فايع آل مشيرة عسيري
يهاجرُ بي الحنين االمستطيل عبر طريق تية الذي عبره أجدادي بأصوات القوافل الشاردة بتلك الأحلام التهامية,والأرواح المتشبثة بالشعر والنثر والموروث,والأساطير الموغلة في الشاعرية,والقصصية,والأساطير,والحكايات التي قُصَت,والتي لم تقص,وكأنها أرادت أن تحكيها السراة لتهامة أثراً بعد عين..,وعبر قرى محايل سرى بي الشوق قادماً من أبها نحو تلك لمدينة التي رأيتُ فيها الحلم يكاد يكون واقعاً تنمية شمولية في كل مكان..لم تكن تحتاج محايل عسير إلا من يجيد السبر في أغوار محايل الإنسان والمكان,ورحلة البحث وراء هذا الإنسان المحايلي التهامي بكل تضاريسه,ولهجاته,وتنوع ثقافاته,ورحلاته,وأسفاره,وإختلاطه بالمجتمعات الأخرى,ورحلة تحديه,وكفاحه ونضاله,حتى تشكلت تلك الشخصية التي تتسم بالهدوء,والتسامح والحب..تلك الشخصية الثائرة في وجه الحياة كي تعمل وتجتهد,وتزرع وتحصد ثمن التعب والألم ,والصبر إنجازاً جديداً يرضي نهمها الذي لايشيخ..كي تسير وفق هدفاً فكرياً وتوجهاً وطنياً إنتماءً وحباً لهذا الوطن العظيم ولقادته العظماء,هذا الفكر الذي ظل يتوق لهذا المنجز الثقافي العظيم..!
منجز”اللجنة الثقافية”,وخلف هذا المنجز الحلم يقف محافظها الرائع محمد بن سعيد بن سبرة
هذا المحافظ الذي بات يشكل “ترمومتر” محايل عسير,والرقم الصعب عطاءً ونظرةً وبعداً تجاوز كل حدود المستحيل,وبدعماً غير محدود من سمو سيدي صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه..
ومن هنا كان لنادي أبها الأدبي قصب السبق متمثلاً في الدكتور أحمد آل مريع بذل الغالي والنفيس كي نشاهد الثقافة حاضرة في مساءات محايل عسير..
تلك الأمسية الشاتية,والدافئة بقلب الأستاذ إبراهيم الفاهمي الذي قال لي محايل هي بوصلة الأصالة,ووجه الحراك الثقافي القادم..
تلك الأمسية التي قال عنها “صبر عسيري” الشاعر الكبير أحمد عسيري محايل مدينه الفصول الأربعة,وغازلها عريسها في تلك الأمسية الدكتور محمد العمري مدينة الحب والألق قبل أن أقرأها في خيال الشاعر أحمد التيهاني قائلاً:محايل غزل الشتاء,وحدثني ليلتها شاعر ألمع إبراهيم طالع قائلاً في بلاد أمتهايم كل شيءٍ يغني للجمال,وبين كل الوجوه الحاضرة تكاد تشاهد الصافي وقلبه المتعب الذي نادى الحلم ليالٍ سرمديةٍ رأت في الطموح طريقاً لذيذاً وإن كان شاقاً حتى باتت محايل ثقافة فكرٍ تستقطب المبدعين جذباً وإبداعاً ونبضاً..يقال بأن محايل هي مشتى عسير وقلب تهامة النابض,واليوم نقول :
محايل هي مشتى عسير شعراً,وقلب تهامة نثراً,فتنوع جغرافيتها وإستجداء ذكرياتها يعطيك الحق بأن تقول محايل هي القصيدة التي لا تولد إلا مرة في العمر,ومحايل هي الرواية التي لا تسمع إلا في أصوات الجدات الذين يخيطون محايل بدموعهم حريراً,ولحافاً دريهمياً مقلماً..!
فكم من المبدعين في محايل ذكوراً وإناثاً كانوا يتوقون بأن يروا محايل ملهمة لهم ولتباريحهم ومناجاتهم ,كانوا ومازلوا يحلمون بأن تكون جسر عبورٍ لإيجاد حروفهم الضائعة في كراسات ذكرياتهم..حروفاً تتضوع جوعاً وعطشاً وبرداً كي تجتمع حول موقد الثقافة,ووطن الفكر..!
وفي ليلة الثقافة أحتسيتُ قهوتي مع صديقي الجميل الأستاذ عبد الله المدني وأخذني نحو محايل المدينة التي لا تنام في قلبه فهي قارئة الكف وسارقة الفنجان ومن خطت تفاصيلها على كل ملامح العاشقين المفتونين بتلك الفاتنة الجنوبية ,ورأيتُ في قهوتنا محايل الأم المدينة القديمة بأرثها وأصالتها ومحايل الحديثة بنهضتها وعمرانها ,ونحن نعبر طُرقها وحاراتها
وكيف تكتحل من جمال أهلها كي تلقيه في عيون العابرين الذين قال عنهم صديقي المدني هم شهادات التكريم التي تسمو بمحايل إنساناً ومكاناً.
ومضة ثقافية:
من هناك حلوشيات صديقي الشفيف والمبدع إبراهيم حلوش يغازل محايل شوقاً
بات قلبي معنقداً يتدلى
بين بيش الهوى وسحر محايل>