بقلم الأستاذ الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
أخي الصائم .. أختي الصائمة ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
فإن الأخلاق الحسنة أحد الجوانب المهمة في كيان أُمتنا الإسلامية؛ لأنها بمثابة محور الارتكاز، ومركز الدائرة، وحجر الزاوية، والعنصر الفاعل في حياتها. ولذلك فقد اعتنى الإسلام بالتربية الأخلاقية عنايةً فائقة، وصلت عند معلم الأُمة صلى الله عليه وسلم أن وصفه ربه جل وعلا بقوله: وإنك لعلى خُلقٍ عظيم (سورة القلم :4).
ومن هنا فإن علينا في هذا الشهر المبارك أن نستفيد من الوازع الأخلاقي الداعي إلى الاستقامة وإصلاح النفس وتزكيتها، والسمو بها عن النقائص، لترتفع عالياً فتحظى برضوان الله سبحانه. وفي هذا تربيةٌ إسلاميةٌ على الإحسان والصبر والحلم وقوة الإرادة والتسامُح والعفو والعظة والعبرة والمساواة، والعودة إلى الله تعالى والإنابة إليه سبحانه، والبذل والعطاء والصدقة وحُسن المعاشرة والرحمة والعطف والرفق وحُب الأخرين والأمانة وغير ها من محاسن الأعمال وفضائل الأخلاق. قال (صلى الله عليه وسلم) :” المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده” (رواه البخاري).
وهذا فيه درسٌ تربويٌ ينهى المسلم عن صيام شهر رمضان بتوجُعٍ وتحسُرٍ، ويُحذر من ذلك السلوك الأخلاقي المشين الذي يورث الحرج في النفوس، والضيق في الصدور، فيكون أصحابه – والعياذ بالله – حـمقى، سريعي السخط، يغضبون لأتفه الأسباب، وتثور ثائرتهم بحجة أنهم صائمون فقط؛ فالله الله يا إخوة الإسلام من الصائمين والصائمات في حُسن الخُلق قولاً وعملاً. قال الشاعر:
بمكارم الأخلاق كُن مُتخلقاً ليفوح مسكُ ثنائك العَطر الشذي
وقال آخر:
وكن حسن السجايا وذا حياءٍ طليق الوجه لا شَكِساً غضوبا
وكم هو مؤسفٌ أن نرى ونسمع بعض الصائمين الذين يتخذون من صيامهم مبُرراً للخصام واللجج بُحجة أن الصوم يؤدي إلى سرعة الانفعال وفراغ الصبر، وعدم القدرة على التحمل، ناسين أو مُتناسين أن في ذلك قلباً لحقائق الأمور؛ فالصيام عبادةٌ تُربي الفرد على الصبر، وقوة التحمل، والقُدرة على التحكّم في نزوات النفس وضبط انفعالاتها.
فيا أخي الصائم، ويا أُختي الصائمة:
هلاّ تذكّرنا جميعاً حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي يقول فيه: ” إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق ولا يجهل، فإن سابه أحدٌ فليقل: إني أمرؤٌ صائم” (أخرجه الشيخان).
جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، إنه سميعٌ مجيب.