( غبر شاربك ) خلال أزمة كورونا

رميان غفر الله له ولجميع موتى المسلمين جد قبيلة آل رميان وهو أحد حكماء منطقة عسير كما أخبرونا كبار السن كان مجتمعا بأبنائه ويوجه لهم نصيحة كعادة الآباء ويقول لهم ( من لم يغبر شاربه ما دسمه )، وكان يقصد ان العمل المستمر والجهد والإصرار والمثابرة يقود الإنسان لمجموعة مكاسب على المدى القصير والبعيد وأهمها الاستقرار والسعادة واستدامة الخير لنفسه وأسرته ومجتمعه.

وباء كورونا وقانا الله وإياكم انتشر بشكل مخيف وواسع وطرق أبواب معظم الدول والمدن على مستوى العالم.
حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله كان لها سبق المبادرة باتخاذ إجراءات حاسمة وتدابير احترازية ووقائية للحد من انتشار هذا الوباء في أرجاء الوطن. كان من ضمن تلك القرارات المهمة والتي أتت في وقتها المناسب إيقاف المدارس والجامعات وتحويل طريقة التعليم إلى أسلوب التدريس والتدريب عن بعد، وطلبت من المواطنين والمقيمين أن يلزم كل إنسان منزله ويكون خروجه فقط للضرورة القصوى ليحافظ على نفسه ومن حوله.
هذا التوجه الحكيم يجعل كل فرد منا يعيد طريقة تفكيره ومنهجيته تجاه إدارته لوقته ووقت أسرته وكيفية استثمار هذه الساعات والأيام الحالية والقادمة بما يعود عليه بالنفع والفائدة والمستقبل المشرق بإذن الله.

تغبير الشارب الذي بدأت المقال به كان في الماضي بالعمل خارج المنزل ومتابعة أعمال الرعي والزراعة وغيرها من الأنشطة المهمة في حياة الأولين، أما تغبير الشارب خلال أزمة كورونا يتطلب إدارة صارمة داخل المنازل ومتابعة دقيقة للتحصيل المعرفي للأبناء والتأكد من دخول الأبناء بشكل يومي لمنصات التعليم والتدريب التي أعدتها وزارة التعليم والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني وغيرها من القطاعات ذات العلاقة.

أشعر بالألم والحزن حينما أبدأ محاضرتي على منصة البلاك بورد بمشاركة ١٤ متدرب فقط من أصل ٣٠!! أسأل نفسي أين بقية المتدربين!! لماذا لم يحرص على نفسه ولماذا لم تتابع أسرته وتدفعه نحو استثمار وقته؟؟ على الرغم من وجود الإنترنت في معظم قرى ومدن المملكة وباستطاعة الشخص أن يدخل المحاضرة ويتعلم ويرفع رصيده المعرفي، إلا أن كسل البعض وتهاونه وعدم حرصه دفعه لعدم الحضور عن بعد.

أتوجه بمقالي هذا للآباء والأمهات واطلب منهم تحفيز ودفع وإجبار أبنائهم على التعلم والتدرب عن بعد واستثمار الإمكانات التي وفرتها الدولة للجميع، وإعادة جدولة الوقت بالشكل الصحيح، والجلوس مع ابنائهم وتوعيتهم وتعويدهم على العادات الحسنة وإقناعهم بأن عادات اليوم هي شخصيتك غدا وممارساتك في الصغر تنطبع على نفسك وجسدك في الكبر.

أزمة كورونا فرصة لإعادة تشكيل عاداتنا والتحول إلى مبدأ السيطرة على النفس وترويضها على الفعل الصحيح وبشكل متواصل دون كلل أو ملل، وهذا ما يقصد بعبارة من لم يغبر شاربه بالتعب والعمل والمعرفة لم يدسمه بالنجاحات والحياة المزدهرة التي يسعى لها كل إنسان.

حسن بن مانع آل عمير>

شاهد أيضاً

موسم الرياض رؤية مستقبلية نحو السياحة المستدامة

استقبلت العاصمة السعودية، الرياض موسمها الأكثر تميزًا حتى الآن، والذي يمتد من أكتوبر 2024 حتى …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com