحَوِّل الأسى والحرمان إلى عطرٍ وريحان ، والفقد إلى تميزٍ وتعميرٍ للأوطان.
وهنا نجد الإسلام قد كفل حق اليتيم ، وأكد على أهمية هذا الحق ، وحرم الاعتداء عليه ، أو التعرض له ، أو الإسفاف به ، أو العبث فيه ، أو التعرضَ له بأي نوع من أنواع الضياع والتهلكة.
فأول تلك الحقوق التي كفلها الإسلام لليتيم حق المال ، ولذا يقول الله :(وآتُوا اليتامى أموالَهُم ولا تتبدَّلُوا الخبِيثَ بالطيب) ، محذرًا سبحانه من أكل أموال اليتامى بالباطل ، وكذلك من الحقوق عدم غلبة اليتم وقهره ، وأمر سبحانه بإكرامه بدون عوضٍ سواءً كان ذلك العوض ماديًا أو معنويا، وعدم الجفاء في حقه بسوء العِشْرَة والمعاملة السيِّئة ، وحثَ سبحانه على إطعامه ، والعناية بإيوائه وإسكانه ، وحفظ حقه في الميراث حتى بعد بلوغِ سِنِّه وذلك بتنميته وزيادته في وجوهه المشروعه ، والإحسان إليه ، والعدل والقِسْطِ وعدم الجور عليه ، وألا يكون هناك ازدراءٌ أو استهجانٌ في حقه.
فالإسلام أعطى اليتيم الحق الكامل ، والاهتمام البالغ حتى بعد بلوغه بمعاملته معاملةً حسنة ، حتى يكون أداة بناءٍ ونفعٍ وخيرٍ وعطاءٍ في مجتمعه ، فحَقُّهُ الذي كفله ديننا الإسلامي العظيم أتى مُؤَكَداً في كتاب الله كما في قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى قل إصلاحٌ لهم خيرٌ وإن تُخالطُوهُم فإخوانُكُم والله يعلم المفسد من المصلح … الآية) ، فمن كان يخشى في معاملته مع اليتيم من التقصير ، فلا يمنع أن تكون مخالطته له مبنية على العدل والإصلاح ، فهي عربون الأُخوة الإسلامية ، والعلاقات الإنسانية.
ومن المهم أن نُشيرَ هنا إلى حرص بلادنا المُباركة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين رعاهما الله على حفظ حقوق اليتامى ، والعمل على تعزيز جوانب الخدمة وتميزها المُقدمة لهذه الفئة الغالية ، وفي هذا المقام كانت منطقة عسير من أوائل المناطق المتميزة في تقديم الكفالة والعناية ، والقيام والرعاية لهذه الفئة العزيزة ، ومن ذلك إنشاء الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بمنطقة عسير “آباء” بقيادة فيصل بن خالد أمير الخير والعطاء ، والجود والوفاء ، فتوجيهاته وفقه الله ودعمه الدائم أعظم مُعينٍ بعد الله ، فلا غرابة فقد عُرف فيصل العطاء بحُبِّه لليتامى والوقوف على حاجياتهم ، والعمل على تذليل الصعاب التي تواجههم ، فهو رائدُ العمل الخيري في منطقتنا ، ولا يألو جهدًا رعاه الله في سبيل تعزيز ودعم كُلِّ سُبُلِ الخير والبِرِّ في منطقتنا الحبيبة ، وأخيراً أسأل الله أن يُديمَ على بلادنا كُلَّ خيرٍ وأمنٍ وإيمانٍ ووفاء.
بقلم / رائد القحطاني
مشرف تربوي – محكم>