من يقرأ الأحداث السريعة المتلاحقة والمتمثلة في تداعيات هجمات إرهابية على منشآت شركة أرمكو السعودية، سيدرك أن الضربات كانت حسب الأهمية والثقل السياسي للمملكة، فهي دولة محورية ونوعية، نعم ضرب المنشآت النفطية السعودية حدث غير مسبوق، فمحطات التلفزة بأنواعها تناقلت الحدث، وكان مادة دسمة للقراءة والتحليل… والمتابعة، ومن ذا وذاك سقطت فيه أقنعة بعض الرؤساء، بل ربما جعل بعضهم من الحدث ردة الفعل لقيام التحالف العربي، الذي ضرب اليمن ابتداءً على حد زعم أردوغان “النسخة المخبأة لإيران ودورها في المنطقة …”، وهذا التصريح نوع من التشفي اللحظي غير المدروس في مناهج الأزمات والنوازل السياسية.
لقد نددت عواصم حكومات عالمية وعربية بالحدث، وتلقى القادة السعوديون اتصالات متعددة، ليس استعطافًا، لكن خوفًا من تداعيات ما حصل أن ينتقل إلى دول الجوار وغيرها، ومن هنا قال خادم الحرمين الشريفين إن هذه الاعتداءات الجبانة لا تستهدف المنشآت الحيوية للمملكة فحسب، وإنما تستهدف إمدادات النفط العالمية، وتهدد استقرار الاقتصاد العالمي”، وعليه دعت بريطانيا وألمانيا المجتمع الدولي، إلى «ردّ جماعي» على الهجمات التي تعرضت لها المنشآت النفطية السعودية، والتي اتهمت الولايات المتحدة إيران بأنها وراءها. أما ولي العهد السعودي فقد أعلنها صراحة “إن الهجوم على منشآت نفطية حيوية في المملكة اختبار حقيقي للإرادة الدولية في مواجهة الأعمال التخريبية”.
إن جدار الاقتصاد السعودي سميك ومرتفع، وعلى الرغم من أن الضربات أدت إلى خسارة المملكة نصف مستويات إنتاجها النفطي، بما يقدر بخمسة ملايين برميل يوميًا كما صرح وزير النفط السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، فقد أوضح وزير المالية حيث قال ”إن إيرادات الميزانية لن تتأثر بالهجمات الإرهابية الخاصة بـ”أرامكو”، وإنه “لا يوجد أي تأثير في الجوانب المالية والاقتصادية، بل تراجع عجز الميزانية في النصف الأول من هذا العام 86%، إلى 5.7 مليارات ريال، مقارنة بعجز بلغ 41.7 مليار ريال في الفترة المماثلة من العام الماضي.
هذه الدولة ستبقى منيعة أبية لا تزعزها الحوادث، ولا تضيرها النوازل، تتحمل مسؤوليتها الدولية، وتتصدى لها. وتقول الحقَ والحقُ تقول ومن أمثلة ذلك: وهي في موجة الاستنكار الدولي جراء تلك الضربات الجبانة، فقد أعرب مصدرٌ مسؤولٌ في وزارة الخارجية عن إدانة المملكة العربية السعودية واستنكارها للتفجير الإرهابي، الذي وقع في إقليم باروان، واستهدف تجمعًا انتخابيًا للرئيس أشرف غني؛ رئيس جمهورية أفغانستان الإسلامية.
دولة تصدر مواقفها للعالم لتدخل مناهج علوم السياسة، وتقدم درسها للمستفيد.
د . علي يحيى السرحاني
جامعة الملك سعود الصحية
google.net2@hotmail.com>