أهمية الوقت في الاسلام

بقلم/ سلوى بنت عبد الباقي الأنصاري

الوقت من أكبر نعم الله علينا ؛ حيث أعطانا وقتا وزمنا للعمل والسعي والمسارعة إلى ما فيه الخير في الدارين ، وهو حياة الإنسان ، إذ لا حياة بلا وقت وهو شريان الحياة وهبة ربانية وكنز ثمين وثروة مهدرة يجب استغلالها واستثمار دقائقها وثوانيها :

دقات قلب المرء قائلة له
إن الحياة دقائق وثوانِ

وهو قصير على من كان همه السعي لإصلاح حاله ومجتمعه ؛ وطويل على من لا هدف له ، أقسم الله سبحانه وتعالى بالزمن في مختلف أطواره في كتابه الكريم وذلك لعظم أهميته في حياة الإنسان قال تعالى : ( والعصر إن الإنسان لفي خسر ).
قال الإمام ابن كثير- رحمه الله – : ( العصر : الزمان الذي يقع فيه حركات بني آدم من خير وشر ). وقد ثبت  في السنة النبوية عدة أحاديث تدل على أهمية الوقت وفضله ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ ) وقال صلى الله عليه وسلم أيضا : ( اغتنم خمسا قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك ) .
وفي هذا الحديث حث النبي صلى الله عليه وسلم الشباب على الحرص على استغلال أوقاتهم في الطاعات ؛ لأن عمر الشباب فيه القوة والنشاط وخفة الحركة وسرعة الإنجاز ، وحذرهم من التكاسل والتسويف حتى لا يندموا في الكبر فيقولوا في حسرة وندامة :

ألا ليت الشباب يعود يوما
فأخبره بما فعل المشيب

قال عبد الله ابن مسعود – رضي الله عنه –  : “ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه ، نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي”.

إذا مر بي يوم ولم أقتبس هدى
ولم أستفد علماً فما ذاك من عمري

وقد اهتم العلماء منذ القدم بالوقت والحث على اغتنامه ومن جملتهم الإمام ابن قيم الجوزية – رحمه الله – حيث يقول: ” الوقت منقض بذاته ، منصرم بنفسه ، فمن غفل تصرمت أوقاته ، وعظم فواته ، واشتدت حسراته ، فكيف حاله إذا علم عند تحقق الفوت مقدار ما أضاع ! ، وطلب الرجعى فحيل بينه وبين الاسترجاع ، وطلب تناول الفائت ، وكيف يرد الأمس في اليوم الجديد “.
وقال الوزير الفقيه يحي بن هبيرة – رحمه الله – :
والوقت أنفس ما عنيت بحفظه
وأراه أسهل ما عليك يضيع

ومن الحكم والأمثال الدالة على أهمية الوقت قولهم ( الوقت كالسيف ، إن لم تقطعه قطعك ) وقولهم ( من علامة المقت ، إضاعة الوقت ) .
والعاقل الموفق من أدرك حقيقة ذلك واستفاد من وقته فيما يرضي الله سبحانه وتعالى .
وقد وصف عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – الدنيا وفناءها ووجوب التزود فيها للآخرة فقال : “إن الدنيا ليست بدار قراركم ، كتب الله عليها الفناء ، وكتب الله على أهلها الظعن . . فكم من عامر موثق ، عن قليل يخرب ، وكم من مقيم مغتبط ، عما قليل يظعن ، فأحسنوا رحمكم الله منها الرحلة ، بأحسن ما بحضرتكم من النقلة ” .
وكان علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – يقول في بعض خطبه : ” إن الدنيا قد ارتحلت مدبرة ، وإن الآخرة قد ارتحلت مقبل ، ولكل منهما بنون ، فكونوا من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، فإن اليوم عمل ولا حساب ، وغدا حساب ولا عمل” .

إنا لـنفـرح بـالأيــام نـقطعــها
وكـل يـوم مضى يدني مـن الأجل
اعمل لنفسك قبل الموت مجتهدا
فإنما الربح والخسران في العمل

شاهد أيضاً

كم كنت عظيماً يا ابي

بقلم : د. علي بن سعيد آل غائب بمناسبة الذكرى الخامسة على رحيل والدي رحمه …

تعليق واحد

  1. مقال جميييل جدا ورائع يدعوا لحفظ واستثمار الأوقات فيما ينفع العبد المسلم في حياته وأخراه.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com