بقلم / إبراهيم نيازي
تقول العرب إذا قال الإنسان حضر فلان..يعني بدعوة، أما إذا جاء فهو من مكان بعيد، وأتى من مكان قريب
وغشي أي جاء صدفة ..
لكن إذا قيل” أقبل”فمعنى ذلك أنه جاء عنوة وبدون دعوة.
إنه كورونا البغيض أقبل على منزلي رغم الا حتياطات الشديدة و عدم المخالطة والخروج ، وعدم استقبال الأبناء والبنات والأحفاد والأسباط.
وفي يوم متثاقل الخطى من أيام شهرنا المنصرم ذهبت إلى السوق لشراء بعض الاحتياجات وعند عودتي
فقدت محفظتي ….
عدت أسأل وأتقصى ولكن هيهات ..كأن الأرض انشقت وابتلعتها.
وأنا أفكر في الامر ، وإذا بابنتي الدكتور (ربى) استشارية الأطفال تدلف المنزل في غير موعد خروحها ..وتبلغني أنها ستبقى في عزلة تامة في غرفتها لمدة أسبوعين بسبب مخالطتها من كانت تحمل عدوى…وأنها تنتظر خلال أيام نتيجة المسحة الطبية.
وقع على أسرتنا الخبر وقع الصاعقة ..
وانقلبت حياتنا رأساً على عقب لولا الإيمان بالله الرحيم الكريم والعودة إلى ثوابت الدين وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
ازداد القلق حين جاءت نتيجة الفحص إيجابية..وحددت وزارة الصحة مشكورة لي وللاسرة كافة موعداً لإجراء فحص كورونا من خلال التطبيق المتاح على شبكة الإنترنت.
ذهبنا في الموعد المحدد بمقر المركز بأبها وكان التنظيم الدقيق وسرعة الانجاز وحسن الاستقبال عناوين عريضة تبعث على الاطمئنان ، وتؤكد حرص حكومتنا الرشيدة على سلامة المواطن وكل من يقيم على ثرى أرضها الطاهرة.
غادرنا المركز بعد ان أبلغونا أن النتيجة ستظهر في غضون خمسة أيام…ومرت تلك الفترة بطيئة تسحب أيامها ولياليها سحبا..
كنا في فترة الحجر والعزل نلتمس لنفوسنا مخارج متنوعة في مقدمتها قراءة القران الكريم والاستغفار والدعاء …وتارة نقطع الوقت تسلية ونرفع المعنويات فيما بيننا ولا نمل من استقبال رسائل الأصدقاء وكما قال الشاعر كلثوم بن عمرو العتابي .
“لنا ندماء لانمل حديثهم
أمينون مأمونون غيبا ومشهدا”
وعاد القلق والتوتر يرتفع بعد خمسة أيام حين أبلغنا المسؤلون في المركز أن النتيجة سوف تتاخر أياما بسبب عطل في النظام الخاص برصد النتائج
ومرت تسعة أيام كالحة …. لياتي النبأ المفرح الذي طال انتظاره أن نتائج الاسرة كافة ولله الحمد سلبية تماما خالية من المرض.
هنا سجد الجميع لله حمدا وشكرا وانهالت تهاني الأقارب والمحبين وأبدل الله بعد الحزن والغم فرحا وسرورا…واكتملت الفرحة حينما جاءت نتيجة الفحص الثاني لابنتي سلبية ويطلب المسؤلون عودتها لعملها .
انا أعلم ان تجربتي هذه مع”كورونا”تجربة خاضها الكثيرون ولن تكون الأولى ولا الأخيرة. .لكنها بالنسبة لي مرة ومريرة ، تقاطعت فيها مساحات الأمل وحديث النفس مع أخبار الجائحة التي تفتك بالبشر. خرجت منها باعتبارات وعبر
في مقدمتها الإيمان والتسليم بما كتبه الله عز وحل على خلقه والتوكل عليه والأخذ باسباب الحيطة والحذر قدر المستطاع.
الفخر والاعتزاز بجهود مملكتنا الحبيبة ونجاحها المميز على الصعد.كافة في محاربة هذه الجائحة
وجعل سلامة أبنائها والمقيمين هدفا رئيسا مهما كلف الامر …
الجو الأسري الحميم الذي ساد الجميع كان له الدور الأبرز في العبور بسلام .
من هنا لابد لنا نحن المواطنين ان نستشعر بجد واهتمام النتائج الكارثية لاسمح الله في حالة استهتارنا بتعليمات وزارة الصحة والخروج من غير أسباب مقنعة وعدم تطبيق الاشتراطات الصحية وتبادل الزيارات العائلية.
أسال الله أن يرفع عن بلادنا وأهلها وعن خلقه أجمعين الوباء والبلاء وأن يكتب الشفاء والسلامة لكل من أصابه هذا المرض.>