بر ووفاء أبناء فقيد الأدب والفكر محمد بن حميد غفر الله له وشح مشاعر الاوفياء من جلساء والدهم سابقا، ومبدعي المشهد الثقافي حاليا من خلال ثلوثية بن حميد الشهرية العامرة، التي أطرها واثراها المهندس عبدالعزيز المتحمي بحضور نخبة من المسئولين والمثقفين والمهتمين.
ليلة الإثراء المعرفي أتت من المحاضر الذي طاف أشهر المكتبات العالمية وجلب العديد من المراجع الغير مسبوقة وجلب الوثائق التي تتعلق بمنطقة عسير، ووعد بتقديم هذا الجهد للمشهد الثقافي قريبا.
سيطر المتحدث على قناعات واهتمامات الحضور، وهذا دليل على تمكنه من أدواته، واكتمل الإثراء المعرفي من خلال مداخلات عدد من الحضور حيث أشاد الدكتور سعد بن عثمان بمحتوى المحاضرة وأعلن ترحيب جمعية المؤرخين ودعمها وتعاونها مع هذا الجهد المميز، وتسأل الأديب أحمد عسيري عن التحولات المتوقعة من هذا الزخم ليقدم تاريخ المنطقة بشكل أفضل من الصورة المعتمة السابقة، واثنى الدكتور عبدالله سليمان مساعد مدير تعليم عسير على المحتوى واهمية الاستفادة منه مستقبلا.
أشار الدكتور علي قطب إلى عدة نقاط محورية أهمها مطالبته بالتعليل واتفق معه في كل جزئيات مداخلته الثرية، لكن شروط التعليل بمضمونها العلمي متاحة نسبيا وتختلف من بلد إلى بلد وقد ضربت له مثل بمحدودية الإشارة لـ ” الراعي” بدلا من عبارة ” المتمردين” ويؤكد صحة استشهادي عندما أتت قيادات واعية تحترم قيم المنطقة وأهلها فأصبحوا ولا زالوا يقدمون الولاء في أجمل صوره.
مداخلة الدكتور أحمد فائع عميد الدراسات العليا بجامعة الملك خالد رائعة، وإضافة كاملة الدسم، وزادت من جماليات ليلة الإثراء، وقد لا يكون تعليقي على مداخلته كاف، بل قد لا أكون نجحت في إيصال الفكرة ، وبالمناسبة فقد قرر عميد كلية التجارة في احدى اشهر الجامعات العالمية تقديم أساليب العمل المحاسبي والميزانيات وكل المصطلحات التجارية ورسم البيانات والنسب التصاعدية أو عكسها سنويا لطلابه في السنة التحضيرية، ثم أرسلهم لسوق العمل وممارسة التجارة ثلاث سنوات، وكل طالب يقدم له تقرير عن ميزانيته الشهرية وأرباحه وخسائره، ثم تقرير ختامي سنوي وفق العلم المحاسبي التجاري، وبمقاييس علمية دقيقة وعند تخرجهم بتقدير ممتاز رفضوا العمل في الوظائف الحكومية، ورفضوا العمل في الشركات، وقرروا ممارسة التجارة بمساحة الخبرة التي اكتسبوها من العميد الذي يفكر خارج الصندوق، ومن سوق العمل بالممارسة الفعلية، وأصبحوا أكثر تمكننا، ونجاحا من نظرائهم مخرجات الجامعات الأخرى.
الدكتور أحمد فائع بمكانته العلمية، وعلاقاته الواسعة، يستطيع نقل فكرة تعاون قسم التاريخ مع كلية اللغات بحيث يتحول طلاب وطالبات الجهتين إلى ورشة عمل ميداني يومي وتدريبي دقيق، فالمعلومات من المكتبات العالمية متاحة والترجمة ترفع نسبة الجودة للطرفين، وهذا أهم ألف مرة من المحاضرات النظرية الممتدة ثلاث ساعات من طرف واحد تبدأ بالإنصات عشر دقائق ثم مغادرة العقول ذهنيا خارج القاعة .
ليلة الإثراء شيقة، وممتعة، وقد تنافس فيها المتنافسون، وكل حزب بما لديهم فرحون، فشكرا لأبناء بن حميد البررة، وشكرا للمحاضر الرائع، وشكرا للحضور المبهر.
د. صالح الحمادي>