
بقلم: إبراهيم العسكري
نحن هنا لا نزكي أنفسنا ولا ندعي المثالية أو التنزهه عن الأخطاء فنحن بشر لنا من الأخطاء مالا يعلمه إلا الله ولكن الله يستر العيوب ويغفر الذنوب ويقبل التوب..!؟
لسنا أيضا بصدد التنقيب لأحد في التصيد أو بحث مناقب ومساوىء الآخرين.
لكنا نحاول أن نتمسك بالوسطية التي جبلنا عليها ولا نغفل ثقافاتنا التربوية التي ارتويناها ونشأنا عليها بمبادىء دينية حسنة مبسطة ومألوفة دون تعقيدات ومبالغات في التشديد المغاير..!!
عشت مع الكثير من حقبتي في قرية صغيرة مجاورة لقرى مماثلة بينها ثقافات وتشابة مجتمعي منطقي وحسن في غالب شؤونها..
من فضل الله تربينا على القرآن بأحضان أسر عريقة عظيمة تحب الصدق وتتعامل به في كل شيء.
تحب الجار وتصونه في حضوره والغياب وتحب إكرام الضيف
يسودهم جو الحشمة والحياء
يقدرون الكبير ويرحمون الصغير.
إنهم أهل وجوه تتبسم لمن يقابلها مهما كان الظرف الزماني والمكاني أو حتى المالي الذي يفتقدونه حينها..!!
أهلي وأهل قريتي والقرى المجاورة في الغالب لا يترددون في دعوة الجار أو من يلتقون به حول قراهم من باب إكرام الضيف وتقديم كل مافي وسعهم لذلك الوافد والابتسامة تملأ القلوب قبل العيون أيا كانت هيئة الضيف من قريب كان أو من بعيد وعلى ذلك قس في بقية مناطقنا التي عرفناها وعرفت بذلك.!!
تعلمنا من أهلنا أولئك العمالقة التقوى الدينية والإنسانية السهلة المبسطة.
تعلمنا منهم الشموخ والجلد في مواجهة الصعاب كمقاومة الشمس في الظهيرة والتصدي للبرد القارص في الشتاء
تدربنا كيف نحرث الأرض وحين حصادها ورعاية الماشية وصعود الجبال لنيل الحجر للبناء والحطب لشب النار ومواجهة سباع الطرق ومفاجآتها..!!
تعلمنا أنه بقدر ما تعطي وتتعب وتعرق لأرضك تأخذ الأجر المجزي من المزارع ومكابدة الأعمال الأخرى أيا كانت من منتوجاتنا الذاتية بأرضنا السخية!!
تعلمنا منهم جميعا المساهمة الفاعلة في دعم المحتاج لمد العون له في مزرعته أو وقت حصاده أو حتى بناء بيته أو لأي أغراض آخرى أو نائبة تحل بهم..!!
ليس كلما تعلمناه منهم حصرا لأنفسنا فقد علمونا كما أسلفت أهمية دعوة القادم للضيافة فيكون ضيفا معززا ومكرما على الوفر من الزاد المتاح فتلك سمة سمو بها فرفعت لهم القدر والشأن بسموهم..!!
لهم مناقب إيجابية كثيرة يعجز القلب واللسان عن أن تحصى كلها هنا وكأني أرى الكثير ممن يقرأ هنا يدرك ذلك ويتذكره مثلما أتذكره بحسرة .!!
الغريب المتناقض في عصرنا الغاشم بالسرعة والعشوائية أنها ترهلت أغلب تلك الصفات أقولها بكل أسف وحرقة..!!
أعتذر للجميع أن يشوب مقدمة هذا المقال من الجمال ما سيرد خلفه من منغصات أحدثتها عواصف الثقافات والحضارات المزعومة بأنها مطعمة بالحرية في التصرفات كما يرغب أهلها الذين يرون أن زمان الحاجة للآخر ولا وانتهى ولم يعد له مكان وأصبح الفارق المالي هو الأهم وأن ريالك هو من يستحق أن تعطي من أجله كل شيء ليرفع مقياس الرقي لديك..!!
للأسف في ظل عبث التناقضات ضاعت وتلاشت كثير من القيم بمنسوب مائل للأنخفاض من تلك القيم والمفاهيم والمبادىء القروية التي كنا نفتخر ونفاخر بها ناهيك عن الروابط الأخوية بالجار والصديق وربما حتى الأخ القريب..!!
في الواقع نرى بعض الأشياء جميلة حتى نتعامل معها فيتضح الضد وكما قيل بضدها تتميز الأشياء وربما هذا ما دعاني لكتابة هذا الموضوع وما سبق كان مقدمة بها بوح مشاعر وتأسف لفقد ما كنا نعتز به ..!!
حدثني من أثق به وقال لي تخيل أخي الكريم أنني زرت قبل أيام أنا وجاري أحد أعيان قريتنا ممن يعبر منتصف العقد الثامن أحدنا لم يسبق أن دخل له بيتا من عشرات السنين وعندما طرقنا الباب كان استقباله لنا باهت جدا فكأنا خرجنا من بيته للتو أو سقطنا عليه من سقف ذلك الدار..!!
يقول مكثنا قرابة ثلث ساعة وهو يعاين فينا بقلق لماذا أتينا فلم يحاول أن يسقينا حتى شربة ماء غفر الله لنا وله..!!
يضيف محدثي أن من قاموا بزيارته لم يكن يعاني من ظروف صحية أو ماليه لنلتمس له الأعذار.
ولم نكن أغرابا عنه فيسقط لنا قدرا .!!
يقول خرجنا من البيت متأسفين لأنا شعرنا بالهوان ولسنا دار هوان لا له ولا لغيره..!!
خرجنا بخفي حنين وبنفوس تحمل للمضيف بوسا فنحن غير مأسوف علينا من قبله وردت الفعل لدينا مزرية..!!
مما زاد هم محدثي حينما يثني على أن الرجل الذي كانا في زيارته من أسرة طيبة مذكورين بالخير وتربطهم علاقات حميمة فقلت له ليس الفتى من قال: كان أبي..!!
فبعضهم على القول السائد ما عنده ما عند جدتي.
أو قد تكون ثقافته مضروبة ونالت منها حداثيات هذا العصر المعاصر.!!
الخوف كل الخوف أن تندثر تلك القيم والشيم والثقافات التربوية الحسنة وربما بعض الآداب في زحمة الناس وتتغير فيحل محلها الثقافات المبعثرة وغير المحمودة فحافظوا على مجدكم ولا تتأثروا بالترهات وساقط الكلم وسفاسف الأمور التي بدأت تطفو إلى غير رجعة..!!
عسير صحيفة عسير الإلكترونية
مازال الخير في أمتنا ومجتمعنا بأذن الله ،،،، واملنا في الله كبير ولا ينقطع ،،، اللهم اصلح مجتمعنا وانفسنا واهلينا واسترنا ولا تفضحنا ،،، والله انا نحزن من تغير البشر للأسوأ ولا علينا لهم الا الدعاء والنصيحه التي باتت نادره جدا .