بقلم – إبراهيم عواض
لم يزل حضور شخصية هذا القائد النادر يطغى على حديث كل مجلس (جنوبي) تدار فيه كؤوس الكلام و شجون التعليم، يتلمس في خضم التاريخ كل متحدث كيف كان (أبو عامر) و أي حياة و زمالة و تطوير و وطنية و صدق انتماء بثها و شاركها مع زملائه و مجايليه في إدارة التعليم و في المدارس وحتى مع شيوخ القبائل و وجهاء المجتمع وعامته، ومع الأمراء و الوزراء والملوك!
و (مهرجاناته) ومواقفه و وقفاته في السراء و الضراء!
وقد هاتفني في تواضع (رفع الله قدره) قبل سنوات، يُثني على كلمة ألقيتها، واستمع لها في أحد الاحتفالات التي حضرناها سوية، ثم وجد الحديث سانحاً فأشاد حينها و ومدح ورد الفضل لما ذكرت أثره وتأثيره للفريق الذي عمل معه والرجال الذين زاملهم في التعليم، وذكر أهل (الحجاز) و أفاض و أثنى عليهم، وكتبت حينها عن هذا سابقا في وسائل التواصل وسهل الله هذه الأيام رد التحية بأحسن منها.
إذ قدر الله لي قبل عدة أسابيع أن أتعرف بالدكتور الرابح المكافح أبي يوسف علي بن سعد القرني صاحب الكتاب الممتع المفيد (القرية) و هي (حرجة بلقرن)، ومنها وثب لمعالي مستفيدا من تجربته في طفولته الشقيه بين رعي الأغنام و تحمل المهام الجسام ومن عسكريته في المنطقة الشرقية و دراسته للماجستير و الدكتوراة الأمريكية بعد أن ترك العسكرية و سلك طريق العلم والمجد في جامعة (الرياض) قبل ٥٠ عاما.
فكتبت عن التجربة والكتاب عدة أسطر في حساب صحيفتي، و أبى صبي دحيم وأحد فرسانها الذين تربوا على الشجاعة وحفظ المعروف والجود؛ إلا أن يشكرني و يكرمني ويعزمني فاستجبت لدعوته راغبا في لقائه و زيارته.
ولما وصلت مجلسه وفيه علية القوم قدرا وعلما أكرمني بلقائهم مع لقائه؛ و لم أكد أعرّف عن نفسي و أنسب وظيفتي لأشرف رسالة و أجل مهنة و أحدد جارة النخيل موقعا و موطنا حتى تركني القوم و أنا الضيف، وانفكوا بالثناء على رائد من رواد التعليم بها ذكرته مستشهدا بالرجال الرجال عندما فتحت السيرة و هموم المجال.
وتزعم مهرجان الوفاء والثناء أستاذنا الشيخ المعلم القائد علي بن صالح القرني رئيس فريق التقويم الشامل و مدير مدرسة الحرجة سابقا.
فلما انفض السامر و مضيت منعما مكرما من خير صحبة و من بيت منذ القدم بالكرم عامر عند (آل مجبل) و نجمهم الساطع أبي يوسف صاحب المحامد و السيرة المثيرة في التعلم والصبر والجلد ثم المجد و الفخر في الجامعة والتعليم العالي؛ كرّمت و ودعت،و حانت لي فكرة رد التحية التي كانت قبل سنوات بأحسن منها فسجلت له رساله ضمنتها في عجالة ما رأيت وسمعت في تلك الليلة من تقدير و وفاء لأبي عامر وقصص و مواقف. مؤكداً له محبة أهل (الحجاز) الدائمة مما يستحق و نال عبر سنوات طوال من العمل و حسن الإدارة و القيادة .
و مرّ يومان فإذا بالمطر يهطل الليلة و الربيع يزهر و لم أشأ أن أتدخل و أترجم و أعبر، إلا بنقل الرسالة الذهبية من قائد السنوات الماسية و الأيام السعيدة المجيدة، أدام الله على أبي عامر الصحة والسعادة و أترككم مع جميل عباراته و معانيه و كرم روحه ونقاء ذاته.
إذ قال فيها :
أخي العزيز الأستاذ إبراهيم عواض الشمراني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. المشاعر الصادقة والأخلاق النبيلة صفات حميده وسجايا مجيده يتميز بها أبناء قبائل (بني خثعم) بخاصة وقبائل الحجاز بعامة ومن حسن حظي أني عينت أول سنة في حياتي الوظيفية مدرساً بمدرسة شرى عام (1381هـ) وعمري لم يتجاوز الخامسة عشر، عشت هذه السنة الأولى من حياتي الوظيفية بين رجال بني ميمون الرجال الأوفياء الذين أعجز أن أعطيهم حقهم حيث تعلمت منهم الشيء الكثير وأخص بالذكر الشيخ ( غرم الله أبو مقبل ) شيخ قبائل بني ميمون الذي حظيت منه برعاية خاصة عليه شآبيب الرحمة والغفران، وجزاه الله عني خير الجزاء.
أما مشاعر الزملاء النجباء في التعليم تجاهي فلا يخامرني أدنى شك أنها مشاعر صادقة ثم صادقة وهي رجع الصدى لما لمسته فيهم جميعا من خلق رفيع وأدب جم ووطنية وثابة وأمانة مطلقة وشعور بالمسؤلية وولاء صادق وإخلاص متفاني ومهنية متطورة وكنت محظوظا عندما كلفت بمهمة مدير تعليم بيشة أن عاصرت هذه النماذج المتميزة من أبناء الوطن الذين يرفعون الرأس ويشدون العضد بدون منة ولا مكابرة، والمسؤول لا يستطيع أن يحقق النجاح ما لم تتوفر له مثل هذه النماذج المتميزة.
إنني أتمنى أن أقبل جبين كل طالب وكل معلم وكل مدير مدرسة وكل مشرف تربوي وكل موظف إداري وكل مسؤل في الوزارة الذين عاصرتهم، فكل هؤلاء لهم الفضل علي بعد الله أن سهلوا لي الصعاب، ووفروا الإمكانات للاضطلاع بمسؤلياتي بكل ثقة واقتدار، فجزاهم الله عني خير الجزاء
كما أرجوه جلت قدرته ان يحفظ أمننا واستقرارنا في ظل الله ثم في ظل ولاة أمرنا آل سعود أدام الله عزهم.
أخي ابراهيم وبطريقتك الخاصة أرجو نقل مشاعري للأخوة الذين اجتمعت بهم لا عدمتك، أخوك سياف عامر آل خشيل.
و لازال للوفاء بقية بإذن الله!