بقلم/ مها الجهني
نُسمي من استقر خارج موطنه غريبًا مهما طالت مدة اقامته ، فهذا المصطلح لا نستغربه ولا نلتف له كثيرا لأنه مألوف لنا .
لكن هناك غربةً أشد آلمًا على النفس تُسمى- غربة روح – فهم أناس تربطهم علاقة ما ، يلتقون ، يتحدثون ، يأكلون ، يشربون في مكان واحد و لكنهم غرباء عندما تراهم تُدرك أن كل واحد منهم غارقًا في عالمه ، كأنهم عابرو سبيل ، حتى ملامحهم جامدة ، خالية من المشاعر .
البعض قد يكون أول مرة يعرف بهذه التسمية على رغم وجودها الحقيقي و الكثير يعاني منها ، خاصة في وقتنا الحالي ، فقد يكون بين عائلته ، اصدقائه لكن يشعر بينهم أنه غريبًا.
يختلف التعامل مع هذه الغربة على حسب الشخصيات فالبعض يكتمها و يتألم بصمت و يُمثل أنه حاله مثل حال الآخرين من حوله ، لعلمه بأنه لو افصح عنها لن يفهمه أحد أو يبدأون ينتقدونه أو يسخرون منه و هذه الردود طبيعية لأن عقولهم لا تستوعب ماهيه هذه الغربه لأنها غير ملموسة بل هي شعور داخلي مؤلم ..
والبعض يتكيف معها و يتأقلم فيكون حاله مع من حوله شبه عزله ، قلة الكلام ، عدم مبالاة ، ردة فعل باردة في المواقف ومع الآخرين ، يشعر بالراحه عندما يكون لوحده .
والبعض ينفجر فيمن حوله بسببها لأنها تحولت اضطرابا نفسيا لا يعرف كيف يتعامل أو يتكيف معه .
أشد أنواع الغربة ألمًا ما يكون بين الأزواج فهم تحولوا غرباء لا يربطهم سوى ورقة عقد ، نظرة مجتمع ، وجود أبناء ، فمبدأ الرحمة و الألفة ، و الاهتمام بالطرف الأخر والمودة التي جعلها الله في طبيعة الحياة الزوجية لا وجود لها بينهما ، كأنهما أجساد آليه خالية من الروح .
فأعظم أسباب هذه الغربة التي ابتُليت بها الأرواح :
الانشغال الدائم بالتكنولوجيا ، ضعف وسوء التواصل الانساني الواقعي الحقيقي ، الجهل بطبيعة الشخصيات ، الفقر بفن التعامل بطريقة تعزز التقارب و التآلف بين الأرواح .