ليس هُناك أقسى ألماً وحزناً وأصعب شِدّة وصدمة على النفس مِن خبر وفاةِ قريب او زميل عزيز وصديقٍ من النادر ان تلتقي بمثله من حيث سعة الصدر وحلاوة الروح واللسان وطيبة النفس والخلق، يضفي عليك دائما البهجة والسرور ويزرع في نفسك التفاؤل والأمل والسعادة.
لقد فُجعت وحزنت بِشِدَّه على وفاة الزميل والصديق الصدوق المربي الفاضل والأستاذ القدير عبد الله بن سعد بن سلمان آل مثيب مدير ثانوية خميس مشيط الأولى سابقاً. لقد آلمني بالغ الألم وأبكاني وأحزنني خبر وفاته، رحمه الله واسكنه الفردوس الأعلى من الجنة. فعبدالله من أعز الأصدقاء وزميل دراسة منذ الصفوف الإبتدائية وحتى التخرج من ثانوية خميس مشيط الأولى، ثم افترقنا عام ١٣٩٤هـ حيث ذهب إلى الرياض لمواصلة دراسته الجامعية بجامعة الملك سعود وأنا ذهبت إلى أمريكا لمواصلة دراستي الجامعية. وعلى الرغم من بُعد المسافة وقلة وسائل التواصل في ذلك الوقت إلا أن القلوب كانت قريبة جداً من بعضها ولا تمر فترة بدون تواصل، وبعد التخرج وعودتي إلى أرض الوطن الغالي استمر التواصل واللقاءات ومع تطور وسائل التواصل الإجتماعي أصبح تواصلنا يومياً على “الواتس اب”، فكانت رسائله الجميلة المتصفة بالطرافة والثقافة والأخبار الوطنية والإجتماعية والتعليمية المفيدة تضفي دائماً على نفسي السعادة والبهجة والإبتسامة، وكم كنت ارد على رسائله بعبارة ” أسعدك الله يابو سعد في الدارين كما اسعدتني بهذه الرسالة”
ولا أقول إلا إنا لله وإنا إليه راجعون، وأتقدم بخالص العزاء وصادق المواساة إلى ابناءه سعد وخالد وزوجته وبناته وإلى كافة أسرة آل مثيب الكريمة. لقد فَقَدت منطقة عسير عَلَماً من أعلام التربية والتعليم وابناً بارّاً من أبنائها الأوفياء المخلصين، حيث انتقل إلى الرفيق الأعلى بمدينة خميس مشيط يوم الأربعاء ٢٤ ذي القعدة ١٤٤١هـ الموافق ١٥ يوليو ٢٠٢٠م، بعد معاناة مع فيروس كورونا. لقد غادر هذه الدنيا الفانية إلى دار الخلد الباقية، بعد حياة كريمة حافلة بالبذل والعطاء، قضاها في خدمة الدين ثم المليك والوطن الغالي، حيث عمل بكل تفانٍ وإخلاص كمعلم فوكيلا ثم مديراً للثانوية الأولى بخميس مشيط. وبعد تقاعده، رحمه الله، لم ينقطع عن العمل الخيري والإجتماعي وكل ما من شأنه خدمة المنطقة.
كان الأستاذ عبدالله إنسان بكل ماتعنيه الإنسانية، وصاحب قلب كبير وابتسامه دائمة وصادقة، وطيب نفس، وصدق مشاعر، كما كان رحمه الله رجل فاضل عظيم المكانة، وَقُور وأديب مؤدب، كان بحق مثالاً يحتذى به في التواضع، والوفاء، والبشاشة، والنبل، واللباقة، وسمو الأخلاق، والعطف، وكان رحيماً، حنوناً وعلى قدر كبير من حسن الخلق ويفرض احترامه وتقديره على جميع معارفه وأصدقاءه ومحبيه، وهو محب لمجتمعه وزملاءه وطلابه الذين يبادلونه عظيم المحبه وبالغ التقدير، حيث تعلموا منه مكارم الأخلاق، والنبل وسماحة النفس.
كان الأستاذ الفاضل عبدالله، رحمه الله، قريباً من الجميع، فالكل يثني عليه، والكل حزين على فراقه، وقد توفاه الله سبحانه وتعالى بسيرةٍ عَطِره وسُمعة طيّبه. فاللهم يا حي يا قيوم أبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله وأدخله الجنة بغير حساب ولا عقاب، وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار، اللهم عامله بما أنت أهل له ولا تعامله بما هو أهل له، اللهم جازه بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً، اللّهم إن كان محسناً فزد من حسناته، وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته، اللهم آنسه في وحدته وفي وحشته وفي غربته، اللهم أنزله منزلاً مباركا وأنت خير المنزلين، اللهم ألهم أهله واحبابه وأصحابه الصبر والسلوان وارضهم بقضائك، اللّهم ثبتهم على القول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويوم يقوم الأشهاد، واللّهم صلّ وسلّم وبارك على حبيبنا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
{إنا لله وإنا إليه راجعون.}
اللواء (م) د. عبد الله بن رحرح الشهراني>