يقول الله تبارك وتعالى (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين).
وقال موجهنا رسولنا صلى الله عليه وسلم: ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه.. بحسب أبن آدم اكلات يقمن صلبه فإذا كان لا محاله فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه.
لا أخفيكم سرآ أنني قبيل أشهر كنت وحيدآ في محايل عسير وخرجت من بيتي ذات يومآ بين الظهر والعصر يعتصرني الجوع
وأفكر ماهي الوجبة المناسبه في ذلك الجو المعتدل والرائع والتي يمكن أن أعدل بها مزاجي فهناك كثير من المطاعم الشعبيه ومطاعم أخرى راقيه ولا تخلو من المطاعم السيئة وقد نبهني الكثير منها كماهو الحال في الغالب.
فبدأت أجول بسيارتي كي أختار فمررت بمطعم تعلوه لافتة مكتوب عليها مطعم صحي.
استوقفتني اللوحه وفكرت قليلآ ثم أجبت نفسي أكيد أنها اكلات بلا سعم ولا طعم ومعدتي تحدث عقلي وتقول ريحنا من الخرابيط وشف لك أكلة معتبره ومليئة بالفتمنة التي تمخمخ البطن والرأس.
فذهبت لمطعم آخر ولا ننسى دائمآ أن نشكر الله على نعمه وأن في متناولنا كل مالذ وطاب وفي أي حين.
أخيرآ استطعت أن أثبت الأختيار لأحد المطاعم الشعبيه التي أكد لي العاملون بها أنهم يجلبون السمك لها يوميآ من البحر وعندما رأيت الأسعار لديهم مبالغ فيها قلت أكيد أنهم صادقين لأن السمك الطازج غال مقارنه بالمبرد والمثلج.
فأسرفت في الطلب وأنا جائع بنوعين من السمك وأيدام مشكل بالفرن وصحن حلبه وآخر سلطه وقرصين من الخمير ولم أنس السليط(زيت السمسم)
وقلت لعلي أجعل هذا اليوم مفتوحآ في الأكل فأضفت للطلب واحد سفن أب الذي طالما انحرمت منه كثيرآ وغيره من المشروبات الغازية ذات الضرر وبغير نفع.
بعد أن أكملت طلباتي وسدادها تنحيت جانبآ في إحدى جلسات المطعم لأنتظار الطهي.
كانت جلسات بدون حواجز فكان على يميني اثنان من الشيبان أشعر حينها أنهما تجاوزا عمري بعقد….!!!!
بادراني أن أحل على سفرتهما ضيفآ فشكرت لهما واعتذرت بحجة أن طلبي في الطريق الي
في الجهة اليسرى أيضآ اثنان من إحدى الجاليات العربيه أوشكا على الانتهاء ولكنهما يأكلان ببطء.
طال انتظاري فأصبحت أسترق من حولي النظرات وهم يأكلون فأسمي على الشيبان فهما يأكلان بحماس وسوالف مبهرة دون تشفير أو أي مراعاة لذلك الكائن الجائع المنتظر فرج الله حواليهم…!!!!
انصرفوا كلهم بعد الأكل ثم أحضر لي جرسون المطعم ذلك الأكل الشهي وأنا على شوق من الجوع ومن آثار التهام الشيبان لأكلهم بالعافيه فقد فتحت شهيتي.
أكلت ولا أدري هل سميت أم لا.
كلما أحسست بالشبع تذكرت الشيبان الذين كانوا بجواري ويأكلان بحماس لدرجة أنني اتخيل أصوات الأضراس من شدة الافتراس….!!!!
فقلت مشجعآ لنفسي افترس يا وحش وواصلت مقلدآ لهما حتى أذن لصلاة العصر وأغلق المطعم وأقفلت الستاير فقالوا بالعافيه على مهلك ولا تستعجل..
قلت لعلهم رأوني آكل بشراهه.
عندما انتهيت تمنيت لو منحت فرصه للنوم مكاني…!!!!
خرجت من المطعم واتجهت لذلك المسجد لأداء صلاة العصر وشعرت حينها بأن الوقت طويل جدآ بين الأذان والإقامة ثم زاد بالوقت ذلك الأمام بينما الوقت طبيعي جدآ ولكن من ضرب الخمس إلى زرار الثوب دفع الثمن لاحقآ….!!!!!
بدأت التخمة والخمول والفتور التي خلفتها التعبئة الزائدة فلعبت دورآ بارزآ في نظام المعدة فأشعرتني بالنعاس ورغبة شديده للنوم.
عند خروجي من المسجد قابلت شخصآ أعرفه ويعرفني جيدآ حاولت أن أفتح له ابتسامة ولكن يبدو أن ملف الابتسامات كان معطلآ هو الآخر
فتوادعنا بخجل وعلى عجل…!!!!
يبدو لو قابلت شخصا آخرا ذو معرفة لأحتقرت ضعفآ فقد بدأت الموازين تختلف…!!!!
ذهبت لبيتي وأنا في تأنيب للنفس لماذا كل هذا الإكراه والإسراف في تناول الطعام وأقول لنفسي الأمارة.أنت صاح أم خبل يا رجل أستح على وجهك إش بقيت للشباب أنتبه ولا تكرر ذلك ابدآ…!!!!
لا أراكم الله مكروهآ فأنا أصمت قليلآ ثم اقول بصوت خافت غير مسموع طيب والله ماعد. أعيدها.
وصلت البيت وحاولت الأسترخاء لكن الأمعاء صاحت تقول كفانا ضغطآ.
حاولت المشي على هون رغم المعوقات فلم أستطع…!!!!!
بقيت على هذا الحال حتى التاسعة مساءآ وبدأت أركز وأتحسن وقلت في نفسي علها الحنش من علها. (يعني قرصه الثعبان من كررها)
لعلي أختم بعجاله تذكرت سالفة لزميل لي رحمه الله يقول استودعني أهلي في بداية التسعينات الهجريه مع شايب من أعيان قبيلتنا وكان السفر من ابها إلى الطائف عبر شاحنة نقل كبيره برآ ولمدة يومين بلياليها.
يقول عندما نزلنا لتناول طعام الغداء وكانت وجبة شهيه وبعد رحلة مضنية فقال لي ذلك الشايب رحمه الله كل بالهون ولا تحشى.
يقصد( لا تملأ بطنك بما يضايقك)
يقول فأخذت برأيه ولم أشبع.
ثم يضيف واصلنا مسير السفر المرهق وبعد ساعات وإذا ببعض الركاب ممن حشوا على قول شايبنا يصيحون للسائق بالتوقف حتى أن فيهم من استفرغ في السياره.
وقال الشايب المحنك.
نعم هذه تالية الحشو.
وصدق من قال:نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع.
دمتم بود.
اخوكم/ابراهيم العسكري.
الأحد١٤٤١/٧/٦ه>