لا تشمت بأحد.. ليس بيننا وبين المُبتلى سوى سؤال الله العافية.

 

عبدالله سعيد الغامدي.

 

شاءت إرادة الله تعالى أن تكون البشرية في سعيها الدنيوي متقلبة بين العطاء والبلاء، ومحكومة بسُنة الموت التي تؤسس للحظة الانتقالية من الفناء إلى البقاء. وعندما يتأمل الإنسان تجليات الإرادة الإلهية فيما حوله، يوقن بأنه لن يشذ عن غيره في التعرض لسنن الابتلاء بمختلف أنواعها. هذا اليقين يفرض الولاء لمنظومة أخلاقية تعزز التماسك لا الفرقة، وتتيح للأفراد الشعور بقدر من العزاء والتحمل عند حدوث المكروه. من هذا المنطلق تكون الشماتة التي يُبديها البعض تجاه بلاء الآخرين، صورة للعجز الذي يتطرق إلى الكيان الإنساني، فيوهمه أنه استثناء لا تنطبق عليه القاعدة. لذا نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنحى الذي يتخذه البلاء، فيجعل الجميع عرضة لسهامه. يقول في الحديث الذي رواه الترمذي في سننه عن واثلة بن الأسقع: ”لا تُظهر الشماتة لأخيك، فيرحمه الله ويبتليك”. ونلاحظ في مشهدنا الإعلامي الوان الشماتة بين الاخوة والزملاء او بين فريق واخر ونحن جميعاً في مسار واحد وهدف اعلامي الرقي بمجتماعتنا،. يتعلق الأمر بردود الأفعال المصاحبة لمباراة رياضية، أو منافسة فنية، أو تجربة سياسية، أو حتى صوابية طرح فكري من عدمه. ولأن المقاربة الإعلامية تميل اليوم إلى حيث مال المتصفحون، فإنها لا تجد حرجا في تحويل سوء الفهم البسيط إلى حدث يؤزم الوضع بين فريقين شقيقين، وتبرير أشكال العدوان بخطاب شماتة يُهدر الدم والكرامة، ويُجرد الإنسان من معناه. إن شماتة العدو بالمسلمين مفهومة بعد أن تبين الحد الفاصل بين الحق والضلال، لكن ما يحز في النفس حقا أن نعاين مظاهر جلية لشماتة المسلم في أخيه، لمجرد خلاف في الرأي، أو خصومة مذهبية، أو تعدد وجهات النظر لتدبير شأن عام. ويبلغ التشفي أسوأ تعبيراته، حين ينتقل العبد إلى جوار ربه، فيحسم الشامتون مآله قبل يوم الحساب! من حق المسلم أن يفرح بالنصر على الأعداء، واستتباب الأمر بزوال الظالمين، شرط ألا تنقلب الفرحة شماتة؛ لأن المراد من التدافع الحاصل ليس هو الثأر وتصفية الحساب وإنما إخراج الناس من الظلمات إلى النور. لذا حين لعن الصحابة رضوان االله عليهم الرجل الذي أقيم عليه الحد لشربه الخمر، أرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما يغلق باب الشماتة. علية افضل الصلاة وأتم التسليم. وفق الله الجميع

شاهد أيضاً

رحل عامر المساجد

بقلم/ عوض عبدالله البسامي مات الهدوء ومات اللين والحلم وغربت التؤدة والأناة مات الشيخ الوقور …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com