(من ذكريات قريتي)

طبيعة الحياة البشريه ان تتعامل وفق المعطيات المتاحة لها في حينها ولن نستعرض الحياة التي سبقت ويكفينا فيها وصف كتاب الله سبحانه وتعالى والسير المؤكدة لذلك.

هنا أصف بعضآ من أفضال الحقبة التي تشرفت بالتعايش معهم على الأقل عقدا أو عقدين من الزمن قبل رحيلهم رحمهم الله.

ثقافتنا الروتينية تغذيناها من الآباء والأجداد فغرست بأنفسنا أن كبير السن يتمتع بمكانة وشأن عظيمين بحكم الأسبقبة والتجربة في شؤون الحياة حتى أصبح موجهآ ومقدمآ في الكلام وحينما نقدم لتناول الغذاء أو نمشي سويآ يكون في المقدمه احترامآ ووقارآ وهيبة..

من يقدم على فعل ما لا يهمل استشارته

رأيناهم من خلال ذلك عظماء كرماء مواجهين للحياة بكل تشعباتها وقسوتها.

نراهم في الغالب مبتسمين وهذه صفه انتزعوها من تضاريس الحياة كحق مكتسب لهم وتحديآ بأن الحياة لا تستحق أكثر من ذلك وأن أشواكها ومفترقاتها لا تفسد سعادتهم أبدآ.

كانوا يؤدون ما أمر الله به من عبادات فنراهم تحلوا بالصدق والأخلاق العظيمة ولم ينسوا حقوق الجار أو يتناسوا حقوق الضيف..

نراهم يعملون في الزراعة فنقول لقد خلقوا لها فما أعرفهم بتفاصيلها.
يرعون مواشيهم بلا كلل ولا ملل فأنسوا بها حتى أصبحت جزءا منهم.

ينامون مبكرآ فيصحون قبيل الفجر يصلون ويعودون لتناول ما تيسر من القوت.
ثم يقوم موزع الأدوار بتكليف كل فرد من الأسرة بمهامه بدءآ بالكبير ثم الذي يليه ثم توزع مهام النساء والأطفال بجدارة عادلة لليوم كاملآ بما يناسب القدرات لكل منهم.

تربينا في كنفهم واكتسبنا بعض مهاراتهم فنلنا منهم حب العطاء والوفاء والصدق والصبر وتجرعنا صعوبات ومفاجآت الحياة برضى وقناعة أن كلما يجري بأمر الله ضمن مقتضيات الحياة.

بنوا أنفسهم ومجدهم وبيوتهم بمجهوداتهم الذاتيه وتساعدوا في كل ما يلزم كأسرة واحدة في قرية واحدة.

يأتي رمضان ثم الأعياد فتفرح قريتي ونفرح ونسعد من سعدها ننفض ما لدينا من فرش وبطانيات بمساعدة جميع القريه ونزين البيوت بالقصة البيضاء (الطلاء الجديد) وتخضرها النسوة باللون الأخضر ذي الرائحة النفاذة من نبت البرسيم.

يأتي أحدهم المرض فنزور ونواسي ونأتلف في السراء والضراء.

أهل قريتي الصغيره مثلهم مثل القرى المجاورة يحملون طيبة بالفطرة وبما تربوا عليه من ثقافات بأن كل منهم مكمل للآخر وعوينآ له.

لديهم علم بمبادئ الأركان الشرعيه والركائز فطبقوها خير تطبيق وبوسطية بهداية الله ثم بتوجيه من كان لديهم درايه وعلم.

عندما يفد الضيف لأحد البيوت يهرع من دعي للمساندة في إعداد ما يلزم من طبخ وخلافه.

بقية القريه تشم رائحة الطبخ والنفخ في أي بيت كان من بيوت القرية فيسعدون ويستبشرون بأن هذه الليلهدة سعيدة على الأقل من فاته اللحم لم يحرم المرق.

غالب بيوت القرية تنال على الأقل كاسة مرق وبعض البيوت يستعد بالخبز وينتظر طرق الباب من أهل المضيف لينال المرق الذي يراق فيه الخبز بطعم مختلف جدآ.

حدثتني والدتي رعاها الله انهم ترقبوا أحد المرات أن يأتيهم المرق من أحد البيوت لوجود مناسبه لديهم ولكن حانت ساعة النوم قبل أن يأتي المرق فنمنا.

بعد الفجر مباشرة جاءت جارتنا المضيفه تمشي بأستحياء لتخبر أمي بعذرها وخجلها أن المرق لم يكن كافيآ ليلة البارحه وانتهى للضيوف وعوضتنا نحن والجيران الذين فاتهم المرق بخبز جديد من خبز ذلك الصباح الرائع بوجودهن من جودهن.

انها أيام حسن المعشر والجوار ياسادة ياكرام..

دمتم بود..
اخوكم/ابراهيم العسكري
الثلاثاء ١٤٤١/٧/١ه>

شاهد أيضاً

حادثةالتسمم الغذائي ضد معايير جودة الحياة

عبدالله سعيد الغامدي كنت في مقال الأمس تحدث عن حادثة التسمم الغذائي التي أعلنت عنها …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com