بقلم / فاطمة الأحمد
شفافٌ جداً..للتو خرج من التمحيص، يبصر بقلبه ويسمع به، ويتحدث منه ؛ لذا فهو يتوخى الحذر ويريعه أن يراهم يمرون بجانب بعضهم البعض فلعل واحداً منهم الآن قد يكون يتلظى على الصفائح الحامية ولا أحد يدري به.
فيحاذر أن ينزغ في جنبه سهواً فينهيه،أو حتى أن يخدش نفسه بنفسه!
في زمنه..عندما رأه هذا الدهك في آخر الرمق؛ فتح عنقه على الماء والهواء؛ لأنه أراد من طحنه أن يُفرّغ كل ما بقلبه من الضَعف، والهَوان، والقِشاش وإلا فكيف نفسر رزانة هذا المتسيد الآن وقلبه الفذ ؛ إذ أنه حين يأتي للمراقي يتهافت عليه ضوء الأُبّهة وهو الذي كان يخصف بثوبه فوق كل كدمة حتى لا يدري أحد أن كل هذا الجسد تحته مثخن. فيظهر عليهم في شكل الإنسان التام، صاحب الإبتسامة المهندمة، ويمشي في الناس سوياً بينما قد حُزّ عنقه عشرات المرات، ولويت يديه المكسورتين في كل مرة.
فيدري الإنسان في وقت مناسب ومنتقى بعناية أن كل وجعٍ طحنه وصهره إلى ما قبل النهاية بقليل كان قد صنعه صنعةً تليق بالنجاح.
يدري الآن أن الله قد انتقاه ليعده لمثل هذا عندما ظن أن كل ذلك السوء يحدث له لأن الله لا يحبه ولم يقبله.
أفرحه أن تحسس قلبه فإذا به مكين في مكانه، ونظيف من الهزائل، ومستعد للحياة كلها.
.>