بقلم : بلســــم الألمعـي
مما لا يخفى على كل قارئ نهم ومطلع ، أن سبب تسمية داء الصرع بداء العظماء و هو لكثرة العلماء والأشخاص الذين برزوا في التاريخ مصابين بهذا الداء ورغم انتشار هذا الداء عالميـاً ليس الوطن العربي فقط ، الا والى يومنا هذا لا زال هناك نظرة رجعية له ، أثرت هذه النظرة الى تراجع بعض مصابين داء العظماء في الزيارة الى طبيب مختص للتحكم في النوبات بجرعات علاجية محددة .
– أبرز شخصيات التاريخ المصابين بالصرع :
1- سقراط / فيلسوف يوناني أحد أشهر الشخصيات في التاريخ البشري مصاباً بالصرع .
2- أرسطو / أشهر شخصية كان له تأثير في العلوم مثل علم الحيوان ، الأحياء الأخلاق، السياسة ، الفيزياء ، الميتافيزيقيا كان أرسطو المعلم الأول للإمبراطور الاسكندر الأكبر الذي كان مصابا بالصرع أيضا .
3- فيثاغورث / عالم رياضي وفيلسوف إغريقي تُدرس نظرياته في الرياضيات الى يومنا هذا .
4- اسحاق نيوتن / من اعظم علماء القرن 18 أشهر عالم رياضيات وفيزياء كان ايضاً يصاب بنوبات فقدان الوعي الصرعية والشرود الذهني ورعشة العين .
5- ديستوفيسكي / أديب وروائي روسي ( من منا لم يقرأ له رواية في يومنا هذا ؟ ) له سلسلة كبيرة من الروايات الأدبية ذات التحليل النفسي متواجدة في مكتباتنا الى الآن يطبع منها المئات والمئات .
– نظرتنا الخاطئة :
كمجتمع عندما نسمع عن شخص يعاني من الضغط أو السكر أو القلب أو الربو فنحن تلقائياً نتعاطف مع هذه النوعية من الأمراض فهو يعاني من القلب لأنه قلبه ضعيف ، يرتفع ضغطه لأنه حساس ، يشكو من السكر لأنه وراثي !
ولكن عندما نقول فلان يعاني من نوبة صرع أو تشنجات أو زيادة تفريغ كهربائي أو حتى تصلب لويحي ، فإننا وبشكل مباشر – نطلق الأحكام – ولا تأخذنا العاطفة تجاههم بل نسندها الى لما له علاقة بالعالم الآخر(الجن) أو أنه مس شيطاني ،أخذتنا العادات الجاهلية التي تفتقر وبشدة الى أدنى درجات العلم والمعرفة الى تصنيف الأمراض – فهناك بنظرهم أمراض مرجعيتها – الإنس – وهناك أمراض مرجعيتها الجن ومن سوء حظ مرضى الصرع والأمراض العصبية أنه تم تصنيفهم الى مرجعية الجن أو الشياطين !!
لو لم يكن بيننا وبين الجن حاجز من الله لنطقوا من ظلم الإنس لهم …
بلا أدنى شك نؤمن بوجود – العين والسحر والحسد مذكورة بالقرآن الكريم حقيقة لا نستطيع انكارها ، لكن لماذا نسند المرض العصبي – بشكل خاص – الى العين والسحر والحسد ، هل تعلم أنه من الممكن أن مرض الضغط والسكر والقلب قد يكون علامة ايضاً على وجود العين ، الحسد ، السحر؟
تركيبة الجسد واحدة يتكون من مجموعة أجهزة ، كل جهاز يتكون من مجموعة أعضاء تعمل هذه الأعضاء وفق مجموعة وظائف physiology بناء على تركيبها التشريحي structure تتناغم مع بعضها البعض وفق قدرة ربانية عظيمة .
يوجد الجهاز العصبي مثلاً – كجزء من تركيب الجسد الواحد له مجموعة اعضاء مثل الدماغ والمخ والمخيخ والنخاع ويصل بينها سيالات عصبية تتواصل هذه الاعضاء بينها البين عن طريق هذه الشحنات الكهربائية قد يصيبها بعض الاضطرابات – الامراض – والتي لها دواء طبي ودواء غذائي ودواء روحي بحسب – سبب – الاصابة يكون العلاج .
أيضاً جهاز الدوران الدموي مثلاً – كجزء من تركيب الجسد الواحد يتكون من القلب والدم والأوعية الدموية قد يصيبها بعض الاضطرابات – الامراض – والتي لها دواء طبي ودواء غذائي ودواء روحي وبحسب المسبب الرئيسي يكون العلاج .
كذلك باقي الاجهزة في جسم الإنسـان تعمل بنفس التناغم وفي حال الاصابة لا قدر الله بأي نوع من الامراض فإنه يتم العلاج فلكل داء دواء .
