بقلم الأستاذ الدكتور صالح بن علي أبو عرَّاد
أخي الصائم، أختي الصائمة ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فالصوم لونٌ من ألوان الجهاد لما فيه من مجاهدة النفس البشرية، وهو ما عُبِّر عنه بالجهاد الأكبر. ولهذا يعُد البعض شهر رمضان المبارك شهر التربية الجهادية التي تجعلُ من الـمسلم مجاهداً في سبيل الله تعالى بنفسه وماله، وقوله وعمله، وسرِّه وعلنه، وهذا معنىً فاضلٌ وأثرٌ جميلٌ نلمحُه حينما نستعرض ماضي الجهاد الإسلامي الزاخر بالبطولات والفتوحات والانتصارات التي ركع أمامها التاريخ وجثا على ركبتيه مُسطراً صفحاتٍ خالداتٍ في نشر الدعوة الإسلامية، وإعلاء كلمة الحق، ودحر الباطل وأهله بدءً بغزوة بدر الكُبرى، ومروراً بفتح مكة المكرمة، ثم معارك الإسلام الفاصلة كاليرموك وحطين وعين جالوت، وأخيراً معركة العاشر من رمضان عام 1393هـ، وسيستمر – بإذن الله تعالى – موكب النصر والعزة والكرامة لدين الإسلام ولأبناء الـمسلمين في كل زمانٍ ومكان حتى يرث الله الرض ومن عليها.
من هنا كان على المسلم أن يعتبر شهر رمضان المبارك فرصةً لإدراك الكثير من المعاني العظيمة الواجب علينا تعلُمها في هذه الأيام المباركة، وأن نُربي عليها أنفسنا، والتي يأتي من أبرزها أن الجهاد المطلوب من الإنسان المسلم لا يقتصر على مجاهدة الجوع والعطش فقط، وإنما يتمثل في إعداد النفس للجهاد في سبيل الله تعالى، ونُصرة دينه، وتقوية الإرادة لإعلاء كلمة الله سبحانه، وحمل رسالته، وحفظ حدوده في عزمٍ وحزمٍ وصدقٍ وأمانة.
وليس هذا فحسب؛ فهناك جهاد النفس الذي تزكو به الأرواح، ويُقهر به الهوى، وتُقمع به الشهوات.
فيا أخي الصائم، ويا أُختي الصائمة:
علينا جميعاً أن نُعد العُدة لمجاهدة أعداء الله تعالى بالقتال والسلاح، ولـمُجاهدة هوى النفوس بالجوع والعطش واجتناب ما حرّم الله مستفيدين من هذا الموسم الرمضاني الذي تنشط فيه الأجسام والأرواح لطاعة الله سبحانه.
كما أن علينا أن نُعاهد الله تعالى على الاستمرار في هذا النشاط، وأن ندفع عن أنفسنا التكاسُل والخُذلان، والركون إلى هذه الحياة الدنيا وملذاتها الفانية، حتى يتحقق لنا ما نصبوا إليه من صحة الأبدان، وصفاء الأرواح، وعظمة النفوس.
والله تعالى نسأل أن يوفق الجميع إلى الثبات في الأمر، والعزيمة في الرُشد، إنه وليُ ذلك والقادر عليه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.