ريان وشركاؤه

بقلم / د.علي السرحاني

تسمّر الملايين لمدة 96 ساعة وأكثر أمام شاشات التلفزة وأرخوا أسماعهم وتحدقت أبصارهم وحبست أنفاسهم ترقباً وتأمّلاً بخروج الطفل المغربي ريان من قعر بئر مظلمة هوى فيها …
والنتيجة قضى نحبه إذ الله أحياه حياة إلى أجل مسمى وتوفاه إذ كانت الوفاة خيراً له . نعم خيرٌ له ، لأن الله ما تردد عن شيء هو فاعله كتردده عن قبض نفس المؤمن، والمؤمن يكره الموت والله يكره مساءته ولكن لابد له منه …( معنى حديث صحيح أخرجه البخاري )
و‏(ريَّان) قصةٌ قصيرةٌ لإنسان؛ جسدت فينا قول النَّبيِّ ﷺ:”مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم: مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضوٌ، تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمى”؛ فالرَّابطة الإيمانيَّة أوثق صلةٍ تجمعنا .

اثبتت الميكنة الإعلامية عدم كفاءتها في التعاطي مع حقوق الطفل ومسؤولياته في الوطن العربي فهناك أخرون من شكل ريان أزواج ما سقطوا في قعر بئر معطلة ولكنهم سقطوا في بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ۚ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ۗ إذ جُندوا وسلِّحوا لإشراكهم في الحروب …وحينها اُغتيلت طفولتهم وصُودرت براءتهم …. مع إن مواثيق الشرف والأنظمة والأخلاق التطبيقية تمنع استغلال الأطفال والاتجار بهم فأين الإعلام عن حقوق الطفل .

يقول أحد الأطفال (الجنود) : ” أبلغ من العمر 12 سنة وأحمل البندقية وعندما أصبح كبيراً، أتمنى أن أعيش طفولتي ”

لقد وقف العالم مع ريان ولكنهم عجزوا عن إنقاذه فلعل العالم يتحرك لإنقاذ إخوانه حول العالم … ويكفي إلقاء نظرة على تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”،عن أحوال أطفال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لمعرفة الظروف القاسية التي تعيشها تلك الفئة، من حروب وجوع، وضعف في الحماية الاجتماعية والصحية.

ولا تسألوا عن إخوان ريان في سوريا
فهم محتجزون في سجن بشمال شرق سوريا، بعد وقوع قتال بين مقاتلين وتنظيم داعش، ويعيشون في ظروف “محفوفة بالمخاطر بشكل لا يُصدق … إذ هناك أكثر من ثلاثة آلاف سجين، من بينهم نحو ستمائة طفل، بعضهم لا تتجاوز أعمارهم 12 سنة، في سجن غويران المعروف باسم سجن الصناعة.

ولا تسألوا عن إخوان ريان في اليمن إذ قتل الصراع الحوثي المسلح أو شوه 2،600 طفل ما بين 2019 و2020؛ هذا وفقا لتقرير جديد للأمم المتحدة .

ولا تسألوا عن إخوان ريان الأطفال الفلسطينيين في سجون الاحتلال منذ 2009، حيث تجاوز (400) طفل في بعض الأشهر، كان من بينهم (116) طفلا تراوحت أعمارهم بين (12 و15 عاما).

ولا تسألوا عن إخوان ريان في العراق إذ هناك 7.3% من الأطفال العراقيين الذين تتراوح أعمارهم بين 5 أعوام و17 عاما، منخرطون في شكل من أشكال عمالة الأطفال، و16% من الأطفال العاملين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاما يعملون في ظروف خطرة.

فعلى الرغم من صدور قوانين ومشاريع حماية الطفل … إلا أن الواقع الميداني يخالف تلك القوانين …فعمالة الأطفال اغتيال للبراءة والطفولة ، والإنسانية .
جناية لا تغتفر وللأسف.

إن على الإعلام إبراز مشاكل الطفولة والإلتفات إليها والإلتفاف عليها
ويا من تعاطف مع ريان في محنته فإن ريان قد مات فانقذوا إخوانه ولو لم يسقطوا في القليب انقذوا إخوانه فقد عجزوا عن توفير مصاريف علاج مرض وأعوزتهم كسوة الشتاء، وفاتورة الكهرباء!

ويا ترى من المسؤول عن إخوان ريان من الأطفال غير الملتحقين بالتعليم في البلاد العربية البالغين 6.188 مليون طفل!؟

رحم الله ريان وحمى شركاءه وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

شاهد أيضاً

كم كنت عظيماً يا ابي

بقلم : د. علي بن سعيد آل غائب بمناسبة الذكرى الخامسة على رحيل والدي رحمه …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com