لذلك يجب أن نتوقف عن تصنيف الأمراض بهذه المرجعية التقليدية وإطلاق الاحكام ، إصابة احدهم بنوبات الصرع أو التشنجات أو كهرباء المخ او زيادة تفريغ للشحنات الكهربية لا يعني أنه ” تلبسه الشيطان ” فالصرع الآن أصبح ضيف كل أسرة – يصيب الأطفال أيضا والمواليـد – الكبار والصغار – الذكور والإناث .
مما يميز داء العظماء :
هو من أكثر الحالات التي يسهل السيطرة عليها وفق خطة علاجية بجرعات محددة توصف من قبل الطبيب المختص ومن الأمراض التي سجلت نسبة تعافي ليست بقليلة ، أي أنه مرض قابل للشفاء .
رسالة لأهل المريض/المصاب :
– قدرتكم على التقبل والتعامل مع مريضكم يساعدكم جميعاً في تخطي ما ترونه أزمة،مريضكم غير متلبس بالشياطين ما لم يثبت المُعالج بالقرآن والرقية الشرعية والحامل لرخصة العلاج عكس ذلك .
– طريقة اسعاف المريض عند حصول النوبة أهم من العلاج نفسه وهي كالتالي :
1- قم بإبعاد أي ادوات حادة او زجاجية بجوار المريض .
2- ضع المريض على جنبه ، لا تقم بتثبيت جسمه – إن ما يحصل هو مجرد تفريغ للشحنات داخل الجسم يظهر بشكل اهتزازات للجسم دعها تسري بسلام .
3- من المهم ان لا يعض المريض على لسانه ، يوضع قطعة قماش بين الفكين – تجنب وضع أي شي آخر قد يؤذيه .
4- يجب تهوية الغرفة فهو يحتاج للمزيد من الأوكسجين والهواء، لا يتجمع افراد الاسرة جميعهم فوق رأسه ! فقط المسعف .
5- سجل بدفتر أو جوالك تاريخ حصول كل نوبة في السنة وكم دقيقة تستمر النوبة اثناء حصولها – هل هي ثلاث دقائق او اقل – وهكذا – هذه معلومات مهمة للطبيب لتحديد خطته العلاجية .
6- بعد استيقاظ المريض يشعر ببرودة شديدة في جسمه نتيجة التفريغ وقد يتملكه صداع شديد نتيجة رغبته في التذكر فيما حدث له – لذلك ضع على المريض البطانيات من واحدة الى اثنتين – جاوب بدون خوف او تردد كل سؤال يسألك (لأنه يريد معرفة ماذا حصل له )
فهو يجد صعوبة في التذكر بعد النوبة – أخبره بأنه حصلت لك النوبة في المكان الفلاني – سمعنا صوتك – قدمنا لإسعافك – لم تتأثر بأي إصابة أخرى لأننا قمنا بتجنيب كل ما يؤذيك ، قد يكرر المريض نفس السؤال عشر مرات – حتى تعود ذاكرته للتذكر – دعه يخلد الى النوم
7- يمنع منعاً باتاً – نكرر – يمنع منعاً باتاً وضع حبوب الدواء في فم المريض أثناء حصول النوبة هذا خطأ فادح قد تسبب في مقتله .
رسالة لمصاب داء العظماء :
انت كإنسان طبيعي يحق لك عيش الحياة تماماً بشكلها الطبيعي يحق لك أن تتزوج – تنجب – تربي – تدرس – تمارس عملك – تقود السيارة – ولكن بشرط واحد أن تكون النوبة تحت السيطرة تماماً ، تجنب الإسراف في شرب المنبهات من الكافيين أو مشروبات الطاقة او حتى الأعشاب مثل الميرامية وزهور الربيع – تجنب كل ما يتعارض مع علاجك ، التزم بخطة علاجك ، لا تتهاون في أخذ الاحترازات والاحتياطات ، ومن المهم أن تعرف أن لكل نوبة او حالة يأتي قبلها أعراض خفيفة تسمى النسمة تنبئك بقدوم الحالة اعرفها جيداً ، واعرف نفسك جيداً وتذكر أن الرسول صل الله عليه وسلم في حديث فيما معناه أن جزاء من صبر واحتسب له الجنة .
ختاماً :
للمبتدئين في هذا الداء ، عندما تتبين اصابتك به وفق التخطيط E.E.G وهو اختصار الاحرف الاولى بالإنجليزي ElectroEncephaloGraphy وهو اختبار يكشف النشاط الكهربائي وعلى اساسه تحدد الخطة العلاجية ونوع العلاج ، فأول سؤال قد يتبادر لذهنك – بحسب تجارب الكثيرين معه – وهو سؤال ( لماذا انا بالذات اصبت به ؟ ماذا اقترفت من ذنب ؟ ماذا عملت حتى يجازيني بذلك) وإجابتي لك على ذلك هو ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) حياتك منذ أن كنت جنين في رحم أمك مكتوبة – حياتك لرب العالمين منذ الولادة الى الممات مسجلة في عليين فعندما يكتب لك أمر تأكد تماماً ويقيناً أن فيه الخيرة الكثيرة ما لا تعلمها .