ربما كانت الرحمُ هي العلاقة الوحيدة التي لم تجمعني به، أما بقيّة العلائق والعلاقات فقد كانت تزداد متانةً وقوةً تغلفها سلاسة في التعامل ..
عرفت حسين أحمد الزيداني منذ ثلاثة عقود تقريبًا، ترافقْنا طلابًا، وجمعتْنا الرحلات المدرسية، والمناشط المسرحية وأدلة المتفوقين حينها.
يومها؛كنت أراه حسنَ الخُلقِ والهيئةِ والمعشر، عندما نضجتُ توقعتُ أن تلك المرحلة السابقة من العمر هي مرحلة انبهار بأشخاصٍ نعرفهم للوهلة الأولى، ولكنّ السنين فعلت في علاقتنا ما تفعله النّار في الذهب الخالص، لا تزيده إلا بريقًا ولمعانًا.
حسنَ الصحبة، دمث الأخلاق، حافظًا للسر، مخلصًا فيما يوكل إليه، لا يوفّر من نفسه وطاقته ما يمكنه أن يكون خدمةً لما أوكل إليه، متنوع المشارب، جميل الخصال، كريم اليد..هكذا عرفته .
حسين الزيداني، لا أدري هل كثرة الأعمال واللجان والمناسبات التي جمعتني بأبي تمّام هي ما زاد حبّي له، أم أن حبّي لحسين هو ما جعلني ألتقي معه في كلّ هذه المساحات من الحياة.
لم أجده حاقدًا على جهة أو شخص أو منشط،
قد يخالف، يختلف، يعاتب، يغضب، يصارح، لكنّه سريع التنقية، نظيف القاع.
قابلته اليوم وهو يحمل خطاب استقالته من رئاسة قسم الإعلام التربوي في إدارة التعليم برجال ألمع بعد ستِ من السنين قضاها باذلاً كلّ ما في وسعه، وأقصى من الوسع، بل أقصى مما في وسع فرقٍ مجتمعة .
ست سنوات قاد الإعلام فيها بكل أناقةٍ وتؤدةٍ وهدوء ورزانة، الإعلام المنصة الأخطر والأصعب، كانت بين يديه أشبه بشعرة معاوية التي لم تنقطع، و الحربة التي يداعبها ويلاعبها فنان السيرك وهي تمتع المشاهدين دون أن تؤذيه أو تؤذي أحدًا !
يترجّل الرجل الأمين ..
يترك المكان صعبًا لمن يأتي، شاقًا لمن يخلفه
وأجزم أن أبا تمام سيبقى ـ في أي مكان كان ـ الرجل الوفي لإدارته ولمحافظته ولمنطقته ووطنه .
بقلم الأستاذ/
ناصر جبلي
رئيس وحدة ارتقاء بتعليم رجال ألمع>