قصص قصيرة جداً :
تطوّر ذاتي
جدتي استبدلت ذات يوم مشطها الخشبي بالاستشوار ، والمشطة والسحوق بكريم دوف ، تعاني كثيرًا من استعماله، تترنم بخفوت وهي منهمكة في زينتها ، تتزين بلا مناسبة . تنشد” بنات أم بدو شدّو وحلّوا ذنب حيدن وذهبان” ثم تضع المنديل الأصفر فوق شعرها المحنّى وتضع فوقه الشيلة كالعمامة، تسارع بجمع نتف الشعر المتساقط وتدسه في أقرب جدار ، وتجلس تقهوى..!
أنوال
باح للجميع بوظيفته ومهمته في الحياة، يُدلف إلى أي مجلس مزهواً ، يجلس في الصدر، يتحدث في كل شيء، كأنه سياسي مخضرم ، يثرثر كثيراً، غير عابئه بشيء ، وكم من ” أنوال ” أصابها ولم يلتفت ..
مكث في حيرة؛ كلما دخل مكان انفضوا من حوله ، وهم يتهامسون بخفوت :
-دبور.. كالمجذوم يفرون منه ، ليجد نفسه وحيداً يكلم الجدران ..!
الجثَّام
طالما كانت أمي تخوفنا منه ، وعندما اصطحبتني ذات يوم إلى زواج في القرية،كنت فضولياً فدخلت غرفة مظلمة وفجأة صاحت بي امرأة سمراء فارعة الطول شعثاء ولشعرها المُحنَّى لمعة..أفزعتني ، هربتُ إلى أمي أخبرها بأني قد رأيت الجثَّام !
هدّأتْ من روعي وطمئنتني؛ بأن التي رأيت هي”الطقاقة” امرأة طيبة وتحب الأطفال!
علامة فارقة
عندما شرع طبيب الوحدة الصحية بتطعيمنا في الصف الأول الابتدائي ، مددتُ له يدي كالمسواك “نسيتُ مِن يدِه أن أستردَّ يدي .. طال السلامُ وطالَتْ دمعة الهُدُب !”
قفز أخي من النافذة ثم ولّى مدبراً ولم يُعقِّب..
بقيَ أثر تلك الإبرة في عضدي حتى الآن..!
الهروب
وأنا طفل في الابتدائي قررت أن أترك المدرسة ، هربت مع زميلي من المدرسة ، تسكعنا في الوادي وأزقة القرية ، مزقنا الكتب تركنا حقائبنا في العراء ، عدت ظهراً إلى المنزل باحت أمي مكرهة بسري لأبي .. كنتُ في اليوم التالي الأول في الطابور لكن بلا أُذن 👂!
آثارنا
أنا وأخي صغيران نرعى الضأن على ريالات يمنحنا إياها والدي تشجيعا لنا ، محزمين “بالمعاجر ” والسكاكين ، أخي في مقدمة الضأن وأنا خلفها ، في سفح الجبل يهجم الذئب نلوذ بالفرار ، فرقتنا الطرق وجمعنا الخوف لنلتقي عند أبي الذي أوجعنا شتماً ..
بعد تلك الحادثة بعقود وأنا أعود للماضي وجدتُ معجري وسكيني بين الأحراش وقد طمرها الزمن والصدأ!
أسلاف
عندما جاء التعويض المالي لوالدي عن الأرض التي تحولت إلى شارع ، توافد الدائنون على بيت أبي يباركون ويهنئون!
مشورة
وأنا طفل في الخامسة أدخلتُ يدي في فوهة جَرة الماء وانحشرت، رفعت الصوت ، تعالى صياح النسوة من حولي ، إحداهنَّ أرشدتهنْ “بقطع كفي وكسر الجَرة بعد ذلك وإخراجها ! ”
صِلة
ألقى أبي القصب من فوق ظهره وأخذ برأس أخي يجرّه إليه ، كان شعر أخي طويلاً، قبل ذلك كان أبي “يتطعَّن” عنّا، ويدعونا بلطف لتناول الغداء بعد صلاة الجمعة التي لم ندركها عمداً ذلك اليوم!
بقلم الأديب /
أ.عيسى مشعوف الألمعي>