بقلم حسن عايض آل معدي
عندما يمرض الإنسان تتوقف عنده جميع مغريات الحياة، يتنازل عن البرستيج ويتبرأ من العنصرية والطبقية، ويتمنى العافية ولو فقد مكانته وجميع ألقابه؛ لذا نجد أن المرض يعلمنا بشكل حقيقي (تفاهة الحياة).
وكذلك عندما يمرض أحد أبنائك أو والديك، وتجده أمامك يعتصره الألم، ويفتك بجسده السقم، وأنت مكبل اليدين تراقب ردود أفعاله وعينك على عقارب الساعة بانتظار موعد أدويته، لِتَهْرَع إلى علب الدواء، يَحْدوك الأمل مع كل حبة لعلها تكون ترياق الشفاء الذي أذن الله به!
عندما تمر بالطرق المجاورة لمباني المستشفيات وتعلم بأن هذه الكتلة الخرسانية الضخمة تحوي بين جدرانها آلاف القصص من الآلام، وفي ممراتها تَسري زَفَرات الأنين، وخلف ستائر الأسرة تسمع تمتمات المرافقين يتلون الآيات لتعينهم على كَدَر الموقف وضعف الحيلة، وكلما زادت ساعات المساء الشتوية زادت معها المعاناة، وتمددت فيها الآلام، وشرع الحزنُ فيها أبوابَه.
إن من حسنات المرض أنه يجرد الإنسان من كبره وغطرسته، وينخر تعالِيَ نفسه وغروره، ويخبره بأن الدنيا ليست بتلك الأهمية التي يعتقدها، وأنها بما فيها من مغريات لا تساوي ساعة مرض واحدة.
ليس للمرض محب، ولكن ما يسلي النفس عند الابتلاء هو الأجر العظيم الذي يرجوه المريض وذَوُوه من رب العالمين؛ وذلك ما يقوي عزائمهم، ويبث في أنفسهم الطُّمأنينة والسكينة. والأجر هنا فرصة عظيمة -لنيل رضا الله والتقرب منه- قد لا ينالها الإنسان بالعافية.
رسالتي هنا، احذر أن تغريك عافيتك فتبطش وتتكبر، وتشغلك صحتك عن التفكير في فضل الله عليك؛ فلن تدوم لك الدنيا ولا لغيرك.
كلام صحيح مليون بالمئة ، سلمت يداك يا أستاذ حسن