بقلم – ظــافـر عايــض ســعـدان
ذلك الزمن الذي احتضن خُطُواتنا الأولى في الحياة ونعود لنتذكر ذلك مع مطلع التسعينيات وماتلاها من سنوات
سبحان الله ( ومرتِ الســنــون)
سألني ابني عبد العزيز وهو يدرس الآن بالمرحلة الجامعية عبر حديث دار بيننا حول كيف كنا ؟ وأنتم الآن فقال:
لمادا تسمونه الزمن الجميل ؟ وهل كان جميلاً
فقلتُ لهُ: ليس ذلك الإسم وارد ممن عاشوا تلك الحقبة من الزمن أنا وأقراني وإنما كان هناك أراء موحدة من الجميع على التسمية علماً بأن هناك
اختلاف في الأفكار والتوجهات ولكن استحق ذلك الإسم ( الزمن الجميل) بعلاقاته البسيطة ومحبته السائدة لوجود مجتمع يتصفُ بالروح المتعاونة المتسامحة والعيش المشترك والنداء المُستجاب عند الحاجة
زمن كانت الأخلاق غريزة في النفوس
و العطفُ واللين من الكبير والإحترام والتقدير من الصغير والأدب مغروس في النفوس عن طريق التربية السليمة
زمنُ لم يكن بيننا فقير أبداً لأن بداخلنا شي مغروس اسمه الأدب أدب طبيعة وسجية
لم يُباع لنا ولم نشتريه لأن الأدب لايُباع ولايُشترى بل طابع داخلي تركتهُ التربيـة
( وإنك لعلى خُلقٍ عظيم )
نعم الأُمم تسود بالعلم وتبقى بالأخلاق
إنما الأُمم الأخلاقُ مابقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهـبوا
( فإن هُمُو)
والفقيرُ ليس فقير المادة او الأب إنماهو :
ليس الفقيرُ الذي قدمات والدهُ
بل الفقير فقير العلم والأدبِ
١- زمنُ كانت فيه الدور ضيقةوالصدور واسعة
الجميع فيه متعاونون صادقون قولاً وعملاً
والجارُ يسألُ عن جاره واذا وقع خطاء او اختلاف يُحل بالروح الودية بين الجميع ،ولا يعملون بلغة التعصب او الإكراه فيما بينهم ، كان المجتمع وسطي لاغلو ولا إرهاب ولا تطرف ،ولا خيانة
والأمن الروحي سائد علماً بأن أي مجتمع اوتجمع لابد فيه من أخطاء والكمال لله سبحانه وكانت حياتنا في متناول الأياد بمعنى
( كل شي بسيط ) فقال لي ولدي اشرح لي معنى عبارة كل شي بسيط فقلتُ له:
البساطة في جميع الأمور لاتكلف وبدون ضعف
وكنا قريبين من كل شي حيثُ باستطاعتنا صنع وتقديم البساطة والبشاشة والفرح والسرور من ابسط الأشياء وبأقل تكلفة وبأكثر تواضع وكنا نستمتع بلحظة الفرح أيما استمتاع لأن الروح لدينا قادرة على صنع وتقديم السعادة
وكنا نستمعُ أكثر ممَّ نتكلم احتراماً وأدب وتربية
والبساطة هي التي افتقدناها في عصرنا هذا
٢- زمن اتسعت الدور وضاقت الصدور
زمن الجار لايسأل عن جاره و لا الأخُ عن أخيه
وأشياء يَـئـنُ لها الضمير ويندى الجبين
زمنٌ قلَّ فيه العطف وانعدم الإحترام
وليس ذلك للعموم
المُقتدر لا يسأل عمن ضاقت به سبل الحياة
وليس ذلك للعموم
والصغيرُ لا يعرفُ أين مكانه بالمجلس ومتى يتكلم علماً بأنه يجب علينا أن نسمع أكثر مما نتكلم لأن الله خلق لنا أذان نسمعُ من خلالهما وخلق لسان واحد زمنٌ اصبحت فيه العقول وخيار الجلساء مركونة فوق الأرفف فقال لي لوسمحت أعد ماقلت مع الشرح فعلاً اعدت وشرحتُ له المعنى
بأن المقصود من ذلك الناس ياولدي أصلحك الله لم تعد تقرأ من الكتب بل تركوها فوق الأرفف
لاتمسها الأيدي إلا ربما عامل يقوم بمسح ماعلُقَ بها وعليها من عوامل التعرية
وخيرُ جليس في الأنامِ كـتـابُ ..
ونحنُ أُمـة إقرأ يجبُ أن نقرأ لنرقى
نحنُ الآن بزمنٌ طغت فيه السلبيات على الإيجابيات المجتمعية رغم رغد العيش والأمن والأمان وتوفر سبل ومعطيات الحياة الحديثة
التي نعيشها الآن بما فيها وعليها لم نكن نجدها في زماننا الجميل وكانت الحياة تجري بمجرها بكل يسر وبساطة لم نتطرق لسياسة
ولا سائس والسائس هو مربي الخيل كان الحديث الدائر بيننا مُجتمعياً فقط
لكن الآن تنوع المتحدثون وقلَّ المستفيدون
وقد تجد مُتَحدثاً واحداً في اي مجلس او اجتماع يتحدثُ لك عن كل شاردة وواردة
ولسان حاله يقول : انا ابن جلا وطلاَّع الثنايا…
في الطب خذ طبيباً كلامياً
في السياسة خذ وزيراً بلاوزارة في الرياضة محلل بدون شارة تحكيم وفي الأمور الشرعية مفتي بلا دليل وعلى ذلك قس
لذلك يابُني لازلتُ مُصراً على ذلك الإسم
الزمنُ الجميل والحياة جسرٌ طويل
النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت
أن السعادة فيها ترك ما فيها
طابت مودتكم جميعاً .
٢٩/ ٥/ ١٤٤١هــ>