المدارس الافتراضية تحت وطأة الأزمة التعليمية

بقلم -أ.علي بن عوضه الماضي

بعد أن أعلنت وزارة التعليم قرار تعليق الدراسة مؤقتًا في جميع مناطق ومحافظات السعودية بدءًا من يوم الاثنين 14 / 7 / 1441هـ حتى إشعار آخر. وحرصاً على حماية صحة الطلاب والطالبات والهيئة التعليمية والإدارية في التعليم العام والجامعي، وضمان سلامتهم ووفقًا للإجراءات الوقائية والاحترازية الموصَى بها من قِبل الجهات الصحية المختصة بالمملكة العربية السعودية في إطار جهودها الحثيثة للسيطرة على فيروس “كورونا” الجديد(COVID19)، ومنع دخوله وانتشاره.
وتعليق الدراسة يعتبر إجراء احترازي،حيث يتطلب من الجميع الالتزام بأسباب الوقاية، واتباع التعليمات والإرشادات الصحية لمنع انتشار فيروس كورونا. وأن العودة للدراسة تخضع لتقييم اللجنة المعنية بمواجهة فيروس كورونا.

وبناءً على الحالة الصحية الراهنة على الصعيد العالمي من انتشار الفيروس، كحدث مفاجئ غير متوقع ، مما يؤدى إلى كيفية التعامل معه، وضرورة البحث عن وسائل وطرق لإدارة هذا الحدث بشكل يقلل من آثاره ونتائجه السلبية، بذلك جعل التعليم في أزمة تعليمية من التهديد المفاجئ وضيق الوقت وعدم استكمال المناهج التعليمية وقرب الاختبارات النهائية وصحة منسوبي المدارس والجامعات. ويعتبر قرار تعليق الدراسة يأتي استمرارًا لاهتمام القيادة الرشيدة بأبنائها، وحرصها على سلامتهم، وتوفير البدائل المناسبة لاستمرار التعليم عن بُعد وعلى ذلك وجَّه وزير التعليم بتفعيل المدارس الافتراضية والتعليم عن بُعد خلال فترة تعليق الدراسة، بما يضمن استمرار العملية التعليمية بفاعلية وجودة.

والمشهد الحالي يبين للجميع أن وزارة التعليم على أهبة الاستعدادات لإدارة الأزمات التعليمية من حيث التوقعات والاحتياطات والآليات, وهذا من الطبيعي أحد المنطلقات لأي منظمة أو مؤسسة حكومية أو أهلية بتوافر مكتب يعنى بإدارة الأزمات أو لجنة مشكلة لقيادة الأزمات. وعملت وزارة التعليم على سرعة التدخل لتوفر البديل مقابل التعليق إذ قررت اللجنة المختصة في الوزارة بمتابعة مستجدات فيروس كورونا وفقًا لذلك من مباشرة مكاتب الإشراف عملها خلال مدة التعليق لمتابعة العملية التعليمية، والتنسيق في إجراءات التعليم عن بُعد، والرد على استفسارات أولياء الأمور. والتأكد من سير العمل بالمدرسة الافتراضية خلال فترة تعليق الدراسة عبر وسائل التعلم عن بعد التي وفرتها وزارة التعليم، من خلال منصة المدرسة الافتراضية (Vschool.sa)، واستخدام المواد الإثرائية الرقمية بواسطة الموقع، والتطبيق الموجود في متجر التطبيقات لأبل وأندرويد تحت عنوان (منظومة التعليم الموحدة). وتوفير الدروس للمراحل الدراسية كافة بشكل غير متزامن، من خلال قناة “عين” التي تبث على تردد عربسات 12437 عمودي من خلال 14 قناة تلفزيونية، وتستكمل الجامعات والمؤسسة العامة للتدريب التقني والفني والمركز الوطني للتعليم الإلكتروني متطلبات التعليم عن بُعد لكل الطلاب والطالبات.
وهناك العديد من الأزمات التعليمية التى واجهت مختلف النظم التعليمية فى المجتمعات المتقدمة والنامية على السواء. وإن النظم التعليمية القادرة على وضع توقعات للأزمات والإعداد لمواجهتها، تكون أكثر قدرة من غيرها على تجاوزها ومن ثم فإن التعامل مع الأزمة التعليمية يجب أن يخضع للعملية العقلانية الفكرية والإستعداد والتخطيط المسبق والخبرة والدراية فى معالجة بوادر الأزمة وعدم السماح بإمتدادها أو بتدهور الأحداث و هذا يعتبر لب العلمية التعليمية التى تضطلع بها المنطومة التعليمية فى الوقت الحاضر. والاستفادة من أهم التجارب العالمية للأزمة التعليمية فى بعض الدول المتقدمة والنامية. ومعالجتها من منظور إدارى، والتعرض لجوانب الأزمة التعليمية لمنظومة التعليم ، وتقديم التصورات المقترحة لإدارة الأزمة التعليمية وعلاجها فى ضوء الإتجاهات والمتغيرات الحديثة.
ونجحت وزارة التعليم في مواجهة الأزمة ويستمر نجاحها من خلال جاهزية مستفيدي التعليم من الطلاب والطالبات باستكمال التعليم عن بعد ودور أولياء الأمور في الإسهام في مواجهة الأزمة التعليمية من متابعة الأبناء وتوفير متطلبات التعليم عن بعد من خلال المدارس والمنصات الافتراضية في ظل توافر الشاشات الذكية في المنازل وامتلاك الأجهزة الذكية من آيبادات وجولات، رغم أن الأمر يخلق أزمة تعليمية أخرى لدى الأسرة من صعوبة في عدم توفر العدد الكافي للأجهزة الذكية مقابل عدد الأبناء في كل أسرة وسرعة الاتصال والمدى الزمني لجدول الحصص الدراسية ومدى تقبل الدراسة عن بعد وارتباطها بفكر الطلاب والطالبات “إجازة” وعوامل أخرى مؤثرة تعتبر تحديات للأزمات ورغم ذلك نأمل خيراً من
أبنائنا الطلاب والطالبات تقديراً والتزاماً نحو المسؤولية والانضباطية.
الوضع الراهن يعتبر أزمة تعليمية من تأثير خارجي ( صحي ) يواجهه النظام التعليمي، وحيث إن كل أزمة تحمل فى طياتها مقومات نجاحها وكذلك أسباب فشلها، وتعتبر الأزمة التعليمية الحالية فرصة للتغيير والتطوير والتشخيص لدراسة الواقع من متطلبات وتحديات ومعوقات الأزمة التعليمية سواء من تأثير خارجي أو تأثير داخلي تعليمي.
ختاماً: المجتمع التعليمي والمدرسي يحتاج لثقافة الأزمات التعليمية من خلال برامج تدريبية ووضع تصورات مستقبلية لمواجهة الأزمات وتشكيل لجان أعضائها من ذوي الخبرة في إدارة الأزمات، ولا ننسى دعاء النبي صلى الله وعليه وسلم: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ، وَالْجُنُونِ، وَالْجُذَامِ، وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَام ).

*رئيس قسم التربية البدنية بتعليم بيشة>

شاهد أيضاً

ما الذي يُمكن للمرء أن يفعله ليُعيد شغفه بالحياه مره اخرى لتتوهج روحه من جديد؟

بقلم الكاتبة/ فاطمة محمد مبارك -أبها لا يوجد مقتطف سحري لاستعادة الشغف بالحياة، وقد يكون …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com