يعيش الناس في هذه الحياة أحوالًا مختلفة ، وظروفًا متباينة ، ونفسيات متقلبة ، وهذا ما يجب أن نضعه في الحسبان حين التعامل معهم ؛ فمن المستحيل أن يكون الجميع لنا كما نريد ، ومن الصعب أن نجد قبولًا لنا لدى الكثيرين مهما أعطانا الله من سمات ، وصفات ، وأخلاق .
لكن الأهم هو أن يكون الإنسان صاحب دور في هذه الحياة ، يقول علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – : ” قيمة كل امرئ ما يُحسن ” ، ولهذا كان لزامًا على المرء أن يكون مثابرًا في هذه الحياة ، صاحب دور متميز فيها بحسب ما وهبه الله من طاقات ، وقدرات .
إن أي إنسان لا يخلو من ملمح لموهبة ، أو قدرة ، وماذا لو عرفنا أن ممن أصيبوا ببعض العاهات قد برعوا ، وتفردوا ، وقدموا للبشرية خدمات جميلة ، وأعمالًا جليلة ، فما حال إنسان سوي يعرف بأن لديه الكثير ، لكنه على غير استعداد لتقديم ما لديه !
وهذا موجود ، ومشاهد ؛ فكثيرون بيننا لديهم الكثير من القدرات والمواهب ، لكنهم لا يريدون أن يقدموا ما لديهم ، أو أن يُظهروا ما عندهم واضعين لأنفسهم مبررات كثيرة ، مقبولة أحيانًا ، ومرفوضة أحيانًا .
والقضية هنا ليس مرجعها الدين الذي ينهى عن كتم العلم والقدرة ونفع الآخرين ، وإنما مرجعها التركيب الثقافي والنفسي للشخص ، وما يحمله من تصورات خارجية ، وما يعيشه من صراعات نفسية تقدم له أسبابه ، وتجعل له مبرراته .
ومع تطور التقنية وتنوع وسائل التواصل وسهولة وصولك للناس صرنا نرى في هواتفنا مقاطع تصور أشخاصًا هم في نظر الكثيرين أشخاص عاديون ، لكنهم وما إن وصلتهم الفرصة حتى فاضوا بقدرات هائلة ، وانبجسوا بمواهب خارقة ، وهذا أمر حسن ، لكن الأحسن منه أن يبادر الإنسان إلى إظهار ما لديه من مواهب وقدرات لا سيما في هذا العصر عصر الثورات المعرفية ، وتواصل الأفراد بيسر ، وتناقل الخبرات بسهولة .
ولذا ، اعمل على رعاية ما لديك من موهبة ، ووجهها التوجيه السليم ، واسعَ من أجل إظهارها للآخرين ؛ فلذلك أثر إيجابي كبير عليك في المقام الأول ، وعلى الآخرين ممن حولك ، وبهذا تكون قد استثمرت وقتك بما هو مفيد بدلًا من هدر الأوقات فيما لا طائل منه ، ولا فائدة فيه .
وحذارِ من المثبطين الذين رضوا بأوضاعهم السلبية ، وقناعاتهم الخاطئة ، فراحوا يحاولون عبثًا ليقنعوا الآخرين بها ؛ لأنهم لا يريدون أن ينكشفوا أمام أنفسهم ، وأمام الآخرين … والسؤال : إلى متى ؟!
إنك إن اقتنعت بهذا ، وعملت عليه فستكون قادرًا على اكتشاف نفسك ، والتأثير فيمن حولك ، وإقناعهم بفكرتك نائيًا عن الاتكالية ، والتفرغ لانتقاد الآخرين دون أن تنظر فيما قدمت .
ماجد الوبيران>