اختلاف قناعات..

بقلم _ فلوة العائض

ذات يوم كنتُ جالسة على كرسي من كراسي الانتظار في إحدى البنوك انتظاراً لدوري للدخول على مديرة ذلك البنك.
كانت أوراقي معي جاهزة فلا أحب الانتظار في حالة قالوا لي:(اكملي أوراقكِ وبالغدِ سنكمل).
جلستُ اقرأ في تلك الكتيبات الصغيرة الموجودة أمامي على الطاولة وكان يجلس بجواري عدة فتيات يتحدثن في مواضيع كثيرة أساسها(تيك توك).
في لحظةٍ ما وعندما كنتُ منسجمة في إحدى النشرات الموجودة ربّتت على يدي إحداهن لتسألني:
هل لديكِ (تيك توك)؟
ومن المشهورات اللاتي تتابعينهن؟
حقيقة تفاجئتُ من سؤالها وتعجبت لأن هذه الأسئلة يتكرر علي سماعها.
هل من المفروض على من يملك جوال تحميل جميع وسائل التواصل الاجتماعي ليكون برستيج وراقي في مسايرة العصر هل واجبٌ علي تحميل كل التطبيقات لمتابعة يوميات لا تفيدني بشيء.
نحن في عصر رقمي يتوجب علينا فهمه لاستخدامه فيما يفيدنا وإن لم نحتاج له فلا نُسيء مفاهيمه بسوء استخدام وسائله.
أثناء انتظاري نادت إحدى موظفات البنك اسمي للدخول على مديرة البنك.
فقبل ذهابي كررت علي تلك الفتاة سؤالها
هل لديكِ (تيك توك)؟
ابتسمتُ لها وقلت:
بكل سرور لا أملك(تيك توك).
إجابتي على سؤالها لم تكن ذات أهمية بالنسبة لي لكن ردة فعلها جعلتني في حالة ذهول منها
(كيف لاتملكين تيك توك).
شعرتُ حينها وأنا أسير بخطواتي نحو الوجهة التي أتيتُ لأجلها وهي خلفي تُتمتم بأنني في عالمٍ مُشفر لن أتقدم به إلا بفك رموزه.
_أهلاً بكِ.
_كيف أخدمكِ.
_أود فتح حساب لديكم وهذه أوراقي كاملة.
بعد عدة دقائق وبعد عدد من الأسئلة المعتادين على سماعها في أي بنك .
فجأة فاجئتني بسؤال:
هل لديكِ حساب في(التيك توك)؟
حقيقة شعوري حينها مبعثر على رصيف هار كلما وقفت عليه اضطرب وإذا أبتعدت عنه لايوجد غيره لأعبر إلى المنطقة الآمنة التي أريدها.
بكل أريحية قلتُ لها لايوجد لدي(تيك توك).
فعمّ الصمت منطقتي انتظاراً أن تنهي تلك المديرة اتصالاً كان مع صديقتها وأثناء تلك المكالمة كانت الأفكار تحوم بدائرتي باحثة عن فكرة تُضيء درب تساؤلي.
بعد إنتهاء المكالمة بادرت بسؤالها
_ماهو المحتوى الذي تريديني تقديمه في التيك توك؟
_ألستِ كاتبة فليكن محتواكِ عن الكتابة أو عن أي شيء أنا سأفتح لي حساب به وسأقدم محتوى يناسبني أحصل على(مال )منه.
رأيتُ في عينيها حماس شديد للأخ(تيك توك)
وكانت تحاول إقناعي في تقديم محتوى به.
عدتُ إلى المنزل لا أستطيع وصف حالتي مما رأيت ومما سمعت عن(التيك توك).
أردت تحميله ورؤية المحتوى الموجود به فحملته ومن النظرة الأولى للمحتوى رأيتُ شابين في العقد الرابع من العمر يتحدثا بجرأة مع فتاة ببث مباشر والتعليقات كانت بين فيسات مضحكة والأخرى مستنكرة.
الطابع الأول ترك فيني إصرار عدم قبوله في جهازي فحاولت في تقبل فكرة وجودة ومحاولة تقديم محتوى يناسب ذائقتي لكنني لم أستطيع قبوله فحذفته،نعم حذفته لقناعتي الداخلية بعدم تقبله.
الكثير يبحث في تقديم ماهو مفيد ومميز كالأشجار الخضراء التي تُزهر بظلها وثمارها.
وفي المقابل الآخر هناك من يقف على المركب ليبحر عليه لأي مكان المهم لديه الوصول.
وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين و(التيك توك) وسيلة من الوسائل لإيصال فكرة هدف أو كسب رزق منه كل شخص لديه قناعة خاصةٌ به نحوه وأنا لستُ مجبرة في تقبله فهو لايناسب ميولي واختياراتي ولستُ مضطرة في فرضهِ على الغير أو حذفه من أجهزتهم فلكل منا قناعة.
في ذلك اليوم الذي خرجتُ منه من البنك قابلت به عدة قناعات وعند دخولي لرؤية محتوى(التيك توك) شاهدت الملايين من القناعات ولم تستطيع إقناعي في تقبله فلدي قناعة وأعتز بها فلا يعني ذلك أن ليس لدي ثقافة لأصبح أديبة به الأساس هو في القناعة واختلافها وليس في اختلاف الثقافات .
للأسف لم أخبر تلك المديرة بأنني لا أملك أيضاً (سناب) مع(التيك توك) حتى ترفض أن أكون إحدى عملاء البنك مع سبب عدم إكمالها طلبي بحجة أن الموقع لايستجيب وأن البنوك الأخرى ستقدم لي الخدمة أفضل من بنكها.

شاهد أيضاً

رحل عامر المساجد

بقلم/ عوض عبدالله البسامي مات الهدوء ومات اللين والحلم وغربت التؤدة والأناة مات الشيخ الوقور …

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com